«مسعفات دبي».. أيادٍ إماراتية تضمد الجراح

  • 8/26/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: مصعب شريف مع صباح كل يوم جديد تضع المرأة الإماراتية بصماتها في مختلف القطاعات المهنية والعلمية والخدمية، عبر جهد متصل يواكب النمو الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات، ويزخر القطاع الصحي بقصص نجاح مختلفة لنساء إماراتيات تحدين الصعاب واقتحمن الأقسام المختلفة، ويعتبر الطب الطارئ والإسعاف من المجالات الصعبة التي تواجدت فيها المرأة وأثبتت من خلالها كفائتها وقدرتها على العمل في أصعب الظروف. وتنبع خصوصية الإسعاف من كونه أحد التخصصات النادرة التي تفوقت فيها المرأة الإماراتية وأثبتت أنها لا تقل كفاءة عن الرجل في هذا الميدان بل تتفوق عليه أحياناً، وتحفظ سجلات مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف قصصاً بطولية قامت فيها الإماراتية بدور مؤثر وحيوي في إنقاذ أرواح كادت أن تفارقنا لولا يقظة المسعفة أو السائقة ومثابرتها وحرصها على أداء دورها بمسؤولية. ونستعرض فيما يلي بعض تلك الأسطر المنيرة.. يوجد العنصر النسائي في جميع مفاصل إسعاف دبي بدءاً من سائقات السيارات ومروراً بالطاقم الطبي من مسعفات تلقين تدريبات متقدمة، وانتهاءً بمشرفات ومناوبات، الأمر الذي يجعل من عمل المرأة في هذه المؤسسة أمراً طبيعياً يعكس توجهات الدولة في تمكين المرأة وتعزيز دورها، وفي كل موقع من هذه المواقع التي تعمل فيها تقدم نجاحات كبيرة تتعلق بسرعة الاستجابة للحالات، التي تعتبر الرهان الأكبر في عمل المؤسسة، فالثانية الواحدة في الإسعاف كفيلة بإنقاذ شخص من الموت، إذ يعتبر الزمن عاملاً حاسماً ومفصلياً في التعامل مع الحالات المختلفة، إضافة للمهارة الطبية الفائقة في التعامل مع الحالات المختلفة في فترة زمنية وجيزة عبر إجراء كل الإسعافات الضرورية في موقع الحادث ونقل الحالة بسلام للمستشفى. في كل هذه الأدوار تقدم المرأة دروساً مختلفة، توجت بحصول المؤسسة على جوائز برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز من فئات الجندي المجهول في الأعوام 2012 و2013 و2016، وفي كل مرة تكون الإماراتية الجندية المبدعة في ميدان الإنقاذ والإسعاف. وخلال هذا التواجد اليومي للعناصر النسائية، تقفز عشرات القصص عنوانها التفاني والإخلاص وحب العمل، ففي ساعات العمل الطويلة تتنوع المواقف الإنسانية التي يجدن أنفسهن فيها، حسب ما تؤكد ذلك عائشة علي البلوشي، فني الطب الطارئ، التي تشير إلى أن العمل في الإسعاف أتاح لها فرصة للتعرف إلى الكثير من أوجه الحياة الأخرى، والاقتراب من معاناة الناس، مؤكدة أنها في كل بلاغ وحالة تعود بتجربة وخبرة كبيرة جداً. وتضيف: بينما كنت متجهة للاستجابة لبلاغ حادث دهس طفل تمالكت نفسي واستجمعت قواي لإنقاذ الطفل المصاب في رأسه الذي كان ينزف بغزارة وأسعفته بتضميد الجرح وإعطائه الأوكسجين. ونقلت الطفل المصاب إلى المستشفى وبينما كنت في الطريق غالبتني دموعي، فهذا الطفل المصاب في عمر أبنائي. وتؤكد البلوشي أن عاطفة الأمومة تلعب دور المحفز للنجاح في العمل كفني طوارئ. وإلى جانب عملها كسائقة في الإسعاف، تقوم جود محمد، وهي أم ل 6 أطفال، بدور المسعف في كل الحالات التي تخرج فيها، وتتضاعف مهامها التي تنقسم بين الوصول السريع لمكان الحالة، والمشاركة السريعة في الإسعاف. تشير إلى أنها تخرج كل ليلة من منزلها تاركة أطفالها الستة، وتتوجه إلى مقر المؤسسة، لتتولى قيادة سيارة الإسعاف من الساعة التاسعة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، تتنقل بها إلى مواقع الحوادث، وتسهم في إنقاذ مصابين، وأحياناً تشارك في إجراء جراحات توليد لنساء حوامل. وهي واحدة من7 مواطنات اخترن مهنة سائق سيارة إسعاف، وأصبحن فريقاً نسائياً محترفاً في هذه الوظيفة، وعلى الرغم من صعوبتها، فإنهن يؤدينها بكفاءة كبيرة ضمن فريق واحد. وتجد محمد مساندة كبيرة من أسرتها وأبنائها في أداء المهام التي يتطلبها عملها، فهي حسب ما تروي لم تجد معارضة من أبنائها، الذين رحبوا بهذه الوظيفة الإنسانية، وهم لا يمانعون أن تتركهم ساعات الليل بمفردهم، لأنهم يعلمون أنها تسهم في إنقاذ أرواح مرضى ومصابين. ولا تنسى حين انتقلت لتلبية بلاغ بوجود امرأة في حالة وضع داخل سيارة خاصة، فتولت المسعفات نقلها إلى داخل سيارة الإسعاف للتعامل معها، بينما تولت جود حمل الرضيع في أول لحظات حياته إلى جانب مجموعة من المواقف الإنسانية المماثلة التي تجعلها كل يوم تتمسك أكثر بوظيفتها. مزون راشد، مسعفة حائزة بكالوريوس الطب الطارئ المتقدم، من كلية التقنية العليا وتعمل في مركز الإرسال الطبي في الإسعاف، تقول إن عملها يتيح لها التعامل المباشر مع الجمهور، الأمر الذي يفرض عليها أن تكون متيقظة على الدوام، ففي أي لحظة يمكن أن تجد ما يتطلب الاستجابة السريعة. وتشير راشد إلى أنها تتلقى عشرات البلاغات يومياً، وهي بلاغات متنوعة ومعقدة بحيث تتطلب التعامل معها بطرق مختلفة حفاظاً على حياة الناس، ففي إحدى المرات مثلاً تلقت اتصالاً من شخص تعرض صديقه لأزمة قلبية وأصبحت حالته حرجة جداً وربما يفقد حياته قبل وصول سيارة الإسعاف وأضافت أن الحل الوحيد أمامها كان محاولة إنقاذ المريض عبر توجيهات هاتفية بإجراء إنعاش قلبي للمريض وشرحت له خطوات ذلك وما يجب عليه أن يفعله لتنشيط عضلة القلب ما أدى إلى إعادة النبض إلى قلب المريض وإنقاذ حياته. الإنسانية تغلب الطابع المهني في مجال عملنا، بهذه العبارة تؤكد منال آل علي، مناوب الفئة بإسعاف دبي، حديثها عن المهام الإنسانية الكبيرة الملقاة على عاتقهن. مشيرة إلى أنهن أتيحت لهن الفرصة لإثبات سيطرتهن على زمام الأمور والعمل بروح الفريق الواحد، إضافة إلى الثقة بالنفس والشجاعة في مواجهة تحديات وضغوطات العمل وعدم تقبل المجتمع لعمل المرأة داخل سيارة الإسعاف وانتقالها للحوادث والبلاغات ولكن طبيعة عملنا في الطوارئ جعلنا أكثر شجاعة وجعلت المجتمع يتقبلنا بل ويساعدنا. سميرة البلوشي، قائد موقع في إدارة الأزمات والكوارث لا تخيفها بشاعة المنظر ولا يوقفها هول الكارثة عن أداء واجبها بإتقان. تقول إن من الحوادث الكبيرة التي استطاع فريقها السيطرة عليها، كان حريق فندق العنوان، حيث واجهت الموقف بكل شجاعة وتواصلت مع قائد موقع الدفاع المدني لمعرفة عدد المصابين وأمرت بعمل موقع لتصنيف الحالات وحصر عددهم وتعاملت مع الموقف بكل ثبات وفدائية. وتعتبر السائقة المواطنة مريم عبدالله، قيادة سيارة إسعاف، ليست بالأمر السهل، وليس كل من يقود سيارة قادراً على التحرك بمركبة إسعاف، موضحة أن قيادتها تحتاج إلى تركيز شديد، وفي الوقت نفسه التحرك بسرعة للوصول إلى المصابين في عدد قليل جداً من الدقائق. وتضيف: أكثر ما يواجهنا أثناء أداء مهمتنا، تعمد البعض السير بسياراتهم أمام سيارة الإسعاف، أو خلفها، وهو ما يحتاج منا إلى مهارة عالية في القيادة. بينما تفخر زميلتهما زينب جمعة، بأنها صاحبة لقب أول سائقة إسعاف في الدولة، إذ تشغل هذه الوظيفة منذ عام،2007 وأظهرت كفاءة عالية في مهام عملها على مدار الأعوام الخمسة الماضية، ما أهلها للفوز بجائزة دبي للأداء الحكومي المتميز فئة الجندي المجهول وتقول: نتعرض لكثير من المواقف الصعبة أثناء عملنا، ونتوجه إلى إسعاف إصابات بليغة جداً، لكننا نتماسك، ونخالف طبيعتنا النسائية، حتى نستطيع نقل المصاب إلى المستشفى من دون تعريضه لأي مضاعفات. خليفة بن دراي: أثبتن أن الإماراتية على قدر التحدي جهد المسعفات وغيرهن من العناصر النسائية في مؤسسة دبي للإسعاف، يعبر عن توجهات حكومة دبي لتمكين المرأة، كما أن النجاح الذي يحققنه في المجال يشير إلى أن الرهان عليهن ككوادر وطنية يمكن أن تقدم الكثير في المجال يعتبر رهاناً صائباً، حسب ما يؤكده خليفة بن دراي المدير التنفيذي للمؤسسة، مشيراً إلى أن المسعفات المواطنات أثبتن أن المرأة والفتاة الإماراتية تقبل التحديات، وتواجهها ولا تخشاها والدليل عملهن في كل الجوانب والشؤون المختلفة بالإسعاف وتحديداً الجانب الميداني والتخصصي والطبي. ويضيف بن دراي أن استراتيجية المؤسسة المحدثة (2016م-2021م) تحث على تقديم الخدمات الإسعافية المتكاملة والذكية وصولاً إلى رفاهية المتعاملين وإسعادهم، ويتابع قائلاً: نحن في المؤسسة حريصون على توظيف المواطنات في كل المهن عملاً بسياسة حكومة دبي بدعم المرأة، وكان تحدياً كبيراً أن يتم توظيفهن في مهنة صعبة مثل مهنة سائق إسعاف لكن النجاح الذي تحقق يدلل على أنهن خيار مناسب للعمل في المؤسسة، نتمنى لهن التوفيق في أداء مهامهن.

مشاركة :