أحمد دمّاس مذكور من أبجديات النجاح، تحديد الهدف أولاً، وتمييزه وتسميته تسمية دقيقة تجعل من معرفته والوصول إليه وتحقيقه أمراً ممكناً، وهو سر نجاح كل قضايا الحياة بكافة حقولها سواء كانت السياسية أو الدينية أو العلمية أو التقنية أو المعيشية على مستوى الفرد أو المجتمعات. فعلى سبيل المثال، كل الأبحاث العلمية الناجحة، وكل الطرائق العلمية المتبعة لحل أي استقصاء، تبدأ بتحديد المشكلة كأسلوب علمي ثابت ودقيق، وذلك عن طريق تسمية المشكلة أو القضية تسمية دقيقة وثابتة تحمل صفات وأهداف تلك القضية وتمّيزها، فالدقة في تحديد الأهداف هي أهم خطوة لتحقيقها، وهو الأمر الذي تسبب في ضياع كثير من القضايا والحقوق عند توأمة مسمياتها وتعدد شعاراتها واستحداث مفردات، وهو يؤدي حتماً إلى ولادة قضية ذات أهداف مهجنة تجعل من مفهومها الدقيق مفهوما آخر يطمس معالمها الحقيقية، ويشتت أهدافها وغاياتها، ويخلطها بقضايا أخرى، مما يتسبب في صعوبة تحديدها وضياع أبعادها حتى تلاشيها تدريجيا. وهو السبب الذي جعل علماء العالم يجتمعون على استخدام مفردات موحدة ودقيقة وثابتة ذات لغة تحمل مفردات دقيقة الوصف والتعبير، وغير مستخدمة التي تعرف الآن بالمصطلحات العلمية باللغة اللاتينية القديمة خوفاً من خلط المفاهيم وتشتت معانيها. وهو السبب الذي وُضِعت من أجله الأعمال النثرية ليوليوس قيصر وسيشرون وشعر فرجيل وهوراس، معايير للامتياز لكُتَّاب المستقبل. هنا لا أتحدث عن لغة بعينها، وإنما لتوضيح دور المفردة اللغوية في نجاح كل قضايانا وتحقيق أهدافنا وأهمية المصطلح الأكاديمي والعلمي والمعرفي، وكمرجعية ثقافية، بفكر أكاديمي، لمعرفة قيمة المفهوم وأهميته، بشكل عام، وفي قضايا وحقوق تسبب تعدد مفرداتها في شتات مفاهيمها وضياع أهدافها وفشل تحقيقها. هكذا يتحقق ما افترضته «أهمية المصطلح في تحقيق الهدف»، وهو ما ألهمني به أستاذ المعرفة الدكتور أحمد العرفج، الذي أثبت لي فعلياً وما زال بأنه ليس عاملاً للمعرفة بل أستاذا لها، ومناراً مضيئاً لعتمة الجهل والتبعية، ونارا فوق رأس علم الفكر العربي، في مقالته «اختلاف مسميات القضية الفلسطينية سبب تشتتها»، الذي نشر في صحيفة الوئام، وتحدث فيه عن القضية الفلسطينية التي تعددت مصطلحاتها ومفرداتها وشعاراتها وكانت سببا في شتاتها وضياعها وفشل تحقيقها.
مشاركة :