دعي الممثل السينمائي والمسرحي (بيتر أوستينوف) إلى إلقاء خطاب التخرج في مدرسة ثانوية إنجليزية، وقبل موعد الخطاب أعلن رئيس المدرسة رسوب طالبين في الصف المنتهي، ولما اعتلى أوستينوف المنبر، قال: «إني لا أحمل أي درجة جامعية أو لقبًا علميًا، لكن العالم يحتاج إلى هذا النوع من الناس، وإني أقف إلى جانب الطالبين اللذين رسبا وقوفي إلى جانب الأقليات كلها، ولو كنت طالبًا في هذه المدرسة، لكان من الراجح أن يصبح عدد الراسبين ثلاثة. إن الذين لا يبلغون الذرى يبقى لهم مكان في هذا العالم الكبير» - انتهى. رغم أن هذه ليست بقاعدة، فإنه صادق فيما أشار إليه، لأن الشهادة ما هي إلاّ تذكرة مرور لخوض الحياة الحقيقية العملية، بحلوها ومرها، ولا يمكن أن أنسى بعض الزملاء الأذكياء النوابغ الأوائل في درجاتهم، وعندما أبحث عنهم الآن، لا أجد مع الأسف واحدًا منهم. في حين أن بعض من كانوا ينجحون (بالدف) تغيروا بعد حين، واستغلوا الظروف، واشتغلوا على أنفسهم، ووصلوا إلى أعلى مراتب النجاح في حياتهم العملية. الذي أريد أن أصل إليه هو: المهم من يضحك أخيرًا، وقاتل الله اليأس، وأكثر منه قاتل الله الغرور. *** أعجبني ما قاله (ويليام ليون): «الحرب الوحيدة التي يمكن أن أوافق عليها هي حرب (طروادة)، فقد نشبت من أجل امرأة، وكان الناس يعرفون السبب الذي يقاتلون من أجله» - انتهى. وما أتعس ما يدور في سوريا من حرب نشبت من أجل (بشار)، ولا تقل تعاسة منها الفوضى الدامية التي تعصف بالعراق، دون أي منطق أو مبادئ. إنهما الآن دولتان (فاشلتان) أوصلهما الرعاع إلى الحضيض، مع أن كل المعطيات التي تتمتعان بها، كان من المفروض أن توصلهما إلى أرقى المراتب. ولا أدري هل هناك دعوة صبت عليهما، واستجاب الله لها، أم أن إبليس (نفخ) في عقول زعاماتهما، وأصبحوا مثل (شمشون) الذي هدم المعبد على أعدائه قائلاً: علي وعلى أعدائي يا رب؟! والفرق بينهم وبين شمشون أنهم هدموا بلدَيهم على أهاليها، وجعلوا سافلها عاليها. *** ذكر لي رجل رزين عن ذلك الموقف المحرج الذي حصل له مع ابنته وقال: أخذت أحدث ابنتي عن المثل العليا، وكيف أننا عندما كنا في عمرها، كانت الفتيات المؤدبات تحمر خدودهن من شدة الحياء والخفر والخجل. وفوجئت من حيث لا أتوقع، وهي تسألني قائلة: حلفتك بالله يا بابا، ماذا كنتم تقولون لهن حتى تحمر خدودهن من الخجل؟!
مشاركة :