اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لسيلان إيجنسوج أن انقلاب تركيا الفاشل في 15 يوليو الماضي أدى إلى توحيد القوى الموالية للرئيس رجب طيب أردوغان وللمعارضة لأول مرة، وهو ما ظهر بشكل واضح من خلال الحشد الكبير الذي تجمع في استانبول في وقت سابق من هذا الشهر وضم أكثر من مليوني شخص من الموالين لأردوغان والمعارضين له والذين تركوا خلافاتهم السياسية جانبًا، عندما رفعوا الأعلام الحمراء والبيضاء جنبًا إلى جنب وتوحّدوا في معارضة الانقلاب وحركة فتح الله غولن الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة والمتهم بأنه الجهة المدبرة للانقلاب الفاشل. التقرير ركز على الآتي: أردوغان حثّ مواطنيه خلال تلك المسيرة الحاشدة على التركيز على العدو المشترك شعبيته ارتفعت وفق آخر الاستطلاعات من 47% قبل الانقلاب إلى 68% بعده. اردوغان خاطب انصاره فى الحشد باسطنبول قائلا: «لقد أتينا هنا جميعًا لإنقاذ الوطن من القوى الخارجية، لذا فنحن هنا حبًا لهذا الوطن ولهذا العلم». وقالت إيجنسوج: إن أردوغان الذي يدير البلاد منذ أكثر من عقد ركز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بكل الحزم على هذا العدو (المشترك)، وإن شعبيته ارتفعت وفق آخر الاستطلاعات من 47% قبل الانقلاب إلى 68% بعده. وتطرق تقرير»نيويورك تايمز» إلى عملية التطهير الشاملة في أجهزة الدولة التي استهدفت كل من يشتبه بأنه من أتباع غولن، حيث فقد عشرات الآلاف وظائفهم مما أثار حفيظة الحلفاء الغربيين الذين أبدوا تخوفهم من أن تجتاح عقلية (المطاردة) أرجاء تركيا واندفاع أردوغان نحو المزيد من التسلط. ولكن في تركيا ينظر المجتمع إلى مثل هذه العمليات (التطهير) بشكل مختلف بالمجمل، إذ انه يضيف نقطة أخرى لصالح أردوغان حتى من قبل أولئك الذين كانوا ينتقدونه. ويضيف التقرير أن سلسلة الهجمات الإرهابية التي قامت بها داعش والمليشيات الكردية قبل الانقلاب أثرت على معنويات الشعب التركي، ولعبت دورًا كبيرًا في توحيده، وهو ما اتضح بشكل أكبر بعد الانقلاب من خلال التفجير الانتحاري في حفل الزفاف السبت الماضي عندما استجاب المواطنون الأتراك لدعوة أردوغان للذهاب إلى الساحات العامة والدفاع عن الديمقراطية. ويرى بعض المحللين أن المشهد الوحدوي الذي ظهر في تركيا بعد الانقلاب لن يدوم طويلاً، «إذ سرعان ما تعود الخلافات القديمة إلى السطح بعد استقرار الأمور». ويرى سيمون والدمان عالم الاجتماع السياسي المتخصص في دراسات الشرق الأوسط في «كينجز كوليج لندن» إن العديد من المشكلات التي كانت تقسم البلاد قبل الانقلاب ما تزال قائمة، وان توحيد البلاد ضد شيء ما كالانقلاب أسهل بكثير من توحيد رؤيتها نحو المستقبل».
مشاركة :