الشارقة: علاء الدين محمود نظم بيت الشعر في الشارقة مساء أمس الأول ندوة بعنوان (ترجمة الشعر.. الآفاق والتحديات)، شارك فيها كل من: الدكتور غانم السامرائي، د. شهاب غانم، ولقيت الندوة حضوراً وتفاعلاً كبيرين وحضرها مدير بيت الشعر الشاعر محمد البريكي، وجمهور من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين. مقدم الندوة نوزاد جعدان وصف الموضوع بالإشكالي، متناولاً المعوقات والتحديات التي تواجه ترجمة الشعر، سارداً تجارب بعض الشعراء مع ترجمة الشعر، حيث ذهب كثير منهم إلى صعوبة ترجمته، ومنهم من يرى فيها محاولة عقيمة تماماً، بينما يذهب البعض إلى أن الترجمة الوحيدة الممكنة هي إعادة كتابة القصيدة وإنتاجها من جديد، فاللغة خؤون في أصل وضعها لا تنقل المعاني بأمانة، وأشار جعدان إلى صعوبة المهمة، فكان أن رمى الكرة في ملعب الضيفين المتحدثين في الندوة، مستعرضاً السيرة الكبيرة لكل منهما. الدكتور غانم السامرائي وبخبرة أكاديمية طويلة في هذا المجال، عرج على كثير من القضايا المتصلة بالترجمة، وذكر أن هنالك مقولات كثيرة في هذا الصدد يتفق مع غالبيتها، ويختلف مع الآخر، لكنه أقر بأن هنالك إشكالية كبيرة جداً في ترجمة الشعر، ورأى أن الترجمة عموماً هي موضوع إشكالي، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية أو سياسية أو عسكرية، وفي الأدب تزداد المسألة صعوبة وتزداد أكثر هذه الصعوبة في ترجمة الشعر، ورأى د. السامرائي أن استعراض بعض المواقف العامة في الحياة يكشف أن هنالك عبارات أو كلمات أو اصطلاحات أو جملاً، يصعب ترجمتها حتى وإن كانت السياقات غير أدبية، وأكد صعوبة الترجمة ومتعتها في آن واحد، ولهذا لم يتوقف المترجمون منذ قرون عن تناول كل أصناف العمل الأدبي ونقلوه إلى لغات أخرى، مشيراً إلى أن من يتصدى للترجمة، إما أنه يريد أن يطور قدراته، وإما أنه يعشق هذه القطعة الأدبية فيقوم بترجمتها، وهنالك بالطبع نوع آخر من الترجمة أسبابه مادية بحتة. وأقر د. السامرائي بوجود ركود في الترجمة، غير أنه رأى أن هذا الركود هو في الترجمة الجيدة، أما غير الجيدة فهي تملأ الساحات، كما تناول الصعوبات التي تواجه ترجمة النص الشعري، بالتركيز على الإشكاليات المصاحبة للترجمة مثل اللغة التفسيرية، والحذف وتغيير زمن الفعل، وتغيير الصورة الاستعارية، والأخطاء الناتجة عن فهم المفردات. وقال: إن الأكاديميين الذين يشتغلون في الأدب والترجمة الأدبية، يقولون إن الشعر هو أكثر الأصناف الأدبية خسارة في الترجمة، وإن الشعر لا ينفصل عن اللغة الأم، فالقصيدة العربية لا تنفصل عن سياقات اللغة العربية جسداً وتشكيلاً وصورة وصوتاً وهكذا، فالشعر مرتبط بثقافة الأمة ويصعب نقله إلى لغة أخرى دون خسارة أو ضياع لبعض ظلال المعاني، كما إن عدم الانتباه للسياق الثقافي للكلمة يوقع في عدم الضبط. ولفت د. السامرائي إلى ضرورة فهم السياق الثقافي، لكي يتحقق فهم القصيدة، فاللغة الأصلية توفر استعارات لا تتوافر في الأخرى، فكلمة أبيض مثلاً في الثقافة العربية تختلف عنها في الإنجليزية، فدلالة الوردة البيضاء في العربية تختلف تماماً عنها في الثقافة الإنجليزية، مقدما أمثلة وشروحات وافية لتلك المعاناة. الدكتور شهاب غانم سرد جوانب كثيرة في علاقته بالترجمة الشعرية، وهي علاقة بدأت معه منذ بواكير عمره، كان منبعها تأثره الكبير بأستاذ بريطاني متمكن في المرحلة الثانوية، والذي شكل لديه دافعاً للترجمة، ونبه د. غانم إلى ضرورة أن يكون الشاعر مطلعاً على اللغتين، لغته، وتلك التي يريد الترجمة إليها. وأشار إلى ضرورة حسن اختيار النص، فليس كل الشعر تسهل ترجمته، مشدداً على أن الترجمة الحرفية غير مجدية، ودفع بصعوبة الترجمة الشعرية فمعظم الشعر الموزون يترجم منثوراً، مفضلاً أن يكون المترجم شاعراً متمكناً متفاعلاً تفاعلاً كبيراً مع النص وقادراً على هضمه، مشيراً إلى أن هنالك شعراً عابراً للغات. كما أكد أن ترجمة الشعر غير مجدية مادياً، لكن المتعة تجعل المترجم يواصل هذا العمل الثقافي والإبداعي.. وتحدث د. غانم على إسهاماته الغزيرة في ترجمة كثير من الأعمال الأدبية الإماراتية. الحضور تفاعل كثيراً مع أطروحات المتحدثين، وقدموا مداخلات أثرت وأضاءت جوانب عديدة في قضية الترجمة، وفي الختام قام الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر بتكريم المشاركين.
مشاركة :