المريخي: شكر النعمة عنوان على الاستقامة

  • 8/20/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال فضيلة الدكتور محمد حسن المريخي إن شكر النعمة قولا وعملا من علامات التوفيق للعبد، وعنوان على استقامته ونجاته، مستشهدا بقول ابن القيم رحمه الله: "الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافا، وعلى قلبه شهودا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادا وطاعة. وأضاف د. المريخي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور أن العبد لا يعد شاكرا لربه حتى تظهر آثار الشكر عليه، من ترديد الحمد والثناء على المولى عز وجل، ودعوة الناس لأن يشكروا ربهم، بتذكيرهم بالنعم وتنبيههم إليها، ثم شكر العبد لمولاه بجوارحه يعني يؤدي شكر الله بالعمل بطاعته والمسارعة إلى أداء ما افترض عليه، والتقرب إليه بالنوافل والمستحبات المسنونات. وافتتح فضيلة الخطبة بعدة أمثلة من الحياة الواقعية قائلا إن الواحد منا لو أحسن إليه إنسان مثله فأخرجه من ضائقة أو قضى له حاجة من الحوائج أو أعانه على أمر ما، أو حتى لو عامله بلطف، فإنه لا يعرف كيف يشكره ويرد جميله، بل قد يعتذر إليه له بأنه عاجز عن الشكر، وأن لك فضلا علي لا أدري كيف أرده أو أجازيك عليه، أو من هذه العبارات التي تبين امتنان الإنسان بما قدم له إنسان آخر، مضيفا أن هذا الإنسان قد يكون أحسن إليك مرة واحدة، ولكنك لا تنسى فضله ومعاونته، فكيف بمن أنت كلك من إحسانه ومنته وهو خالقك ورازقك والمتفضل عليك منذ كنت نطفة إلى أن سواك بشرا سويا، وأسبغ عليك نعمه بعد ذلك ورادف عليك مننه حتى أغناك بفضله عن سؤال الناس، وبحلاله عن حرامه. شكر الأنبياء وخاطب د. المريخي المصلين قائلا: "إن الله تعالى أمر عباده بشكره على نعمه، والاعتراف بفضله ومنته، وبذلك أمر عباده بالشكر بدءا بالأنبياء والمرسلين، فقد قال سبحانه تعالى لنبيه موسى عليه السلام: {فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}، وقال لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}، ثم أمر عباده بالشكر له سبحانه ووعدهم بالخير وتكثير النعم فقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، ووعد عباده الشاكرين بالجزاء الأوفى والمحبة الربانية كما في قوله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} وقوله: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}، وكان رسول الله يعلّم الأمة شكر الله قولا ويدعوهم إليه وعملا، ويمارسه بينهم، فكان يقوم يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه من طول القيام، فقد ذكر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم يصلي حتى تنتفخ قدماه أو ساقاه، فقالت له عائشة رضي الله عنها: "أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال: "أفلا أكون عبدا شكورا" رواه البخاري ومسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: "يا معاذ أوصيك أن لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح. خطورة إخلاف الوعد وفي السياق ذاته قال المريخي للمصلين إن الله تعالى قد أعاب على أقوام من عباده عاهدوه لئن أعطاهم وأغناهم ليكونن من الشاكرين له، المعترفين بفضله قولا وعملا، رازقين عباده المحتاجين سادين جوعهم، قاضين حوائجهم فأخلفوا ما عاهدوا الله عليه، فعاقبهم عقابا خسروا به الدنيا والآخرة، فقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ*فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} فكانت العقوبة: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} وهدد الآخرين: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}. نعم الله لا تحصي وأفاد الخطيب بأن نعم الله تعالى علينا كبيرة وكثيرة، قائلا بأنها لا تعد ولا تحصى، وأن الله تعالى يقيدها ويثبتها بين أيدينا بشكره والاعتراف له بالعمل قبل القول، لأن زوالها بلية استعاذ رسول الله منها فقال: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك" فزوال النعم عسر وضيق ومشقة وأن النعم لا تراها العين ولا تشعر بها النفوس إلا إذا زالت وتبدلت ومن أراد أن يعرف نعمة الله تعالى علينا فلينظر إلى من تواضعت الأرزاق والنعم عندهم. ودعي المريخي للوقوف عند نعمتين فقط من نعم ربنا علينا التي لا تعد ولا تحصي، هاتان النعمتان هما التي ذكرهما الله تعالى في قوله: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ*الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} نعمة الشبع وسد الجوع ونعمة الأمان وانظروا كيف يقتل الجوع وقلة الغذاء البلدان والناس ويقضي على أمم في ظرف أيام معدودة، يموت الإنسان تحت شجرة أو يجلس في مكان ينتظر الموت ليأتيه فيأخذه، يموت الإنسان هكذا برخص. وأضاف: "وانظروا كيف أطعمنا الله تعالى وأشبعنا، بل خيرات ربنا لا نعرف أين نضعها، ومنا من يسرف ويبذر كما تعلمون، ثم انظروا إلى نعمة الأمن والأمان والاستقرار بلدة طيبة ورب غفور، يأتينا رزقنا بإذن ربنا من كل حدب وصوب. أمن وأمان لا مثيل له، نسأل الله تعالى ألا يغير علينا أمننا وأماننا، فهل نحافظ على هاتين النعمتين فضلا عن نعمه كلها". واستشهد بقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، منبها على مفهوم المخالف للآية: فمن مس الظلم إيمانهم فلا أمان لهم، فالطاعة لله رب العالمين والوقوف عند حدود، هي القيد الذي تقيد به النعم والمعصية هي البلية التي بسببها تتغير النعم {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} تبدل عليهم الأمن بالخوف، والشبع بالجوع وهاتان بليتان أقام العالم اليوم منظمة كاملة للبحث فيها، وتعقد المؤتمرات العالمية هنا وهناك من أجل توفير الأمن والغذاء ولن يتوفر هذا حتى يؤمن البشر بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا. وختم فضيلته الخطبة بنصيحة قال فيها: شكر النعم يا عباد الله أمان من العذاب، وكذلك الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد الله ودينه، والعمل بشريعته مستشهدا بقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فلتتفكروا أمة الإسلام في نعم الله تعالى عليكم، وانصحوا أنفسكم وإخوانكم واتعظوا بما في كتاب ربكم وسنة نبيكم من المواعظ من حال الشاكرين وعاقبة الجاحدين ومصير العصاة والمجرمين.;

مشاركة :