تسرب الشباب من وظائف «السعودة الوهمية»..!

  • 2/11/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم أن وزارة العمل أوجدت العديد من البرامج لتوظيف الشباب في القطاع الخاص، إلاّ أنها فتحت الباب على مصراعيه لاستقدام العمالة لمن يحقق نسبة سعودة عالية، مما ساهم في ارتفاع الطلب على الشباب ولكن بمسمى وظيفي فقط، بحيث يتسلم راتباً شهرياً ويحضر إلى العمل فقط لاستلامه!. "عبدالرحمن صالح" -شاب يبحث عن وظيفة في القطاع الخاص- تفاجأ عند زيارة مؤسسة لطلب التوظيف بسؤال غريب من قبل مديريها -وهم أجانب-: "تريد وظيفة سعودة أم دوام؟"، حيث استغرب ردة فعلهم عندما اختار "الدوام"، فأكدوا له أنه لا توجد وظائف، الأمر الذي جعله يفهم جيداً معنى الخيارين، ليختار "السعودة"، وهو الآن يعمل بهذا النظام براتب (3000) ريال شهرياً، ويستلم في الواقع (1500) ريال، لكن لا يلزمه الحضور أو العمل، بل إن صاحب المؤسسة دائماً يؤكد أنه لا يريد أن يرى وجهه نهائياً!. "عبدالرحمن" ليس الحالة الفريدة في مثل هذا النوع من التوظيف، وإنما العديد من المؤسسات في القطاع الخاص تتبع هذه الطريقة للخروج من أزمة برامج وزارة العمل، حيث يلجأ الكثير إلى توظيف العاطلين وهمياً، فتجد المواطن أو المواطنة مسجلًا في مؤسسة، وهو في منزله ويأخذ راتبه كاملاً والمميزات الإضافية من بدلات وتأمينات وعلاج وغيره،، وهو في الحقيقة لا يستلم سوى نصف الراتب المُتفق عليه، وما يؤكد ذلك أن هناك (104) آلاف سيدة مسجلة في التأمينات الاجتماعية يعملن في قطاع البناء والتشييد!، مما يطرح العديد من التساؤلات، بل ويؤكد على غياب الجهات الحكومية عن مراقبة هذه العمليات الوظيفية التي ستؤثر بلاشك على اقتصاد الوطن خلال الفترة المقبلة. ولكي نستطيع إيجاد بيئة عمل لشباب اليوم تُساعدهم على تحقيق تطلعاتهم وآمالهم، لابد من أن تركز وزارة العمل على التوطين "الكمي" وليس على التوطين "النوعي"، فما يهمنا هو أن نرى معدلات التوطين في الشركات تصل إلى (50%) وأكثر، كذلك لابد من استحداث نسخة جديدة من "نطاقات"، يركز على الكيف وليس الكم، عبر احتساب نسب توطين أعلى للسعوديين الذين يشغلون وظائف قيادية بدءاً من مدير إدارة إلى مدير عام إلى رئيس عمليات وانتهاء بالرئيس التنفيذي. ويبقى من المهم أن تُخصص وزارة العمل برنامجًا يجعل القطاع الخاص يطمئن للموظف، وكذلك الموظف يطمئن للقطاع الخاص، في ظل وجود تواصل مع الشركات ومعرفة احتياجاتها من الموظفين، على أن يتم تدريب الشباب المؤهلين لهذه الوظائف، ثم منحهم شهادات، ثم تقدم السيرة الذاتية عبر مكاتبها يحتوي على التخصص والتدريب والمؤهلات والخبرة. حل وقتي وقال "داوود بن صالح العصيمي" -رجل أعمال-: إن الإجراءات والبرامج المتبعة في السوق السعودي لحل مشكلة البطالة بين الشباب والفتيات التي تنتهجها لن تحل مشكلة البطالة، وستكون عقبة أمام توظيفهم في شركات القطاع الخاص، مضيفاً أن شركات القطاع الخاص ربحية وتحتاج إلى الموظفين المؤهلين في تخصصات معينة، مقترحاً أن يتم دمج "حافز" و"نطاقات" في برنامج يعنى بتأهيل وتدريب الشباب لفترة زمنية معينة وتصرف لهم مكافآت لاجتيار المرحلة الأصعب بعد التخرج من الجامعات، مبيناً أن الشركات توظف في الوقت الراهن الشباب لتجاوز النطاق الأحمر، وهذا لن يكفي، بل هو حل وقتي وسينتهي وسيبقى الحال على ما هو عليه إن برنامج نطاقات غير عملي، والسبب في ذلك أننا أصبحنا نحن أصحاب الأعمال بكل صراحة نوظف من أجل تجاوز نطاقات، نوظف بطريقة غير عملية، ولا نهتم بالتدريب ولا التأهيل، نوقع العقد من هنا ونسجله سريعاً في مكتب العمل لنحقق نسبة السعودة، وأغلب الموظفين لا يعملون لدينا، ولا يباشرون مهامهم العملية. تدريب الشباب وأشار "العصيمي" إلى أننا تعودنا على العمالة الأجنبية لسبب واحد، مكاتب العمل والعمال تفرض علينا توظيف الشباب السعودي، لكنها توجه هؤلاء إلى الأماكن غير المناسبة لعملهم، مقترحاً على وزارة العمل عمل برنامج يجعل أصحاب العمل يطمئنون للموظف، وكذلك الموظف يطمئن للقطاع الخاص، بحيث تتواصل وزارة العمل مع الشركات وتعرف احتياجاتها من الموظفين وتدرب الشباب المؤهلين لهذه الوظائف، مع منحهم شهادات وتقدم السيرة الذاتية عبر مكاتبها إلى هذه الشركات يحتوي على التخصص والتدريب والمؤهلات والخبرة، ليضمن أصحاب الشركات أنهم وجدوا الموظف المناسب، مقارنةً بطلب عمالة خارجية للمكاتب الأجنبية بتقديم سيرة ذاتية للمتقدمين، تحتوي على شهاداتهم الجامعية وخبراتهم ونعمل على ضوء ذلك بالاختيار. توظيف وهمي وعلّل "العصيمي" مشكلة التوظيف الوهمي بخلل في التخطيط للقضاء على البطالة، عبر وجود برامج لا تغني ولا تسمن من جوع، مقترحاً أن يكون هناك برنامج لتأهيل الشباب السعودي لسوق العمل في الكثير من التخصصات، بحيث يكون سنوياً ويُخرج آلاف الشباب من الجامعات ممن لا يمتلكون الخبرة والتدريب في مجال تخصصاتهم، متسائلاً: لماذا لا يدمج "برنامج حافز" و"نطاقات" في برنامج واحد يُبنى على صرف إعانة مادية للشباب تحت التدريب وتأهيلهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل ومن ثم توجيههم إلى الشركات التي تعاني من عدم سعودة في وظائفها، بشرط وجود تعاون من الشركة في هذا المجال عبر رفع تقرير عن احتياجاتها خلال فترة زمنية محددة. وعن حل مشكلة التوظيف الوهمي للشباب السعودي قال: أمنحني البديل المناسب ذا الخبرة والكفاءة وأنا أتنازل عن استقدام العمالة الأجنبية، نعترف أن البطالة بين الشباب والفتيات عالية جداً، ولدينا في السوق عمالة تتسلم رواتب مرتفعة وخيالية، وعمالة أيضاً عاطلة عن العمل. فرص مهدرة وأكد "بندر بن عبدالعزيز الضبعان" -كاتب ومستشار في إدارة الموارد البشرية- على أن برامج وزارة العمل وخاصة "نطاقات" لا تفرق بين نسب ومتطلبات "التوطين" والظروف الاقتصادية والاجتماعية في كل منطقة من مناطق المملكة، وهذا في رأيي السبب الرئيسي الذي أفرز ظاهرة "السعودة الوهمية"، متسائلاً عن مطالبة المنشآت التي تعمل في القطاع (أ) في منطقة نجران أو تبوك بالنسب ذاتها للمنشآت التي تعمل في منطقة الرياض أو المنطقة الشرقية، مشيراً إلى أن التنمية في مناطق المملكة لم تكتمل، وبالتالي كل منطقة تختلف عن الأخرى اقتصادياً واجتماعياً، وتتجلى أبرز هذه الاختلافات في عدد السكان وفئاتهم العمرية ومستوى تعليمهم وتأهيلهم، مبيناً أن المتضرر الحقيقي من ظاهرة "السعودة الوهمية" هم الجادون في البحث عن عمل، الذين يحاولون طرق أبواب المؤسسات والشركات، ويصدمون حين ترد بعض هذه الجهات أن لديها اكتفاء من العمالة أو ليس لديها أصلاً وظائف شاغرة، ذاكراً أن "كل وظيفة وهمية تعادل فرصة مهدرة في سوق العمل وقيمة ضائعة في اقتصادنا الوطني، إذ كان بالإمكان أن يشغل تلك الفرصة باحث أو باحثة عن عمل، فيخفض بذلك معدل البطالة، ويستفيد مما تقدمه الفرصة من خبرة ومقابل مادي. نحتاج إلى استحداث نسخة جديدة من «نطاقات» تحسب «نسب توطين» لمن يشغل وظائف قيادية توطين كمي وأقترح "الضبعان" على وزارة العمل أن تتحمل جزءاً من مسؤولية انتشار ظاهرة "السعودة الوهمية"، ذلك أن الوزارة تركز على التوطين "الكمي" -أي كم عدد الموظفين السعوديين الذين يعملون لديك؟-، وليس على التوطين "النوعي" -ما نوعية الموظفين السعوديين الذين يعملون لديك؟-، موضحاً أنه لابد من تغيير نقطة تركيز وزارة العمل في مبادرات التوطين من "كم عددهم؟" إلى "ما نوعيتهم؟"، وإلاّ سيؤول بنا الحال إلى أن نكتشف عدداً مهولاً من حالات التوظيف الوهمي عندنا، وصل البعض منها إلى وجود (104) آلاف سيدة مسجلة في التأمينات الاجتماعية يعملن في قطاع البناء والتشييد، متسائلاً: هل يمكن أن نصدق أن المرأة عندنا تعمل في هذا القطاع الذي لا يعمل فيه أصلا شبابنا؟، مبيناً أن برنامج "نطاقات" قد يستطيع أن يرفع عدد الداخلين إلى سوق العمل، لكن إلى الآن لم يحسن من نوعية وظائفهم، فنحن لازلنا نعزف على وتر الكم، فمتى نعزف على وتر الكيف؟. وأضاف: إذا كان عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص يصل إلى (1.264.340) موظف سعودي من أصل (8.700.000) موظف وعامل، أي أن السعوديين -رجالاً ونساءً يشكلون (14.4%) من إجمالي القوى العاملة في القطاع، متسائلاً عن نسبة السعوديين القياديين ضمن تلك الأعداد. معادلة جديدة وأوضح "الضبعان" أن برنامج "نطاقات 1"، و"نطاقات 2" على أهميتهما، يركزان على السعودة الكمية أكثر من السعودة النوعية، فنحن الآن يهمنا أن نرى أن معدلات التوطين في الشركات تبلغ (50%) وأكثر، لكن لا يهم أن كانت تلك النسبة هي انعكاس لشباب سعوديين يعملون برواتب منخفضة، وفي وظائف إدارية دُنيا لا تُؤثر إطلاقاً في اتخاذ القرارات ووضع السياسات في الشركة، في حين أن غير المواطنين -وأحياناً يأتون إلينا بدون خبرة أو مؤهلات- يقبضون رواتب مرتفعة، ويشغلون الوظائف العليا، ووظائف التشغيل والمبيعات والتسويق وغيرها، ومع ذلك لا تتدخل الوزارة لتغيير الوضع، مطالباً وزارة العمل بنسخة جديدة من "نطاقات"، فليكن "نطاقات 3"، يركز على الكيف وليس الكم، وهذا يتم باحتساب نسب توطين أعلى للسعوديين الذين يشغلون وظائف قيادية بدءاً من مدير إدارة إلى مدير عام إلى رئيس عمليات وانتهاء بالرئيس التنفيذي، مبيناً أنه قياساً على معادلة الموظف السعودي ذي الاحتياجات الخاصة بأربعة سعوديين، تستطيع الوزارة أن تعادل القياديين السعوديين بالمنوال نفسه، إذ يمكن معادلة مدير إدارة سعودي بخمسة موظفين سعوديين، ومدير عام سعودي بعشرة موظفين سعوديين، وهكذا، لأنه كيف نساوي في نسب التوطين بين "رئيس تنفيذي سعودي" -وهو متخذ القرار الأعلى في الشركة- وبين "موظف استقبال سعودي"، مع تقديري للجميع؟. آثار طاردة وأشار "الضبعان" إلى أن كثرة المبادرات الحكومية مع كثرة الجهات الحكومية التي تنظم سوق العمل -بدون تنسيق-، ستؤدي إلى ضغوط على رجال الأعمال يترتب عليها آثار سلبية طاردة للاستثمارات داخل المملكة، تطال المنشآت الكبيرة قبل الصغيرة، وقد يصل الأمر إلى أن نرى منشآت أسست لها مراكز رئيسة أو فروعًا في دول الخليج العربي للإفادة من التسهيلات الحكومية هناك، مُشدداً على أهمية التدريج عند تدشين أي مبادرة حكومية، وأن يكون التطبيق على مراحل، مع وجود تنسيق بين الجهات الحكومية ذات العلاقة في هذه المبادرات، وتحديد مسؤولياتها بكل وضوح، ذاكراً أن سوق العمل وإن شهد حملات تصحيحية يحتاج إلى وقت طويل لمعالجة الاختلالات.

مشاركة :