«المبادرة العربية» نقلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من الحوار الثنائي إلى المشترك بمرجعية دولية

  • 8/24/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل لقائهما في مكتبه في القدس في 10 يوليو الماضي (غيتي)واشنطن: جوزيف براودي كانت القضية الفلسطينية خلال عدة عقود متوالية، تتأثر بما تحت الطاولة بأكثر مما تتأثر بما فوقها، ولعبت بنية النظام الرسمي العربي في حقبة ما قبل الربيع العربي دورًا في تمدد زمن المتاهة ونطاقها الجغرافي. وكانت أكثر منحنيات المتاهة خطورة محاولات السيطرة على القرار الفلسطيني من أنظمة كالأسد والقذافي وغيرهما، يعرفها كل من لديه علم بمجريات تاريخ المنظمات الفلسطينية. ثم أتت الصفحة الأكثر خطورة عندما تم اختطاف القضية الفلسطينية على يد صدام حسين. فعندما غزا الكويت، حاول رفع شعار الربط بينها وبين فلسطين، في واحدة من أخطر حالات التلاعب بمشاعر الشعوب إزاء فلسطين لحساب نظام، وبهدف تمرير أجندته السياسية. ولاحقًا، وصلنا إلى الاختراق الإيراني غير المسبوق للساحة العربية مستخدمًا أوراقًا عدة في مقدمتها شعار: «مقاومة إسرائيل». ولأن «حق إسرائيل في الوجود» أصبح قضية يحميها النظام الدولي، وهو أمر يجب أن يدركه الجميع بوضوح، سواء في ذلك من يقبلونه ومن يرفضونه. وبناءً على هذه الحقيقة فإن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بقبوله «مبادرة روجرز» أغسطس (آب) 1970، اعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة . وقد وضعه قبول المبادرة في مرمى نيران فلسطينية عنيفة آنذاك. بل إن الاعتراف العربي «الرسمي» بحق إسرائيل في الوجود يعود إلى تاريخ أقدم هو «هدنة رودس» (1949). ومن الصفحات المطوية في هذه الفترة قصة جرت وقائعها في النصف الأول من خمسينات القرن الماضي. فعندما ساءت العلاقات بين عبد الناصر والإخوان المسلمين (1954)، كان رجال الحاج أمين الحسيني، مفتي فلسطين، ينظرون بريبة لعلاقة الحكومة المصرية بمشاريع توطين الفلسطينيين. واستطاع الشيوعيون الفلسطينيون الحصول، عن طريق موظفة بالوكالة الدولية لغوث اللاجئين، على مشروع اتفاق بين الحكومة المصرية والوكالة، يقضي بتوطين الفلسطينيين في العريش. وإعداد المشروع امتد من نهاية يونيو (حزيران) 1953 (تاريخ التوقيع) إلى يونيو 1955. وقام الشيوعيون بطبع آلاف النسخ منه وتوزيعه على الجماهير التي خرجت غاضبة في مظاهرات شملت القطاع كله. وبين «هدنة رودس» و«مبادرة روجرز» كانت هناك أيضًا التعهدات التي أعقبت «العدوان الثلاثي» على مصر (1956) تعزز الحقيقة نفسها، وهي تعهدات جعلتها «السرية» أقرب إلى «التفاهمات الضمنية»، وأسهم الكشف عنها بقوة في حرب يونيو 1967. ومن الحقائق التي ينبغي وضعها فوق الطاولة أيضًا، حقيقتان واقعيتان، الأولى: أن «الاستثمار السياسي» للقضية الفلسطينية كان لعدة عقود ورقة رابحة في يد بعض الأنظمة العربية في علاقتها بالغرب، على نحو أفاد هذه الأنظمة، وأضر القضية وأصحابها. والحقيقة الثانية أن الصراع مع إسرائيل أسفر عن محصلة لا يجوز إنكارها، وقد لخصها قيادي من حركة الإسلام الجهادي الفلسطينية، بقوله: «نجحنا في تهديد أمن إسرائيل وفشلنا في تهديد وجودها». معيار «الجدوى» و«القدرة» هنا لا يعني التسليم بما تريده إسرائيل «استسلامًا»، بل يعني أخذ توازنات في الاعتبار دون أوهام. وخلال العقود القليلة الماضية كانت إسرائيل تسعى للسلام حتى اذا جذبتها قوى المقاومة للحرب، في حين العرب ينشدون وهم في أماكنهم نشيد الحرب، ما دعى المؤمنون بدعوة إسرائيل إلى تقديم صور، مثل: «الفيلا وسط الأحراش» و«الباحثة عن شريك للسلام». ومع تحول النتائج السلبية لهذه الحالة العربية «الرمادية» كان من الضروري تحقيق اختراق ينقل الفعل السياسي العربي من «الحوار الثنائي» إلى «الحوار المشترك» فأصبح هناك للمرة الأولى «مبادرة عربية» تتبناها جامعة الدول العربية وتشكل أساسًا لموقف عربي جماعي يتلافى العيوب الكبيرة لمنطق «التفاوض الثنائي» ويضع قاعدة للحل تجسر الفجوة بين الحقوق الفلسطينية والمرجعية الدولية. وتمثل «مبادرة الملك عبد الله للسلام» المقدمة إلى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المعقود في دورته العادية الرابعة عشرة (2002) خطوة مهمة في سبيل «سلام ممكن». والمبادرة أكدت ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزامًا مقابلاً تؤكده إسرائيل. ومما جاء بالمبادرة: مرجعية قراري مجلس الأمن 242 و338 اللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل. وانطلاقًا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف. وعلى إسرائيل إعادة النظر في سياساتها تجاه الفلسطينيين وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضًا. ويعني ذلك الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة. والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه، وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194. عندئذ تقوم الدول العربية باعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيًا والدخول في اتفاق سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة. وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل. وضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة. وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، التقى 10 يوليو (تموز) الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي، في القدس لبحث مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين، بعد اجتماعات أجراها شكري مع مسؤولين فلسطينيين في رام الله يوم 29 يونيو(حزيران). وقال الوزير المصري في القدس إن مشروع حل الدولتين للصراع الفلسطيني الاسرائيلي «ليس بعيد المنال»، ودعا الى اتخاذ خطوات لبناء الثقة تؤدي الى احياء مفاوضات السلام بين الطرفين التي انهارت عام 2014. من جانبه، قال رئيس الحكومة الاسرائيلية «أدعو الفلسطينيين مرة أخرى إلى اعتماد المثال الشجاع الذي رسمته مصر والاردن والانضمام إلينا في مفاوضات مباشرة باعتبارها الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها التعامل مع جميع القضايا العالقة بيننا وتحويل رؤية السلام المبني على دولتين للشعبين إلى واقع». وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي دعا في معرض ترحيبه بالضيف المصري الفلسطينيين باستئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، ورحب بالجهود التي تبذلها مصر في سبيل حل الصراع والتوصل الى سلام اوسع في المنطقة. وتزامنت زيارة وزير الخارجية المصري مع مبادرة فرنسية لإحياء مسار السلام في الشرق الأوسط، أعلنت عنها باريس في مؤتمر دولي عقد يوم 3 يونيو(حزيران)، بهدف جمع طرفي النزاع حول طاولة المفاوضات، بنهاية العام الجاري.وقد رحب الجانب الفلسطيني بالمبادرة، ولكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن المفاوضات المباشرة هي وحدها التي يمكن أن تنهي عقودا من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وجاء في بيان لوزراة الخاريجة المصرية أن زيارة شكري لإسرائيل في إطار سعي القاهرة لبناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بهدف استئناف المحادثات من أجل حل شامل يمنح الفلسطينيين إقامة دولة لهم ويضمن الامن لإسرائيل. وكان الرئيس المصري دعا الفلسطينيين والإسرائيليين إلى اغتنام الفرصة لتحقيق سلام تاريخي، مضيفا أن اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل سيكون أكثر دفئا من الوضع الحالي لو تحققت مطالب الفلسطينيين بإقامة وطن لهم.وتعد مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في اتفاق أبرم عام 1979 برعاية الولايات المتحدة.وعرض السيسي على إسرائيل قبول مبادرة السلام العربية لعام 2002، مؤكدا أن ذلك سيدخل العرب مع تل أبيب في مرحلة جديدة من العلاقات. جاءت آمال إسرائيل المتجددة في إقامة مزيد من التعاون مع جيرانها في فترة التقاء إقليمي واسع، إذ تشترك القوى الكبرى في الشعور بضرورة الاجتماع معا في مواجهة أطراف دولية عنيفة سواء كانوا أتباع الخميني أو المتشددين التكفيريين. السلام بين مصر وإسرائيل على الرغم من عزلة إسرائيل النسبية في المنطقة، فإنها تتمتع بشراكة أمنية مستمرة مع مصر منذ 38 عاما. وفي تصريحات له قال رون ديرمر سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة في واشنطن، «أن الرئيس السيسي يحاول بجدية مواجهة خطر المتطرفين النشطين في سيناء بطريقة لم يتبعها محمد مرسي أو حتى الرئيس مبارك. ويرى أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك استوعب المشكلة ولكنه لم يتحرك بالطريقة ذاتها. أما مرسي فلم ير، بطريقة ما، أن هناك مشكلة. لكن الرئيس السيسي يدرك أن هناك جماعات تعمل في سيناء وتهدد مصر، وهو يواجهها بعزم وإصرار. علاوة على ذلك، يواجه الرئيس السيسي التطرف الآيديولوجي. وتلك شجاعة كبيرة يجب أن تَلقى إطراء من القادة الغربيين.» ولكن من الملاحظ في الغالب أن السلام بين حكومتي مصر وإسرائيل لم يترجم إلى سلام بين المجتمعين. وبدا أن ديرمر يعترف بذلك، ولكنه تحدث عن تفاؤله بأن ذلك الوضع سوف يتحسن واعرب عن أمله أن يتعمق السلام بين مصر وإسرائيل ليصل إلى سلام حقيقي بين الشعبين». ويرى أيضا بصيص أمل نابعا من القيادة الدينية في مصر، موضحا: «لقد أسعدني قرار البابا تواضروس الثاني ليزور القدس لحضور جنازة الأنبا أبراهام مطران القدس. وآمل أن يساعد ذلك على تحسين العلاقات بين الشعبين».ووصف ديرمر مبادرات الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في الحوار بين أتباع الأديان بأنه «خطوة إيجابية للغاية» نحو تحقيق السلام. وبشأن «مبادرة السلام العربية» التي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 2002. وفي مايو الماضي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أنه «ملتزم بتحقيق السلام مع.. جميع الجيران»، ووصف مبادرة السلام العربية بأنها تضم «عناصر إيجابية للغاية تسمح بإقامة حوار جاد مع جميع جيراننا في المنطقة». وأضاف ديرمر : «كانت الروح الكامنة خلف تلك المبادرة خطوة إيجابية للغاية، وعكست تغييرا كبيرا عن «قمة الخرطوم» التي عقدت بعد حرب 1967 وأسفرت عن لا تفاوض ولا اعتراف ولا سلام. جدير بالذكر أيضا أن مبادرة عام 2002 جاءت بعد أن أوضحت التغييرات الأخيرة في المنطقة أن مصالح إسرائيل والقوى العربية الكبرى تزداد تقاربا». ولكن مع تلك التصريحات الإيجابية، أصدر نتنياهو تصريحات له في الشهور الأخيرة تتعلق بتحفظات بشأن مبادرة السلام العربية. من بين عناصر أخرى، مثل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن «مطلب إعادة إسرائيل مرتفعات الجولان» تم تجاوزه بفعل الأحداث في سوريا. وكان أكثر تحديدا في آرائه بشأن الجولان في منتصف أبريل عندما رفض، عشية المباحثات بين نظام الأسد وفصائل المعارضة السورية، بشدة إعادة مرتفعات الجولان. وتُرجم رأيه عن المدة التي يجب أن تحتفظ بها إسرائيل بسيادة كاملة على الجولان إلى العربية بعبارة «إلى الأبد». يقول ديرمر في تصريحات له : «حاول الكثير من رؤساء وزراء إسرائيل في السابق التفاوض حول اتفاقيات سلام مع سوريا وكانوا مستعدين لتقديم تنازلات عن أراضٍ في الجولان. ويعكس تصريح رئيس الوزراء حقيقة واقعة وهي أن سوريا تنهار، وأن القوى التي تعمل هناك تشكل تهديدًا على إسرائيل. نحتاج إلى تلك الأرض ذات الأهمية الاستراتيجية لحماية شعبنا. وفي ظل الوضع الحالي، من غير المنطقي أن تنسحب إسرائيل من هناك، بيد أن البعض يشيرون إلى مقترحات سياسية تقوم فيها الحكومة بذلك. ستكون تلك كارثة أمنية على إسرائيل إذا أحاط (داعش) وإيران ببحيرة طبريا. وأعتقد أنه يجب فهم هذا التصريح بتلك الطريقة، وليس فقط في العالم العربي بل على مستوى المجتمع الدولي». وعن تصريحات نتنياهو بشأن الجولان والتي أثارت جدلا كبيرا في الأوساط العربية،يقول فرانك سلامة أستاذ اللغويات العرقية في كلية بوسطن والكاتب السياسي الذي يركز على قضايا سوريا والشرق، وهو خبير في اللغات العبرية والعربية والآرامية والسريانية: إن التصريح تضمن تفاصيل أكثر دقة مما التقطته وسائل الإعلام العالمية في تقاريرها، والتي كانت، من وجهة نظره: «تعتمد على توصيف مشكوك فيه لما كان في الواقع أربع تصريحات بشأن جوانب علاقة إسرائيل بالجولان». يقول سلامة: «يمكن أن تكون هناك سيادة مشتركة على الجولان. ويمكن أن تكون هناك دوريات إسرائيلية أو سورية أو دولية مشتركة في الجولان – وهو ترتيب لا يتغير بموجبه الخط ولكن يتغير فيه تكوين القوات الموجودة على الأرض بطريقة ما. وفي مثل تلك التسوية، ربما لا تنسحب إسرائيل بالكامل من الجولان، ولا تتخلى بالضرورة عن السيادة على جزء منها، ولكن يمكن أن تسلم السيادة إلى سوريا على جزء منها وتحتفظ بالسيادة على جزء آخر منها». وفي تلخيص لرؤيته، قال سلامة: «يمكن قراءة تصريحات رئيس الوزراء على أنها تترك الباب مفتوحا أمام مستقبل تتفاوض فيه حكومة سورية مستقرة على نوع من التسوية المقبولة من الطرفين على جزء من الجولان في إطار الوصول إلى اتفاق سلام مع إسرائيل. ولا شك ان سكان المنطقة يأملون في أن يأتي يوم يحل فيه الأمن والاستقرار في سوريا، ولا يحيط فيه (داعش) أو إيران ببحيرة طبريا كما هو الحال في الوقت الراهن». دولتين لشعبين من جانبه اعرب السفير الإسرائيلي عن أمله في أن أي خلافات قد تنشأ حول ترتيبات إقليمية معينة يمكن أن تتم معالجتها مع مرور الوقت،« على الرغم من الخلافات التي ربما نجدها بخصوص تفاصيل محددة في أي اتفاق مستقبلي، أرجو أن نستطيع، بعد مرور 14 عاما على المبادرة العربية، العمل معًا بتلك الروح نحو سلام إقليمي واسع. على مدار أعوام، يقول الناس إن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوف يحل جميع مشاكل المنطقة. ولكن كما قال رئيس الوزراء نتنياهو، ربما تساعدنا فعليا عملية اتجاه المنطقة إلى التقارب معاً على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.» وأضاف: «كما يطالبنا الفلسطينيون بالاعتراف بدولة فلسطينية، نطالبهم بالاعتراف بدولة قومية للشعب اليهودي».وهذا الشرط الضروري، كما وصفه خطاب رئيس الوزراء واحد من شرطين.أما عن الثاني، فهو: « أن يتم الالتزام بالحد الأدنى من متطلبات إسرائيل الأمنية، لحماية السلام وحمايتها إذا انهار السلام». ولكن هناك عدم وضوح في بعض الدوائر العربية فيما يتعلق بما يعنيه «الاعتراف بإسرائيل بدولة قومية للشعب اليهودي». ومن وجهة نظر ديرمر أن «المقصود بذلك ليس دينيا. فاليهود أصحاب دين وشعب. وتوجد نسبة 25 في المائة من مواطني إسرائيل من غير اليهود. ولا يتوقع منهم اعتناق الدين اليهودي. ويجب أن يحصل المواطنين اليهود والمسيحيون والمسلمون على حقوق فردية متساوية. وتظل إسرائيل الوحيدة التي توجد بها حقوق جماعية لليهود. ولكن ما أعرب عنه ديرمر عن الاستعداد لتبادل الأخذ والعطاء مع الفلسطينيين لا يتماشى إلى حد ما مع التقارير الإخبارية عن تصريح أدلى به رئيس الوزراء نتنياهو أثناء الانتخابات الإسرائيلية التي أجريت في العام الماضي، والذي بدا فيه أنه يستبعد حل الدولتين في فترة رئاسته للوزراء. أثارت التصريحات انتقادات في العالم العربي بالإضافة إلى عدة عواصم غربية. عن تلك التصريحات أوضح السفير الإسرائيلي في تصريحات: «لم تكن تلك الرسالة المقصودة على الإطلاق. لقد سئل حسب ما فهمه عما إذا كان يتوقع إقامة دولة فلسطين في فترة حكمه المقبلة. وصدر تعبير عن وجهة نظر مشابهة من الرئيس الأميركي وآخرين ممن قالوا، لسبب ما، إنه بغض النظر عن المسؤول، لا يمكننا الوصول إلى حل نهائي الآن، ولكن يجب إقامة جسور الآن للوصول إليه في المستقبل. إنه إدراك للواقع قصير الأجل. ونأمل أن نجد شريكًا فلسطينيًا مستعدًا للقبول بمتطلبي إسرائيل اللذين يمثلان الحد الأدنى من أجل عقد اتفاق سلام». في الأعوام الأخيرة، زادت الانتقادات ضد «حل الدولتين» من أطراف ترى أنه شعار دولي – يتعلق بالكياسة الدبلوماسية أكثر من كونه نتيجة واقعية لمفاوضات. ولكن أكد ديرمر على أن حكومته ترى أن تلك رؤية مبشرة لا تزال تستحق المحاولة: «آمل أن يستفيد الفلسطينيون بالفرص التي ستنشأ من السلام مع إسرائيل. يوجد بين الفلسطينيين كثير من الشخصيات المبدعة والمتعلمة، عندما يجمعون تلك الطاقات المبدعة لبناء مجتمعهم وتحقيق مستقبل أفضل، سيجدون في إسرائيل شريكًا متحمسا. ولا يوجد حد لما يمكن أن نحققه معا». فيما يتعلق بالمفاوضات مع الرئيس محمود عباس، أعرب ديرمر عن أسفه لنتيجة الاتصال المحدود الذي تم بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس محمود عباس: «سياسة إسرائيل هي أن المستوطنات قضية سيتم التفاوض بشأنها في مفاوضات الوضع الأخير. ولم تكن مطلقًا شرطًا مسبقًا في مباحثات السلام. وقد أراد رئيس الوزراء عقد مباحثات سلام من دون شروط مسبقة منذ سبعة أعوام،وتحدث إلى الرئيس عباس لمدة سبع ساعات فقط طوال الأعوام السبعة الماضية، لأنه يرفض مقابلة رئيس الوزراء من دون موافقته على كثير من الشروط؛ كان أحدها تجميد بناء المستوطنات. وعندما أوقف رئيس الوزراء بناء المستوطنات لمدة عشرة أشهر استغرق الأمر تسعة أشهر حتى يأتي الرئيس عباس إلى المفاوضات. وعندما جاء، كل ما تحدث عنه كان مد فترة تجميد بناء المستوطنات. تلك القضية يمكن ويجب أن تُحل – ولكنها لم ولن تكون مطلقًا السبب في عدم وجود سلام. يجب أن نتناول كل القضايا في المفاوضات.

مشاركة :