الأضحى يوقظ حنين المغتربين عن أوطانهم..والذكريات تضّمد الجراح

  • 8/24/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من هدير الغربة الجامح إلى أنين الحنين الجارح، من عذابات الفرقة القاتمة إلى آلام الوحدة القاتلة، القلب ينبض بالأمل والروح تتوق إلى رؤية الوطن والعين تشتهي كحلة الأرض. ها هو العيد يطل علينا من جديد، نعم، عيد بعد عيد، لكن أين للنفس أن تقر سيرورتها وأين للروح أن تهدأ مهجتها، الوطن بعيد كل البعد تثكله الجراحات وتبدد أوصاله السياسات والكل يرقص في كرنفال الطائفية مما يزيد من جلل المصاب. الأهل في منأى تفصلنا المسافات، ويبقى العزاء كل العزاء في نشوة العودة الموعودة وتحقيق الأحلام المرجوة على المستوى الثقافي، العلمي أو المادي. لقد جاء العيد وجل ما نقوله لقد حلَّ أهلًا، لكنه لم يطأ سهلًا ونعني سهلنا سهل الغربة. نعم للعيد في الغربة معنى آخر، معنى يخلو من كل مغنى، فلا صبيحة العيد ترى الأهل، لن تلقى الأحبة لتتبادل معهم فرحة العيد. هو يوم عادي، تزاول يومك بصمت رهيب وجل ما قد يخرق هذا الصمت رسالة من صديق على هاتفك يبارك لك عيدك. ومع نسمات أول أيام العيد المُبارك، تستيقظ المشاعر داخل نفوس المغتربون عن أوطانهم، والذين يقضون فرحة العيد بعيدًا عن الأهل والأصدقاء والأقرباء، وفي داخلهم الطموح والإصرار بالعودة إلى أرض الوطن حاملين حصاد وتعب سنين قضوها في الغربة، ومما لا شك فيه إن العيد ليس له طعم بدون الأهل والأصدقاء وخصوصًا اجتماع العائلة في منزل الجد وتبادل التهاني والتبريكات في العيد. ما العيد إن لم أكتسي وطنــي ويزدهي الفـرحُ في أسمى معانيـهِ ؟  ما العيدُ في غُربةِ حمقـى تُحطمنـي مِن غير أهـلٍ ولا خِـلٍ أُناجيـهِ ؟  التقت «العرب» مع بعض المغتربين من الجالية المصرية داخل الدوحة، حاكى بعضهم عن آلام الغربة التي اضطر إليها قسرًا لتدبير عيشة مناسبة له وأهله، كان الألم في حضور العيد منفردًا بعيدًا عن الأهل والأحباب هو القاسم المشترك بينهم. حيث قال "أحمد حسين"، مقتضبًا حديثه، إن العيد بعيدًا عن الأهل ما هو إلا ساعات من الحزن والوجع. وأكد "أحمد السقا"، إنه وبالرغم من فرحة قدوم العيد، إلا إنه يكون يومًا عاديًا رتيبًا، يمر عليه كأي يوم عمل، أول اليوم يستمتع مع أصدقاءه بصلاة العيد، وفي منتصف النهار تبقى أصوات أجهزة التكييف هي المؤنس الوحيد الذي يشق صمت المكان، لا أطفال في الخارج، لا هدايا، لا أحد يطرق بابك ليهديك «المعايدة»، لا صوت لأشخاص ينادون على جلد الأضحية «الشّرار» ، لا طفلة انكسر «محبس شعرها» والتهت نصف العائلة بإلصاقه، لا رائحة قهوة..لا أحد سوى ستارة «الشفق والغسق» المرخية على نافذة الزمن تأخذ يومًا من عمرك وترميه في سلة الأيام المستعملة –هكذا يقول-. ويحكي "خالد محمد"، إن عيده يبدأ بالصلاة صباحًا ثم النوم قليلًا، ومن ثم استقبال صور أطفاله في العيد على «الواتساب»، وينتظر يومه الجديد ليغمس لقمة العيش بفضاء الكدح. يقول "أحمد تلاوي"، يبقى العيد في الديار له إيقاعه ونمطه المحفوظ عبر طيات ذاكرتنا نستعيد أجمل لحظاته عندما نحمل الهاتف ونُعيّد على أهالينا على بعد آلاف الكيلومترات، وكلنا شوق وحنين لعناقهم، هذه اللحظات غيبتها الغربة، في الغربة نجتمع مع الأصدقاء ونخرج للتسامر والتنزه، ليس إلا، فالعيد يمضي كأي يوم آخر، إلا أنه يخالجنا لحظات من الشوق والحنين إلى طعم العيد في الديار. يعتبر "وليد أبو عجيلة"، أن العيد مناسبة لطمر الأحزان، وتتوسع فيه مساحة المحبة والتسامح، فمكانة العيد في كافة الدول العربية والإسلامية تعني التقارب والفرح والحبور، ويضيف: "بفضل الله كمقيمين لا نشعر بالوحشة أو الاغتراب لأننا نعيش في واحة من الأمان والسلام في دولة قطر". ولكن في أيام العيد بالتأكيد نشتاق إلى أوطاننا وإلى أجواء العيد فيها، إلا أن عزاءنا في ذلك محبة أهل قطر وإحساسنا بأننا بين أهلنا وذوينا هنا.  ويوضح: في عيد الأضحى بمصر  نشهد نحر الأضاحي وتبادل الموائد واللحوم بين الأهل والجيران، والاستعداد لاستقبال الحجيج، حيث تطلى منازلهم بطلاء أبيض ويكتب عليها "حج مبرور وسعي مشكور". وهذه الطقوس نفتقدها بعيدا عن أرض الوطن. يشير "أسامة أبو يوسف"، إلى أن العيد يحل في كل عام، حاملا معه البهجة والفرحة إلى قلوب الجميع، فهو فرصة لالتقاء الأصدقاء والأقارب، في جلسات غالبا ما ينشغل عنها الإنسان بسبب مشاغل الحياة اليومية. إلا أن عيد المغتربين له معنى آخر، فهو يأتي حاملا معه اللهفة إلى الوطن والشوق إلى الأهل، والحنين إلى تفاصيل اعتادوا عيشها في أوطانهم. مؤكدًا، أن العيد له فرحته في أي مكان كان ..خاصة لو كان في دولة عربية ومسلمة لها نفس العادات والتقاليد، ولكن العيد في الوطن و وسط الأهل والأصدقاء والأحباب له طعم خاص وفرحة مختلفة. تضيف "داليا أحمد"، من آن لآخر ينتاب الفرد كمغترب الحنين إلى الوطن خاصة في المناسبات سواء الفرح أو الحزن، ففي الأحزان ينفطر القلب لعدم وجود ابن البلد بجانبه يشد من أزره ويخفف عنه وطأة حزنه وألمه، والفرحة لا تكتمل بهجتها ورونقها إلا عندما تجد من يشاركك هذه السعادة، والعيد في مصر يتهيأ له الصغير والكبير بالزي والزينة داخل البيوت وفي الشوارع وإطلاق الألعاب النارية والمفرقعات وأكثر ما نفتقده هو الأهل الذين هم سبب إدخال الفرحة في القلوب.  ويرى "طارق النحاس"، إنه لم يعد للعيد بهجة كما في السابق لربما بسب الأوضاع التي تشهدها الشعوب العربية المنتفضة، فالأجواء أصبحت مشحونة، والشوارع تسير على غير عادتها، وربما يمر العيد كأي يوم من أيام السنة، ولكن نفتقد لطقوس العيد بين الأهل والأحبّة في مصر.  فيما يؤكد "محمود درويش"،  أنه من الطبيعي جدًا أن تجتاح النفوس مرارة الغربة في العيد، ويبدأ المرء في البحث عما يمكن أن يخفف عنه وطأة الغربة في هذا اليوم، بالخروج مع الأصدقاء وقضاء وقت ممتع معهم في مناطق عديدة، مشيرا إلى أن هذه هي ضريبة الغربة، ولا نستطيع أن نقف في وجهها إلا بالتعود والتأقلم مع الحياة وطبيعتها. ويختتم "عبدالرازق خطاب"، قائلًا إن الغربة تفيض بأشجانها وأحزانها أوجاعًا وآلامًا مهما اختلفت مرارتها وقسوتها فإنه لن يجدي معها شيء كدموع تتسابق في الانهمار، علّها تخمد ببرودتها جذوة الحنين وحرقة الاشتياق، حينما يشتدان بأروقة القلب، أو تذيب بحرارتها "زمهرير" البُعد وصقيع الوحدة الموحشة، وسط حشد كبير من الذكريات لملامح الوجوه وروائح الأمكنة، هي الغربة لا ولن تحتضن فرحة العيد، وعزاءنا إننا في بلد كريم نتعايش مع شعب طيب نذوب بينهم كأننا نسيج واحد.;

مشاركة :