الشيطان يكمن في التفاصيل..!

  • 8/24/2016
  • 00:00
  • 70
  • 0
  • 0
news-picture

خلال سنوات قليلة أوجدت شبكات التواصل الاجتماعي سوقا رائجة لصرخات المأزومين من كل شيء في السعودية، فهي وسيلة سهلة وغير مكلفة لابتزاز بعض المسؤولين والجهات المختلفة بالحملات التشويهية المتتالية، وهذا أمر بات طبيعياً للغاية، لكن المقلق حقا انزلاق بعض المنصات الإعلامية إلى إعادة بث رسائل أولئك المحتقنين دون تدقيق أو إدراك لحقيقة القضايا المطروحة وخلفياتها، وإنما من باب نقل الصورة للجمهور لا أكثر، وهذا وإن كان من صميم عملها إلا أنها بحاجة للوقوف والتحقق ودراسة القضايا بشكل يضمن عدم تحولها إلى وسائل ابتزاز فـ «الشيطان يكمن في التفاصيل» دائماً. بعض أتباع التنظيمات المعادية للدولة، وكذلك كثير من الأشخاص ذوي الإشكاليات الشخصية، أصبحوا أكثر احترافاً في تمرير اتهامات تشويه خصومهم عبر شبكات التواصل لتتحول لاحقاً إلى أخبار تتسابق المنصات الإخبارية على نشرها وترويجها، فظهرت خطابات مزورة، على سبيل المثال، تُنسب لجهة أو أخرى لضرب سمعتها، وقد تورط في قضية مشابهة الصحافي الشهير روبرت فيسك عام 2011، عندما أعاد نشر وثيقة مزورة منسوبة لوزارة الداخلية السعودية في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، كان قد حصل عليها من مصدر مجهول في الإنترنت دون تدقيق، وعقب ذلك بأشهر أدين فيسك قضائياً بتهمة الكذب والتشهير وحكم على الصحيفة بالتعويض والاعتذار، لكن حتى اليوم لا تزال صفحات ومواقع الإنترنت تتداول خبر تلك الوثيقة، ما يعني أن الكذب مستمر على رغم الحكم القضائي. أيضاً يمثل الحديث عن «الفساد» في شبكات التواصل الاجتماعي مصنع جماهيرية لا يتوقف للمأزومين والمحتقنين الذين اعتادوا على توزيع تهم «الفساد» بحق أو من دون كل يوم، فمن المعروف أنه بإمكان أي مجموعة نشطة في أي شبكة تواصل شعبية تحويل شكوى كيدية تافهة يطلقها موظف كسول «محتقن من مديره» إلى تهمة فساد مجلجلة تتناقلها الركبان و«القروبات» بعد أن تتبناها بعض المنصات الإعلامية من دون وعي أو تحقق، وأتذكر أن أحد قياديي هيئة مكافحة الفساد صرح قبل نحو عامين بأن الهيئة تتلقى أكثر من 100 بلاغ يومياً من مواطنين وموظفين ضد جهات مختلفة معظمها كيدية وتحريضية لا صحة لها.. طبعاً لكم أن تتخيلوا ما مصير هذه الشكاوى الكيدية لو توجهت إلى شبكات التواصل ومن ثم وسائل الإعلام الباحثة عن الإثارة و«ما يطلبه المحتقنون» الذين يعيشون دور البطولة الوهمية خلف شاشات أجهزتهم. أخيراً لابد من قول إنه ليس أكثر ضررا بالمجتمع من جهاز ذكي في يد مواطن نشيط غبي، وليس أكثر ضرراً بالرأي العام من المنصات الإعلامية التي تقتات على فتات شبكات التواصل محولة قضايا (المحتقنين من منازلهم) إلى مانشيتات هي في غنى عنها وعن ما يترتب عليها. c@news-sa.com

مشاركة :