أشار تقرير نشر في «بروجيكت سنديكيت» إلى أن الزيادة في تدفقات السلع والخدمات ورؤوس الأموال والابتكار التكنولوجي عبر الحدود جعلت دول العالم مترابطة جداً، مما رفع المطالب الخاصة بالحاجة إلى قواعد واتفاقيات ومؤسسات عالمية. شهدت مطالب تبني ما يسمى بـ «الحكم الدولي» انتشارا واسعا خلال الفترة الماضية، في حين أن قدرته على تحسين أداء الاقتصاد العالمي تبدو محدودة للغاية، مع إمكان تسببه في أضرار كذلك. وأشار تقرير نشر في «بروجيكت سنديكيت» إلى أن الزيادة في تدفقات السلع والخدمات ورؤوس الأموال والابتكار التكنولوجي عبر الحدود جعلت دول العالم مترابطة جداً، مما رفع المطالب الخاصة بالحاجة إلى قواعد واتفاقيات ومؤسسات عالمية. تباين طبيعة المشكلات - أصبح هذا الادعاء مقبولا بشكل واسع اليوم، إلا أن ما يمكن أن يكون صحيحا بالنسبة لمشاكل عالمية مثل تغير المناخ أو الأوبئة قد يكون خاطئا بالنسبة إلى معظم المشاكل الاقتصادية. - الأمر الذي يجعل تغير المناخ مشكلة تحتاج إلى تعاون عالمي هو أن كوكب الأرض بأكمله يمتلك نظاما مناخيا واحدا، حيث لا يهم مكان انبعاثات الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري، ما يجعل القيود الوطنية للحد من هذه الانبعاثات أمرا بلا فائدة على النظام العالمي، مادامت هناك دول أخرى لا تطبق نفس السياسات. - على النقيض من ذلك، فإن السياسات الاقتصادية الجيدة تفيد الاقتصاد المحلي أولا وقبل كل شيء، كما أن أضرار السياسات السيئة تنعكس على الاقتصاد المحلي للدولة ذاتها أيضا. - يتم تحديد الوضع الاقتصادي لكل دولة على حدة بناء على ما يحدث في تلك الدولة وليس في خارجها، حيث إنه في حال كان الانفتاح الاقتصادي غير مرغوب فيه، فإن الأمر يكون بسبب أن هذه السياسة في مصلحة الدولة وليس من أجل مساعدة الآخرين. خصوصية المسائل الاقتصادية - قد تأتي المصلحة المحلية على حساب دول أخرى، ما يطلق عليه «سياسة إفقار الجار»، حيث إنه في بعض الحالات تعتبر مكاسب دولة خسارة لبقية الدول، كما تظهر آلية تدعى «التعريفة المثالية»، حيث تعالج بلدا كبيرا معدلات التبادل التجاري من خلال فرض قيود على وارداتها، إلا أن هناك قواعد عالمية تحظر هذه السياسات. - تعتبر معظم القضايا التي تشغل صناع السياسات الاقتصادية حول العالم بعيدة عن هذا النوع، حيث تبرز مثلا مسألة الإعانات الزراعية في أوروبا، واستخدام قواعد مكافحة الإغراق في الولايات المتحدة، وهي تعتبر سياسات داخلية تكمن فوائدها وخسائرها في الدولة نفسها، رغم أن لها آثارا سلبية على الدول الأخرى أيضا. - يتفق الاقتصاديون على أن الإعانات الزراعية في أوروبا غير فعالة، كما أن فوائدها تعود على المزارعين وحدهم مقارنة بتكاليف كبيرة على بقية الفئات في القارة، في شكل ارتفاع الأسعار والضرائب. - انتشار هذه السياسات ليس بدافع انتزاع المزايا من البلدان الأخرى، ولكن لأهداف أخرى تتعلق بالمنافسة المحلية والصحة العامة، وهي دوافع اقتصادية في الأساس، كما ينطبق الأمر ذاته على الأنظمة المصرفية التنظيمية أو سياسات الاقتصاد الكلي، والتي قد تؤدي إلى تفاقم دورة الأعمال التجارية وتسبب عدم الاستقرار المالي. محدودية أثر التعاون الدولي - أظهرت الأزمة المالية العالمية في 2008 أن الآثار المترتبة التي قد تتجاوز حدود الدولة قد تكون بالغة الأهمية، ولكن إذا فشل المنظمون في الولايات المتحدة في القيام بواجبهم، فإن الأمر ليس بسبب استفادة اقتصادهم مع إضرار الدول الأخرى، حيث إن الاقتصاد الأميركي عانى أكثر من غيره بسبب الأزمة. - قد تكون أكبر خيبة أمل للسياسة الاقتصادية في الوقت الحالي تتمثل في فشل حكومات الدول المتقدمة في مواجهة ارتفاع عدم المساواة في الدخول، وهو الأمر الذي تعود جذوره إلى سياسات داخلية وسيطرة النخب المالية والتجارية على عملية صنع السياسات. - تعتبر الملاذات الضريبية العالمية مثالا على سياسات «إفقار الجار»، إلا أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بإمكانها القيام بالكثير للحد من التهرب الضريبي في حال رغبت في ذلك. - تشير هذه الحقائق إلى أن المشاكل الاقتصادية الحالية لا ترتبط بالافتقاد إلى التعاون الدولي، حيث إنها تمتلك طبيعية محلية، ولا يمكن إصلاحها من خلال قواعد يتم فرضها من مؤسسات دولية. تحسين السياسات المحلية فرعي - قد يكون من المهم خلق معايير عالمية ومتطلبات إجرائية تهدف إلى تحسين نوعية السياسات المحلية، مثل دعم الشفافية والمساءلة، واستخدام الأدلة العلمية أو الاقتصادية في الإجراءات المحلية، دون تقييد النتيجة النهائية. - تقوم بعض المؤسسات العالمية بالفعل باستخدام هذا النوع من الاشتراطات، حيث إن اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن تطبيق تدابير الصحة يتطلب صراحة استخدام الأدلة العلمية حينما تظهر مخاوف صحية خاصة بالسلع المستوردة. - يمكن أن تستخدم القواعد الإجرائية المماثلة على نطاق أوسع من ذلك بكثير، ومن أجل تأثير أكبر على تحسين عملية صنع القرار المحلي، مثل قواعد مكافحة الإغراق، التي قد تتحسن من خلال اشتراط أن تتضمن الإجراءات المحلية مصالح المستهلكين والمنتجين التي قد تتأثر سلبا برسوم الاستيراد. - كما يمكن تحسين قواعد الدعم في البلدان من خلال المطالبة بتحليلات للتكاليف والفوائد والتي تنطوي على عواقب محتملة للكفاءة. (أرقام)
مشاركة :