أحمد بن حشر: «ترسانة خرسانية» تحول دون تحقيق طموحات الشارع الرياضي

  • 8/24/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أجرى الحوار:ضياء الدين علي لم يكن من اللائق أو الوارد أبدا أن تجرى هذه السلسلة من اللقاءات التي تستهدف وضع النقاط فوق الحروف بالنسبة إلى مشاركة الإمارات في دورة ألعاب ريودي جانيرو من دون أن يدلي بطل الرماية الأولمبي الشيخ أحمد محمد بن حشر آل مكتوم صاحب ذهبية الدبل تراب في أولمبياد أثينا 2004 بدلوه، ويقول ما عنده، لاسيما أنه سيتحدث هذه المرة من واقع خبرة مباشرة ومعاصرة لما قبل وما بعد تلك المشاركة التي اختلفت بشأنها وجهات النظر، سواء بالنسبة إلى التقويم أو الفرحة بالميدالية التي تحققت من خلال توما سيرجيو في لعبة الجودو، وكالعادة كان الشيخ أحمد صريحاً مباشراً في آرائه وانطباعاته، ووجه كلماته مثل طلقات بندقيته، لكنها لم تكن هذه المرة بطريقة الخرطوش لتصيب بالجملة، وإنما كان مثل القناص الذي يصوب لهدف محدد، ولا شيء غيره. أثنى الشيخ أحمد محمد بن حشر في بداية اللقاء على مبادرة الخليج الرياضي إلى فتح هذا الملف، وأشاد بالمعاني التي تطرق إليها من سبقوه على صفحات هذا التحقيق، واستدرك قائلاً: لكن تبقى الاستجابة والتفاعل الإيجابي مع هذا الطرح، ففي كل مرة يعبر أبناء البلد عن وجيعتهم ويجسدون نبض الشارع الرياضي بعد المشاركة الأولمبية من دون أن تحدث ترجمة حقيقية للمطلوب وكأن هناك ترسانة عالية من الخرسانة تمنع العبور، والمسالة صدقني ليست اتفاقا أو اختلافا على النجاح من عدمه، بقدر ما هي ترجمة لسؤال: ماذا نريد من المشاركة ومن الرياضة ككل بالضبط، فإذا كانت منافسات محلية وتواجد دولي يقتصر على المشاركة فالجماعة ما مقصرين، إنما إذا كان المطلوب حضورا أولمبيا وميداليات فهناك سبيل آخر لم نمش فيه . *في 2004 عندما حققت ميدالية الدبل تراب في أثينا اعتقدت أن هذا السبيل الذي ذكرته عرفنا سكته من خلالك، وأن الإمارات سيكون لها نحو آخر في الدورات الأولمبية، على الأقل في لعبة الرماية.. ماذا حدث منذ ذلك التاريخ؟ - نعم مر زمن طويل، لكن صدقني لم أتردد لحظة واحدة في تقديم خبرتي ، ولا أنكر أنني أشعر بخيبة أمل لأنها عمليا صارت خبرة مهدورة، على الرغم من أن بعض الأجانب استعانوا بها ونجحوا، فقد دربت البريطاني بيتر ويلسون 4 سنوات وحصل على ذهبية لندن 2012، ودربت مواطنه ستيف سكوت من 2013 وحصل على البرونزية في ريو، والمسألة بحاجة إلى رؤية وقرار وتمويل، وكل اتحاد تراه يعتمد على أعمار متأخرة أقول له وفر جهدك لن تحقق ميدالية أبداً، فلا بد من رؤية بعيدة تستهدف الموهوبين الصغار، وذلك حسب خبرتي لن يتحقق إلا بالأكاديميات، وهذا ما طالبت به منذ 2004 ولم يتحقق بسبب القرار والدعم، فالأكاديمية التي أنشدها تقتضي 5 ملايين درهم سنوياً. * الدولة لا تقصر في توفير أي دعم، وهذه حقيقة لا مراء فيها، فما بالك وهي لتحقيق مجد أولمبي؟ - نعم هذا صحيح، وأنا لا أتحدث عن القادة والمسؤولين الكبار، ولكن دونهم هناك من يمكن تسميتهم بأعداء النجاح، ولا أريد أن أسمي أحداً، لكن يكفي أن أشير إلى أنهم من مجتمع الرماية نفسه وعندي ما يثبت ذلك، وأؤكد أن خبرتي في رماية الخرطوش محاربة. * هل نطمع في مزيد من التفاصيل.. مثلا ً لماذا لم تسافر مع منتخب الرماية إلى ريو؟ - أنا كنت ذاهباً مع الفريق، لكن قبل السفر بأسبوعين بالضبط تم إعفائي من المهمة، فاتصلت بالمستشار محمد الكمالي أمين عام اللجنة الأولمبية واعتذرت عن عدم السفر، وقد استاء مما حدث لكنه قدر الظرف. * قلت له: عفوا هناك لبس.. ماذا حدث بالضبط.. لماذا تم إعفاؤك؟ - أنا كنت موكلاً بالإشراف على فريق ناس للرماية، وكنا نمضي قدماً في تحقيق الإنجازات عربياً وآسيوياً ودولياً حتى تم التأهل إلى كأس العالم والأولمبياد، ثم كما ذكرت فوجئت بهذا الإخطار الذي أحزنني كثيراً، والذي تم به إعفائي من رئاسة الفريق، وإلغاؤه، ولذا أقول لكل من فوجئوا بعدم سفري بأن الأمر خارج عن إرادتي، لكني كنت وما زلت مستعدا لخدمة الإمارات. وأضاف مسترسلاً: وبمناسبة انتهاء تكليفي أتقدم بالشكر الجزيل لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي على الدعم اللامحدود الذي وجدته خلال فترة التكليف ، لاسيما أنها كانت فترة حافلة حيث حققنا 32 إنجازاً في 3 سنوات من بينها ذهبية الخليج والعرب وآسيا، وكأس العالم، والتأهل إلى الأولمبياد عن طريق كل من سيف بن فطيس وخالد سعيد الكعبي، ومرة أخرى اسمح لي بتقديم اعتذاري للجمهور وللرماة، وللمسؤولين في اللجنة الأولمبية والهيئة ولاتحاد الرماية لعدم استمراري، فهم كانوا قلباً وقالباً معي ولم أصادف أي تقصير من جانبهم مطلقاً، ولكني من بعد إعفائي أصبحت خارج المنظومة ولم يكن بإمكاني أن أرافق الوفد، وأكرر أنني ما زلت رهن طلب أولي الأمر وجاهزاً للخدمة والعطاء. * وكيف رأيت نتائج مشاركتنا في ريو وماحال المنحنى البياني؟ - العودة بميدالية إنجاز لا شك، والمحصلة ليست سيئة، وللعودة إلى منصات التتويج تكفي ميدالية ،والمهم هو الإضافة والاستمرارية والمنحنى أراه لم ينخفض لكنه ليس بالطموح المنشود. وعلى صعيد الرماية أنا سعيد بإنجاز خالد الكعبي فهو موهوب وسبق عمره، وفاجأني بتحقيق المركز السابع ، لاسيما أن عمره مع اللعبة لا يتجاوز 3 سنوات، وقد اصبح الآن راميا أولمبيا، فهو تفوق على منافسين يرمون من قبله بعشرين سنة، والفارق بينه وبينهم في تقديري أنه استمع والتزم كمحترف بينما الآخرون يعملون على هواهم، على الرغم من أن الدولة لا تقصر في دعمهم، وعموما محصلة المشاركة هي الأفضل بعد أولمبياد أثينا بحسابات فنية ورقمية صرفة. * وما تعليقك على الحالة التي خلفتها برونزية سيرجيو كلاعب تم تجنيسه؟ - لا حظت أن البعض احتفل بها، والبعض الآخر تحفظ، ومع كامل التقدير والاحترام لكل الآراء والمشاعر، الذي أراه هو الامتثال لرؤية وتوجه الدولة، فالرياضة لها قادتها وقياداتها، وهم أدرى منا بما يحقق للدولة التمثيل المشرف، ناهيك عن أن التجنيس كخيار ليس بجديد ، فهو نهج عالمي، وللولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول العظمى سياسياً ورياضياً أبطال مجنسون، وقد تم ذلك عندنا بموجب قرار سامٍ، ما يعني انه سبقه بحث ودراسة ورؤية، والقناعة عند التنفيذ يجب أن تصحبها قناعة أخرى بأنهم أدرى منا بكل ما فيه مصلحة البلد. لكن تبقى بعض الاعتبارات المترتبة على اعتماد هذا الخيار وعلينا أن نتكيف معها مستقبلاً مثل ضرورة أن يتم الانتقاء النوعي بدقة وبوعي كبيرين لأن الهدف هو ميدالية أولمبية، بمعنى أنه يجب أن يكون الرياضي المجنس مؤهل بنسبة كبيرة لذلك، ولعل حالة الهام وعلياء في القوى تبرهن على ما أعنيه لأنهما لم تحققا الطموح الاولمبي، وطالما شرعنا في التجنيس لا داعي للشكوى من قلة الإمكانات . ويضيف الشيخ أحمد: لكن من حيث الإحساس بالميدالية والسعادة بها، فلن نختلف على أنها لو كانت من المواطن ابن البلد ستكون أفضل وتحقق سعادة أكبر. * هناك مخاوف من انحسار فرص وحظوظ الرياضيين أبناء البلد مستقبلاً.. ما تعليقك على ذلك؟ - ما حدث ليس توجه فرد، والتجنيس لم يتم لمجرد ملء فراغ معين وإنما لتحقيق نتائج مرموقة مرصودة ومستهدفة، والأخ محمد بن ثعلوب الدرعي رئيس اتحاد الجودو أهنئه على اختياره للاعب سيرجيو، لأنه اختيار صادف أهله وحقق هدفه، والموضوع منته بحكم أن هناك آليات خاصة بالتجنيس تم المرور بها ، ولا أعتقد أن الفرصة ستحتجب عن أي موهبة وطنية ، فلا مجال للمزايدة من أحد على آخر في كل ما يخص الوطن وأبناءه. * ومن بعد ريو كيف ترى المشهد الرياضي الآن والأولمبي خاصة؟ - دعني أؤكد أن من بعد أثينا 2004 ومنذ تولي سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد رئاسة اللجنة الأولمبية حدثت تغييرات كثيرة وكلها تبشر بالخير، لكن تحقيق الميداليات لا يتحقق في يوم وليلة، فالمنظومة الحالية بنائبي الرئيس: عبد الرحمن العويس ومحمد هلال الكعبي، والأمين العام محمد الكمالي بوجه خاص غيروا الفكر والرؤية التي كانت سائدة في الماضي، والتفاؤل الآن له أساس وليس بالأماني كما كان الحال في السابق. ومن خلال الخبرة والمواقف المباشرة أسجل أن اللجنة الأولمبية أصبحت الآن صاحبة موقف وقرار في توجيه دفة الرياضة، كما أن المسؤولين بها لا يعدون بما لا يستطيعون تنفيذه، وأن لديهم خططا وبرامج طويلة المدى وأخرى قصيرة، ولكن في غياب المؤسسات التي من شأنها أن تتكفل بإعداد الأبطال الفرصة صعبة. * هل تعني بتلك المؤسسات الأكاديميات التي أشرت إليها؟ - نعم الأكاديمية تؤمن الميدالية وهذا ما أعد به، على الأقل بالنسبة إلى الرماية، وأنا أعرف ما أقوله جيداً. * وهل تكون الأكاديمية تابعة للاتحاد أم للجنة الأولمبية؟ - هذه مسألة شكلية لا اعتبار لها، والأكاديمية لا أطلبها لنفسي، فالاثنان حريصان على مصلحة اللعبة والبلد، وبصراحة منذ فوزي بذهبية أثينا وإدارة الاتحاد تتمتع بفكر متطور وسريع جداً يواكب متطلبات كل مرحلة، وأكبر دليل استمرار ظهور المواهب واشتراك الرماة في البطولات الدولية، ولولا ذلك ما ظهر خالد الكعبي ولما تأهل للأولمبياد وحقق تلك النتيجة، والشكر مستحق وموصول للواء أحمد الرئيسي رئيس الاتحاد، الذي قدم ويقدم الدعم والمشورة طول الوقت، وأسجل له أنه منصف ومخلص لا بعد الحدود ولا يجامل في أي قرار. * هل من كلمة أخيرة قبل طي صفحة ريو؟ - أقول لمن وصفتهم بأعداء النجاح حرام عليكم. عروض من دول عظمى قال الشيخ أحمد بن حشر، خلال اللقاء إنه تلقى مؤخراً عروضاً للإشراف على تدريب وإعداد رماة من دول وصفها ب العظمى في مجال الرياضة، وإن ذلك يسعده كثيراً، لكنه في الوقت نفسه يشعره بالأسى، لأن الثقة فيه من خارج الدولة أكبر وأكثر. وأضاف أن خبرته الدولية من شأنها أن تسهم إلى حد بعيد في رفع مستوى الموهوبين من أبناء الإمارات لتحقيق الطموح الأولمبي. لا مفاجاة في نتيجة ابن فطيس بخصوص نتائج رماة الإمارات في الدورة قال الشيخ أحمد بن حشر، المحصلة ليست مفاجئة من وجهة نظري، فحتى تتحقق ميدالية أولمبية من المفروض بحسابات النسبة والتناسب أن يكون صاحبها حقق قبلها 4 ذهبيات في البطولات الدولية والعالمية التي تجرى ما بين كل دورة أولمبية وأخرى، فهذه البطولات عددها بالضبط 23 ما بين عالمية وكأس عالم ونخبة، فإذا كان رصيد مرشحنا سيف بن فطيس ذهبية واحدة فهذا لا يضعه في قائمة المرشحين عملياً.

مشاركة :