مقال الصاعدي يعيد الصراع اللغوي إلى الواجهة من جديد

  • 8/23/2016
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

تم – الرياض:عاد الجدل من جديد حول اللغة الأفضل، إلى واجهة الحوارات اللغوية الأكثر سخونة في أروقة الأكاديميين ومنصاتهم ، بعد المقال الذي كتبه الدكتور عبدالرزاق الصاعدي قبل أيام، إذ تساءل في مقاله عن: هل يصح التفاضل بين اللغات؟! واستشهد على ذلك بجدل المختصين حول الأسئلة الرئيسية في هذا الموضوع الشائك، بـهل يصح التفاضل بين اللغات؟ فإن صحّ ما اللغة الأكمل؟ وما الدليل على عظمتها وتفضيلها على غيرها؟. وأضاف أن الجدل احتدم حول أن اللغات تتفاضل، وأن العربية هي سيّدة اللغات وأكملها وأعظمها بنحوها وصرفها ومعجمها الثري، ومنهم من أنكر ذلك وادعى أن التفاضل بين اللغات غير وارد أصلًا؛ لأن كل لغة تعبر بطريقتها الخاصة عن حاجات أهلها في الاتصال اللغوي وإنشاء الآداب المختلفة. ويرى فريق ثالث أن إمكان التفاوت من حيث المبدأ والعقل وارد، ولكن ليس ثمة سبيل إلى الوصول إلى الجواب الدقيق إلا بعد اطلاع الباحث على جميع اللغات، وهذا شبه متعذر، بل هو متعذر، لكثرة اللغات، فيتوقف عن التفضيل، وهو رأي محايد يبدو في ظاهره مقبولًا. ورجح الصاعدي صحة القول بالتفاوت، ولا يلزم الاطّلاع على جميع لغات الكون؛ لأنه محال، ويكفي المقارنة بين اللغات الأكثر انتشارًا، على منهج الاستقراء الناقص، وهو منهج علمي فيما يتعذر فيه الاستقراء التام، فحين يقولون إن قريشًا أفصح العرب لا يعني أنهم سمعوا كلَّ قرشيٍّ وسمعوا كل العرب فحكموا لقريش، وكذلك حين وصفوا الظواهر اللهجية الملقبة كالكشكشة والعنعنة والتلتلة والفحفحة والطمطمانية، وعزوا كل منها إلى قبيلة أو بيئة لم يسمعوا من كل فرد من تلك القبائل. وأقر الصاعدي بصحة التفاضل بين اللغات لأنها منتج بشري واستشهد بـفندريس صاحب كتاب اللغة. وأضاف أن التفاضل يحدث في اللغة الواحدة واستشهد من الواقع اللغوي المشاهد بحال العامية للعرب اليوم، وهي -أي العامية- الوجه الشعبي المبتذل للعربية، وعلم اللغة الحديث يعدها لغة كاملة الأركان، إذ يتكلم بها مجتمع كامل، وهي لغتهم في حياتهم اليومية تعبر عما في نفوسهم أشد التعبير، وتحمل أدبهم الشعبي وأشعارهم وأمثالهم وقصصهم وخواطرهم، وتساءل الصاعدي: أفلا يصح التفاضل بين العربية الفصحى وعاميتها؟ ليجيب: بالتأكيد يصح، ولا ينكر ذلك أحد، فنحو العامية وصرفها ركيكان، والتفاضل بين اللغتين العربية والعامية لا ينكره لغوي. الدكتور حمزة المزيني علق على آراء الصاعدي بقوله: لو بحث الجهل باللسانيات عن أفضل مثال ليعلن به عن نفسه لكان هذا المقال أجودها، مضيفًا يقرع الدكتور الصاعدي اللسانيين العرب الذين لا يبدو أنه يعرف شيئا كثيرا مما كتبوه بأنهم يحققون مقولة ابن خلدون عن تبع المغلوب للغالب في تبعيتهم للغرب. ‏ومع ذلك نجده هنا يستشهد بكتاب اللساني الفرنسي فندريس البديع المنشور في 1921، ولم يعد أحد يستشهد به في اللسانيات ثم يورد المصطلحات بالفرنسية! وذكر المزيني أن استشهاد الصاعدي بمقولة ابن خلدون التي يستخدمها من وصفهم بالمؤدلجين ومنهم الصاعدي، وقال: إنهم يستخدمونها سلاحا تدميريا(!) ضد من يصنفونه خصمًا وذكر أنه سيعود إليها ليبين عدم فهمه لها كما يريدها ابن خلدون. واستشهد على حدود معرفة الصاعدي باللسانيات بقوله: يكفي حكمًا على حدود معرفته باللسانيات قوله إن نحو العاميات وصرفها ركيكان! وغاب عنه أن هذه العاميات تشترك في نحوها وصرفها مع الفصحى بأكثر من 80%، ‏ثم إن هذه العاميات التي يحتقرها بشكل لا يمكن أن يصدر عن عارف بطبيعة اللغة البشرية أنظمة لغوية لا تقل اطرادًا عن أية لغة بشرية أخرى. واعتماده على تصنيف اللغات بالشكل الذي أورده عن فندريس دليل آخر على تقصيره في حق نفسه عن معرفة أنه ليس هناك لغة خالصة لتصنيف معين. وأضاف المزيني ليس ثَمّ لغة خالصة لتصنيف معين من هذه التصنيفات القديمة الفقه لغوية. ليقرأ عن ذلك الفصل الثالث في كتاب بنكر الغريزة اللغوية. وعن اتهامه اللسانيين العرب بالضعف، ذكر المزيني أن هذا الكلام لا يستحق ردًا لأنه ‏مقصر حتى في مجال دراسات اللغة العربية. فمازال يتحدث عن فصاحة قريش وعن وصم بعض أنواع العربية القديمة بصفات تحقيرية وردت في كتب القدماء!

مشاركة :