المنامة: عبيد السهيمي في أوج التحضير لجولة جديدة من حوار التوافق الوطني البحريني، ظهر خط جديد في الشارع البحريني يدعو إلى التسامح والتعايش بين أبناء المجتمع البحريني، عبر وثيقة وضعتها مؤسسات المجتمع المدني، ومركز «كانو» الاجتماعي، المقرب من الحكومة، ستطلق في 14 فبراير (شباط) الجاري، وهي الذكرى الثالثة لنشوب الاضطرابات التي شهدتها البحرين 2011، والتي تحييها المعارضة بالمسيرات والاحتجاجات. وستطرح الوثيقة المكونة من 14 بندا أمام الجمهور للتوقيع عليها، قبل رفعها إلى الملك حمد بن عيسى. وأعلنت الحكومة البحرينية أنها تعد لتنظيم احتفالات في 14 فبراير بذكرى ميثاق العمل الوطني. وقالت سميرة رجب المتحدثة باسم الحكومة البحرينية إن من حق البحرينيين جميعا الاحتفال بهذه الذكرى والتعبير عن آرائهم شرط أن يكون التعبير سلميا، وذلك في معرض ردها على سؤال عن اتجاه الحكومة للاحتفال في اليوم الذي تستعد فيه المعارضة لتنظيم مسيرات واعتصامات. وهو اليوم الذي يصادف ذكرى انطلاق الاضطرابات التي شهدتها البحرين. وكانت المتحدثة باسم الحكومة البحرينية تتحدث عقب جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس لوسائل الإعلام المحلية. وبالعودة إلى وثيقة التسامح فإن القائمين عليها يقولون إن الصدفة وحدها جمعت بين موعد صدور الوثيقة والتحضيرات لحوار التوافق الوطني الذي أطلقه في نسخته الأخيرة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد مملكة البحرين. تقول بثينة خليفة قاسم المسؤولة الإعلامية لوثيقة التسامح الديني والمذهبي، إن الوثيقة «عمل أهلي» صرف وليس لها أي علاقة بالجهات الرسمية، والجمعيات التي أعدت الوثيقة ووضعت موادها التي سيجري التوقيع عليها ليس لها أي علاقة بالعمل السياسي، ونشاطاتها بعيدة كل البعد عن الفعاليات السياسية. وستطلق بالتزامن مع ذكرى ميثاق العمل الوطني كما تؤكد بثينة قاسم، وتضيف: «الصدفة وحدها جمعت بين التحضيرات لوثيقة التسامح الديني والمذهبي، وبين التحضيرات والإعداد لحوار التوافق الوطني»، مشيرة إلى أنه سيكون للوثيقة تأثير إيجابي على الحوار وعلى المشاركين فيه. وقالت قاسم إن الوثيقة موجهة في المقام الأول إلى الإعلام الخارجي الذي شوه صورة البحرين، والدعوة مفتوحة إلى كل جمعيات المجتمع المدني وكل الفعاليات المجتمعية من فعاليات سياسية وخيرية وحقوقية للمشاركة في التوقيع على الوثيقة التي تنص على التسامح والتعايش وحفظ الحقوق. وتزامن اليوم الذي ستطرح فيه الوثيقة، بحسب القائمين عليها، مع 14 فبراير الذي يصادف الذكرى الثالثة للاضطرابات التي شهدتها مملكة البحرين في عام 2011، والتي درجت جمعيات المعارضة السياسية على إحياء ذكراها، تقول بثينة قاسم: «نحن على علم أن الطرف الآخر يستعد للخروج في مظاهرات ضد الحكومة، لكننا في المقابل سنطلق مئات الحمامات البيضاء للسلام والتسامح، والتأكيد على أن البحرين موطن للجميع على اختلاف أديانهم ومذاهبهم». وتتابع: «لم نخطط لهذا التوقيت أيضا (تقصد طرح الوثيقة في ذكرى الأحداث) فذكرى ميثاق العمل الوطني أقدم من ذكرى الاضطرابات التي شهدتها البحرين؛ فالجماعات التي ستخرج في المسيرات والمظاهرات التي تمثل المعارضة ليست هي لسان الشارع البحريني». وتضيف: «كما تتخذ المعارضة أساليبها في التعبير عن رأيها بالعنف والمولوتوف والتخريب، لكن هناك دعوة للتسامح والسلام يطرحها الطرف الآخر». وتشدد بثينة قاسم على أن الجهات التي قامت على الوثيقة رفضت أي معونة مالية من الجهات الرسمية البحرينية وفضلت العمل المستقل في مقابل وجود جهات تعمل في الشارع البحريني تتلقى الدعم والتمويل من الخارج للعمل ضد البحرين. وتعد بثينة قاسم الوثيقة التي ستطرح يوم الجمعة المقبل على مدار 12 ساعة بدءا من الساعة التاسعة صباحا وحتى التاسعة مساء بالتوقيت المحلي، وثيقة تاريخية سترفع بعد التوقيع عليها إلى ملك مملكة البحرين وإلى رئيس الحكومة باعتبارها استفتاء شعبيا من قوى المجتمع المدني على التسامح وتعبيرا من أبناء مملكة البحرين على تمسكهم بالتسامح الديني والمذهبي. وتضم وثيقة مؤسسات المجتمع المدني للتسامح الديني والمذهبي 14 مادة هي «التسامح يعني تقبل وجها نظر الآخر، والتسامح لا يعني التنازل عن المبادئ والمعتقدات، والتسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية وحكم القانون، والتسامح لا يتعارض مع احترام حقوق الإنسان، وأن التسامح يقتضي ضمان العدل وعدم التحيز في إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية، وقبول التعددية الثقافية، وأن التسامح قيمة جوهرية في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى، وأن تعزيز قيمة التسامح يكون بالتعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية، وأن التعليم والثقافة من أنجع وسائل بث روح التسامح، وضرورة اعتماد مناهج تعليمية تعلي من قيمة التسامح، وحث التعليم على طرق المواضيع التي تمثل عقبة في وجه التسامح وتشكل مخزونا للخوف من الآخرين»، وفي المواد الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة تبرز الوثيقة «مصادقة مملكة البحرين على الاتفاقيات الدولية القائمة بشأن حقوق الإنسان، وحث الحكومة على مزيد من التشريعات التي تضمن التساوي في الكرامة والحقوق للأفراد والجماعات، وكذلك تبني جملة من الفعاليات التربوية والعملية والثقافية التي تعزز قيمة التسامح في مملكة البحرين كالاحتفال السنوي بوثيقة التسامح». من جانب آخر أكدت سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة البحرينية أن مملكة البحرين تعد للاحتفال بمناسبة ذكرى ميثاق العمل الوطني. وقالت خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي عقب جلسة مجلس الوزراء أمس، إن البحرين ستشهد الكثير من الاحتفالات التي ستقوم بها وزارات أخرى في هذه المناسبة الوطنية المهمة. وعن اعتزام جزء من الشارع البحريني تنظيم فعاليات معارضة واعتصامات بالتزامن مع احتفالات ذكرى الميثاق الوطني، قالت المتحدثة باسم الحكومة البحرينية إن يوم 14 فبراير هو مناسبة وطنية مهمة للاحتفال بذكرى ميثاق العمل الوطني وبانطلاق المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وما تبع ذلك من تحولات ديمقراطية كبيرة أعطت للجميع حرية التعبير. وقالت: «إذا كان هناك من له رأي معين يحق له أن يعبر عنه بالطريقة السلمية التي يراها مناسبة». وحول مستجدات الحوار، أوضحت رجب أن الجهة التي تنظم الحوار بانتظار تسليم جميع الأطراف لمرئياتها حول الحوار، وسيجري الإعلان عن كل الخطوات بالتتابع عندما تكون الصورة مكتملة، وعندما تصل جميع المرئيات للجهة المعنية وهي «الديوان الملكي» ستكون معلنة ومتاحة للإعلام بعد تقييمها ودراستها لصياغة جدول أعمال توافقي. وأضافت أنه حتى الآن لم تصل جميع المرئيات إلى الجهة المعنية، فهناك طرفان فقط أعلنا تسليم مرئياتهما وهما المستقلون وجمعيات المعارضة، أو بالأحرى جمعية الوفاق، على حد وصف رجب، في حين ما زال القائمون على الحوار بانتظار تسلم المرئيات الأخرى، موضحة أن جميع المرئيات المقدمة ستصب في بوتقة واحدة للدراسة والتقييم للخروج بجدول أعمال توافقي بناء على ما جرى الاتفاق عليه بين ولي العهد والجمعيات خلال الاجتماعات الثنائية التي أعلن عنها سابقا.
مشاركة :