مفكّرون: حضارة شبه الجزيرة العربية لا تقبل التشكيك

  • 8/22/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد مفكرون ومثقفون عمق حضارة دولة الإمارات ودول منطقة شبه الجزيرة العربية، وكونها معبراً للحضارات وصاحبة سلطة منذ القدم، رافضين التشكيك في دور دول المنطقة الحضاري، وتأثيرها في الحضارات الأخرى. وقال مشاركون في ندوة ثقافية عقدت بمجلس رئيس مجلس إدارة جنيف لحقوق الإنسان، الدكتور حنيف حسن، مساء أول من أمس، إن الشواهد والآثار التاريخية تؤكد أن من سكنوا هذه المنطقة كانوا متحضرين ولديهم شخصية عميقة. ورأى الدكتور حنيف حسن أن متحف «معبر الحضارات» الذي أنشئ في دبي كفيل بالرد على أي تشكيك في أصالة حضارة الإمارات والمنطقة، لافتاً إلى أن المخطوطات والقطع الموجودة في المتحف تعكس حجم التطور الذي كان موجوداً منذ آلاف السنين.وقال إن هناك شواهد كثيرة على عمق حضارة الإمارات خصوصاً، وشبه الجزيرة العربية عموماً، مؤكداً أن التشكيك في ذلك سلوك مريض يعكس سطحية في التفكير. وتابع أن مبادرة إنشاء متحف معبر الحضارات كفيلة بتوضيح مدى عمق هذه الحضارة وقوة تأثيرها، وتاريخها الثري بمقتنياته النفيسة، لافتاً إلى أنها كانت تعكس تطوراً لافتاً في مناحٍ عدة أكدها المؤرخون والرحالة. نقطة التقاء «إكسبو» يعود إلى موطنه قال مؤسس متحف «معبر الحضارات»، أحمد عبيد المنصوري، إن معرض «إكسبو» العالمي الذي ستستضيفه دبي عام 2020 يعود إلى موطنه الأصلي في بلاد ذات عمق تاريخي في المجال التجاري، وشعب يتمتع بهوية تعتمد على حسن استقبال الآخرين واحتضانهم. وطالب بتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الثقافي وعدم إلقاء المسؤولية كاملة على الدولة، مشدداً على ضرورة تشجيع العنصر المواطن على التنقيب عن الآثار، لأنه أدرى بهويته الوطنية. وأفاد بأن كل مكان في الدولة يحوي آثاراً يتم اكتشافها أثناء حفر وإنشاء المشروعات، لكن يتعمد البعض إخفاءها لمصلحة تجارية، وخوفاً من أن تسحب منه الأرض. «المخطوطات والآثار تعكس قيمة حضارة منذ آلاف السنين». حنيف حسن «منطقة شبه الجزيرة أثرت العالم كله ثقافياً وحضارياً». مشاري الزايدي «البعض يتعمّد إخفاء الآثار لمصالح شخصية، والقانون الجديد يوفر الحماية». أحمد عبيد المنصوري «المنطقة كانت تحوي سلطة مستقرة، ولديها هوية مستقلة عن بقية الهويات». عبدالله العتيبي بينما قال مؤسس متحف «معبر الحضارات»، أحمد عبيد المنصوري، إن المنطقة التي أسس فيها المتحف على خور دبي كانت بمثابة نقطة التقاء تاريخية بين الشرق والغرب، قبل أن يعرف العالم سفارات أو قانوناً دولياً، ومثلت حاضنة آمنة لجميع الحضارات، بل عثر على ما يؤكد أنها كانت صاحبة سلطة في سك العملات، وتعزيز ثقافة التسامح واحتضان الآخرين.وأوضح أن متحف معبر الحضارات أنشئ في بيت الشيخ حشر بن مكتوم، بمنطقة الشندغة ذات البعد الجيوستراتيجي العميق بين خور دبي والخليج العربي، مشيراً إلى أن المتحف ارتبط بطبيعة هذه المنطقة التي كانت بمثابة معبر حقيقي للحضارات ليس على الصعيد التجاري فقط، لكن ثقافياً كذلك، إذ عززت أهمية التسامح واحتضان الآخرين. وأضاف أن خور دبي كان معروفاً قبل 3000 عام كنقطة التقاء التجار بين الشرق والغرب، قبل أن يعرف العالم السفارات أو توجد لغة مشتركة أو قانون دولي وتجاري، لكن كان يسود العرف القائم على شعور التجار من شتى بقاع العالم بالأمان، بدليل العثور على قطع أثرية مصرية، وأخرى تنتمي للحضارة البيزنطية وكذلك الصينية، والأختام البابلية. وذكر أن النظام الذي كان يحكم هذه المنطقة يدل على وجود قيادة وفكر، لذا نجد الآثار في كل مكان بالدولة، لافتاً إلى اكتشاف مصانع في المنطقة؛ ما يدل على حضارة حقيقية تعتمد على التصميم والتصنيع وإعادة البيع؛ ولوحظ ذلك في مناطق مثل مليحة وساروق الحديد. وأكد المنصوري أن «من أهم الآثار التي تؤكد قوة حضارة هذه المنطقة العثور على أماكن لسك العملات المختلفة، وحين تكون لديك القدرة على ذلك يعني أنك كنت تمتلك سلطة هائلة تدفع الناس إلى القدوم إليك من كل مكان». وأوضح أن متحف «معبر الحضارات» يحتضن قطعاً لكل حضارات الأرض، حتى يشعر كل من يزوره من أي جنسية بقيمة تراثه، ويعكس كيف احتضنت هذه الأرض الجميع. ولفت المنصوري إلى أن المتاحف تعبر عادة عن قوة الدول ومؤشر حضاراتها، لكن متحف «معبر الحضارات» يعزز فكرة أن كل حضارة أسهمت في الفكر الإنساني، ويرسخ قيمة الهوية المنفتحة المتسامحة. وأفاد بأن المتحف أسّس بمبادرة ودعم من حكومة دبي، حتى صار يضم قسماً للأسلحة وآخر للمخطوطات والمطبوعات القديمة، ويضم غرفة للتاريخ المحلي، وأخرى لآثار الملوك والشيوخ، وكذلك غرفة لمخطوطات الرحالة الذين زاروا المنطقة، وأخرى تضم وثائق مهمة ونادرة عن فلسطين. وذكر المنصوري أن المتحف يضم كذلك موسوعات قيّمة عن الديانات الأخرى والعرب وقادة بارزين، مثل صلاح الدين، من بينها كتاب نادر كتب كهدية للخليفة المعتصم بعنوان «سلوك المالك في تدبير الممالك». وكشف عن اقتناء وثائق نادرة تتحدث عن الإمارات منذ عقود طويلة، وخرائط للخليج العربي، إحداها باللغة اللاتينية رسمت سنة 1609، ومخطوطات تؤكد عروبة الخليج العربي، وتحكي عن قوة الشخصية العربية واعتزازها بنفسها وحريتها، بالإضافة إلى أقدم ستار للكعبة. وقال المنصوري إن «البعض يسأل عن سبب تأخر الاستكشافات في الإمارات ودول الخليج، عازياً ذلك إلى تركيز المستكشفين على المدن التي وردت في الكتب المقدسة، فضلاً عن حداثة الدولة الحالية واهتمام مؤسسيها بالإنسان والتنمية والبنية التحتية ومستقبل أبنائها، والآن الدولة التفتت إلى العمق الحضاري والتاريخي، بعد أن استثمرت جيداً في بناء الإنسان». وأضاف أن الطبيعة الجغرافية تعد سبباً للحفاظ على الآثار والحضارة، فالدول ذات المناخ المعتدل لاتزال تحتفظ بكثير من آثارها، فيما حالت الطبيعة الصحراوية عن ذلك في الإمارات وشبه الجزيرة العربية، لكن هذا لا يعني إطلاقاً أنها لم تضم حضارات عظيمة في تاريخها الذي يحوي محطات مهمة، مثل فترة حكم الملكة زنوبيا التي كانت تعتبر رأس الخيمة المشتى الخاص بها، وعاصمة مملكتها «تدمر» مصيفها. وأشار إلى أن العثور على قصور وحصون أخرى في مناطق مختلفة، مثل أم النار، واكتشاف أقدم الصلبان في العالم، وأوانٍ صينية عمرها أكثر من 7000 سنة في منطقة خورفكان، وعملات لممالك الفايكنج دليل على قوة هذه الحضارة وعمقها. هوية مستقلة وقال المفكر السعودي عبدالله العتيبي إن «المنطقة كانت تحوي سلطة مستقرة، ولديها هوية مستقلة عن بقية الهويات»، لافتاً إلى أن دول الخليج انتبهت، أخيراً، إلى أهمية المتاحف والآثار، ما يعني أن هناك حضارات كثيرة اندثرت في المنطقة. وأضاف أن الحضارات الحديثة في دول الأنهار قامت على العرب القادمين من شبه الجزيرة، التي تأثرت جغرافياً بمناخها، مؤكداً أن شظف عيش أهلها وعدم وجود بنيان عظيم لا يعني إطلاقاً أنهم لم يكونوا متحضرين ولديهم شخصية عميقة. من جهته، أشار المفكر السعودي مشاري الزايدي إلى أن حضارة شبه الجزيرة العربية كان لها دور في بناء الحضارات الأخرى، وتعزيز الهوية العربية في بلدان مختلفة، مثل مصر والعراق، مؤكداً أن من يتحدثون عن هويات مغلقة ليسوا أصحاب منهج علمي، ولديهم خلل في الفكر. وذكر أن المعنى القديم للحضارة هو الاستيطان، وهذا ما حدث منذ آلاف السنوات في منطقة شبه الجزيرة التي أثرت العالم كله ثقافياً وحضارياً، موضحاً أن «أي حضارة قامت في التاريخ اعتمدت على هوية مركبة ومكوّن متنوع من الإثنيات والألوان؛ فنجد مثقفين ورواداً من شبه الجزيرة أثروا الحضارة المصرية والعكس، وأي حديث عن هوية مغلقة يمثل فكراً غير علمي».

مشاركة :