اعترفت الولايات المتحدة، الخميس، بأنها انتظرت حتى الإفراج عن مواطنين لها مسجونين في إيران لتسليم طهران 400 مليون دولار نقدا، مؤكدة أنها أرادت بذلك «الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من القدرة على الضغط» على إيران، لكنها نفت أن يكون هذا المبلغ فدية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي «بعدما ساورنا القلق من أن تخلف إيران وعدها حيال إطلاق سراح السجناء (...) ولنكن صادقين، بسبب انعدام الثقة بين إيران والولايات المتحدة، سعينا إلى الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من القدرة على الضغط إلى أن يتم الإفراج عن الأميركيين». وأضاف كيربي في لقاء مع الصحافيين «كان ذلك أولويتنا الكبرى». وكان الرئيس بارك أوباما ووزير الخارجية جون كيري وآخرون في الإدارة الأميركية نفوا وجود صلة بين إطلاق سراح الرهائن الأميركيين في يناير (كانون الثاني) الماضي، مقابل إرسال 400 مليون دولار إلى إيران. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت أول من أمس عن تفاصيل جديدة من الصفقة بين طهران وواشنطن؛ إذ قالت إن «العمليتين نسقتا تنسيقا دقيقا منذ فترة طويلة قبل تنفيذهما». وأضافت الصحيفة، نقلا على لسان مسؤولين أميركيين اشتركوا في العمليتين، وطلبوا عدم نشر أسمائهم أو وظائفهم، أن الأنظار كانت تتركز على طائرة تابعة للسلاح الجوي السويسري، كانت هبطت في طهران، وحملت الرهائن الثلاثة، وعادت بهم إلى سويسرا. وحرص المسؤولون الأميركيون على عدم إقلاع الطائرة المتجهة إلى إيران، والتي كانت تحمل 400 مليون دولار، قبل هبوط طائرة الرهائن. قبل أسبوعين، أثارت الصحيفة جدلا واسعا عندما كشفت عن الصفقة، لكن الإدارة الأميركية رفضت تأكيد صحة التقارير، وبعد جدل واسع حول الصفقة نشرت الصحيفة أول من أمس، تفاصيل ما كشفت عنه قبل أسبوعين. وكانت الصحيفة نشرت معلومات مطلع أغسطس (آب)، اعترفت واشنطن بأنها دفعت في 17 يناير مبلغا نقديا يعادل 400 مليون دولار باليورو والفرنك السويسري في صناديق أرسلت بطائرة شحن. في ذلك الوقت، دافع وزير الخارجية، جون كيري، عن تسليم مبلغ 400 مليون دولار نقدا لإيران. ونفى أنها كانت «فدية» مقابل إفراج طهران عن الرهائن. أو أن لها صلة بالاتفاق النووي الإيراني، وقال خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، إن الولايات المتحدة «لا تدفع فدية لأي أحد، عن أي موضوع، في أي وقت». وأضاف كيري أن دفع المبلغ بهذه الصورة «أنقذ دافعي الضرائب الأميركيين من احتمال دفع مليارات الدولارات في صورة فوائد بنكية... لا فائدة ستعود على الولايات المتحدة من إطالة أمد هذا الموضوع... كان هذا سيصبح ضد مصلحة دافعي الضرائب الأميركيين، خصوصا بعد التوصل للاتفاق النووي، وبعد الإفراج عن السجناء. كان الوقت مناسبا لاستغلال ذلك، ولحل النزاع بالطريقة التي تم حله بها». ودافع عن الصفقة الرئيس أوباما، وقال، في مؤتمر صحافي في البنتاغون في الأسبوع الماضي، إن ما حدث جاء في إطار «تسوية نزاع تجاري قديم بين البلدين». وقال إن واشنطن «لا تدفع فدية مقابل إطلاق سراح رهائن. فقط كان المبلغ لقاء تسوية نزاع تجاري قديم بين البلدين، على هامش الاتفاق الأخير الذي توصلت إليه إيران مع مجموعة (5+1) بشأن الملف النووي الإيراني». وتابع، أن دفع المبلغ نقدًا إلى إيران، «جاء تنفيذًا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. وأيضا، لعدم وجود علاقات مصرفية مباشرة بين البلدين». أول من أمس، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن هذا المبلغ «كان جزءا من صندوق ائتمان استخدمته إيران قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979 لشراء أسلحة عسكرية أميركية. وكان محل نزاع أمام المحكمة لعقود».. وكان الناطق باسم الخارجية يرد على سؤال عن معلومات نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» حول ما جرى في 16 و17 يناير بين الولايات المتحدة وإيران. في الأسبوع الماضي، بعث النائب جيسون تشافيتز، رئيس لجنة المراقبة بمجلس النواب، برسالة إلى كيري، للمثول أمام جلسة للجنة لبحث الموضوع. في اليوم نفسه، أكد متحدث باسم الخارجية أن الوزارة تلقت الطلب، وأنها سترد عليه. ويتوقع أن يبدأ الاستجواب بعد عودة الكونغرس من الإجازة الصيفية وفي 16 يناير الماضي، دخل الاتفاق النووي الذي أبرمته إيرام مع القوى الكبرى في 14 يوليو (تموز) 2015 في فيينا حيز التنفيذ. في اليوم نفسه، أعلنت واشنطن وطهران أنهما أجرتا عملية تبادل سجناء غير مسبوقة أفرجت في إطارها إيران عن أربعة إيرانيين أميركيين وأميركي واحد، بينهم مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جيسون رضائيان. في المقابل، أصدرت الولايات المتحدة عفوا عن سبعة إيرانيين وسحبت مذكرات توقيف بحق 14 آخرين. وبعد ساعات أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه وافق على إعادة مبلغ 1.7 مليار دولار إلى إيران كان موضع أحد الاتفاقات التي تلت توقيع الاتفاق التاريخي حول البرنامج النووي الإيراني. ويتألف المبلغ الذي أعلن عنه أوباما وأمرت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي نظرت في الخلاف الأميركي الإيراني، بإعادته إلى طهران من 400 مليون دولار من الديون و1.3 مليار دولار من الفوائد. وفي أغسطس، قالت الخارجية الأميركية إن «المفاوضات بشأن التسوية القضائية لمحكمة لاهاي كانت منفصلة تماما عن النقاشات حول الإفراج عن المواطنين الأميركيين». لكن كيربي أقر الخميس بأن المسألتين كانتا «مترابطتين». وقال إن «الأحداث جرت في وقت واحد». وأضاف «عندما تكون قلقا بشأن النتيجة، وكيف سيتدبر الأميركيون الأمر، من الغباء واللامسؤولية ألا تحتفظ بأكبر قدر ممكن من القدرة على الضغط». وتابع «لذلك؛ إذا كنتم تسألون عما إذا كانت هناك صلة (بين المسألتين) فلا يمكنني نفي الأمر». بعد ساعات من تصريحات كيربي وجه الجمهوريون انتقادات حادة إلى الإدارة الأميركية وجددوا اتهام أوباما بدفع فدية إلى طهران مقابل إطلاق الرهائن. وشن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب هجوما في هذا الخصوص على أوباما ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، خلال تجمع انتخابي مساء الخميس. وقال ترامب «بالحديث عن الأكاذيب، علمنا الآن بعد هذا الإعلان من وزارة الخارجية أن الرئيس أوباما كذب بخصوص 400 مليون دولار نقدا أرسلت إلى إيران. قال إن المبلغ ليس من أجل الرهائن، ولكن هذا ما حصل. قال إننا لا ندفع فدية، لكنه دفع. كذب بشأن الرهائن، علنا وبشكل فاضح، تماما مثلما كذب حول قانون أوباماكير للتأمين الصحي». وهاجم ناطق باسم ترامب أيضا هيلاري كلينتون. وقال إن «وزارة الخارجية أقرت اليوم بدفع فدية بقيمة 400 مليون دولار لتحرير رهائن أميركيين في إيران، وهذا يشير بشكل أكبر إلى دور هيلاري كلينتون في رسم السياسات الكارثية». ورأى مارك دوبوفيتز، رئيس المركز الفكري «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» (فاونديشن فور ديفنس اوف ديموكراسيز) أن «وزارة الخارجية تؤكد أن دفع 400 مليون دولار نقدا لإيران لم ينجز إلى أن تم الإفراج عن السجناء الأميركيين. هذا بالضبط تعريف الفدية». من جانبه، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي قال لقناة «فوكس نيوز» إن «دفع 400 مليون إلى إيران في الواقع كان فدية». بدوره، السيناتور الأميركي جان مكين قال في بيان إن تصريحات كيربي أظهرت أن «إدارة أوباما دفعت فدية للراعي الأول للإرهاب في العالم، وحتى الآن لم تستطع إنكار ذلك».
مشاركة :