بلاغ تلقته الأجهزة الأمنية من أحد الصيادين بإنقاذه فتاة من الغرق ونقلها للمستشفى في حالة غيبوبة، وعلى الفور انتقل رجال المباحث إلى المستشفى لمعرفة حقيقة البلاغ، وبسؤال الصياد أكد أنه أثناء مروره أسفل الكوبري بمركبه الصغير للصيد فوجئ بسقوط فتاة في النهر فأسرع إليها وتمكن من انتشالها من المياه لكنه لاحظ وجود ثلاثة رجال أعلى الكوبري يشاهدون الفتاة وهي تغرق من دون أن يحاولوا إنقاذها، وتبين أن الفتاة تدعى سماح إبراهيم وأن الرجال الثلاثة هم أشقاؤها سيد وبدير وخليل، وجاء في أقوال الصياد اتهام أشقاء سماح بإلقائها في النيل. تم استجواب الأشقاء الثلاثة الذين أكدوا عدم صحة تخيل الصياد وأن كلامه عار من الحقيقة، فتم الإفراج عنهم بضمان محل إقامتهم لحين إفاقة سماح واستجوابها. بعد ثلاثة أيام استردت سماح وعيها، وباستجوابها عما حدث لها وما إذا كان أحد قد دفعها لتسقط في النهر أكدت أن أشقاءها دفعوها لتلقي بنفسها وتنتحر بسبب تصرفاتهم، حيث أجبروها على العودة إلى زوجها، وعن أسباب محاولتها الانتحار أكدت أنها منذ عامين تقدم سمير ابن أغنى التجار في المركز والمقيم في القرية المجاورة لهم لخطبتها، وعلى الفور رحب به أشقاؤها، فهو شاب في مقتبل العمر سمعته طيبة وأخلاقه عالية، كما أنها كانت قد أصبحت عبئاً على أشقائها بعد وفاة والديها، وبالطبع كانت إقامتها بمفردها أمراً مرفوضاً، فكانت تتنقل للإقامة لدى أشقائها فاقدة الشعور بالاستقرار، وكلما شعرت بعدم القبول من أسرة أحد أشقائها على الفور تلملم متعلقاتها وترحل لشقيق آخر، وهكذا كانت حياتها، فاضطرت لقبول الزواج من سمير، واعتقدت أن استقلالها سبب كافٍ للزواج. تمت الخطوبة وفي البداية اعتذر سمير عن عدم شراء فستان للخطوبة متعللاً بوفاة أحد أقاربه فلم تهتم وصدقته، وكذلك فعل يوم زفافهما فلا فرح بسبب وفاة قريب آخر له، ومع ذلك تم الزواج وانتقلت لتقيم في شقة مستقلة في منزل عائلة سمير وهي تحلم بالعز الذي ستتمتع به، فكل صديقاتها كن يحسدنها على زواجها من سمير ابن الأغنياء، ومر الأسبوع الأول للزواج على خير، فالهدايا تنهال عليها من أقاربها وأشقائها بكثرة، لكن بعد ذلك كان على الزوجين أن يخططا لحياتهما وأن يرتبا لمعيشتهما، لكن سماح فوجئت بأن زوجها يرفض أن تعد أي نوع من أنواع الطعام في منزلهما وعليها أن تتسكع عند والديه ليأكلا معهما طوال اليوم. اعترضت سماح لكنه أكد لها أن هذا في مصلحتهما، وأنهما أولى من الغرباء. نفذت أوامر زوجها وإذ بها تجد أن حالة والديه يرثى لها، فهما يعيشان في قحط دائم على الرغم من أنهما يمتلكان الكثير والكثير، إلا أن البخل داء متأصل في العائلة بأكملها، فاللحوم لا تزور مطبخهما إلا في المناسبات، ومع ذلك يتميزون بحب المظاهر، ففي مآدبهم يجهزون موائد عليها كل ما لذ وطاب من جميع أنواع الطعام والفاكهة والحلويات. ضاقت سماح من القحط الذي يعيش فيه زوجها وعائلته مع أنها من أسرة أقل في المستوى المادي، لكنهم يعيشون في مستوى أعلى منهم بمراحل كبيرة، وناقشت الموضوع مع زوجها وطلبت منه أن يلتزم بدفع مصروف محدد للمنزل وعليها أن تتدبر هي عملية الإنفاق لكنه رفض وأكد لها أن الخير في منزل والده كثير ولا داعي للتبذير، وعندما شكت سماح لأشقائها عابوا عليها أن تتحدث في أمور الأكل، فهذه الأمور لا تتحدث فيها بنت من عائلة طيبة مثلها فتحملت حتى بدأت تفقد وزنها من شدة الجوع، ومرت الشهور والسعادة والبيت المستقل الذي حلمت به لم يتحقق منه شيء، وبدأت حماتها تسألها بين الحين والآخر عما إذا كانت حاملاً أم لا فطلبت من زوجها أن تذهب للطبيب للاطمئنان على نفسها لكنه رفض أن يدفع 50 جنيهاً قيمة الكشف ما دامت توجد الوحدة الصحية في القرية فأطاعته وتوجهت إلى الوحدة فطلبت منها الطبيبة إجراء بعض التحاليل والأشعةوهي غير متاحة في الوحدة الصحية وفوجئت بزوجها يتهرب منها وكل يوم يؤجل الذهاب للمعمل في المركز متعللاً مرة بانشغاله وأخرى بشعوره بالإجهاد، وعندما واجهته بأنه يتهرب من دفع قيمة التحاليل والأشعة وهددته إذا لم يدفع قيمة التحاليل فسوف تترك له المنزل، فلم يستجب لطلبها ولم تجد أمامها سوى أن تجمع ملابسها حفاظاً على كرامتها وتتوجه لمنزل شقيقها الأكبر لعله يساعدها في الحصول على الطلاق لكنه اتصل بشقيقيه الآخرين وفور حضورهما قرر الثلاثة إعادتها في الحال لمنزل زوجها حتى لا تتسع الفجوة بينهما،لكن سماح رفضت العودة لزوجها وبدأت تعدد لأشقائها صور بخله المتعددة، فهي تعيش في ظلام حتى تقلل من فاتورة الكهرباء، والثلاجة لا تعمل وعليها أن تشرب المياه من الصنبور بحجة أن الماء المثلج ضار بالصحة، وعلى الرغم من ذلك، أكد لها أشقاؤها أن الطلاق يعتبر عاراً سيحل بالأسرة، إلى جانب أن السبب ليس منطقياً ولن يتقبله الناس بسهولة، ووعدوها بالحديث مع زوجها وإعطائها نفقات علاجها مهما كانت القيمة المطلوبة، صرخت سماح بأنه لو كان زوجها فقيراً لوافقت على عرضهم بمساعدتها لكن المصيبة أنه غني جداً، فضغط الأشقاء على شقيقتهم وطلبوا منها أن تنفذ أوامرهم واصطحبوها في سيارة أحدهم ليعيدوها لزوجها، وبينما هم في الطريق أخذت سماح تفكر في المستقبل المظلم الذي ينتظرها، وفجأة وجدت شقيقها يتوقف بالسيارة ويعلن عن انفجار إطار منها وينزل الجميع لاستبداله، وبينما هم مشغولون كانت سماح تنظر للنهر حيث توقفوا وتحدثه عما يدور داخلها ورغبتها في الهروب من حياتها إلى الأبد، وبسرعة البرق قفزت في النهر وهي تصرخ لتعلن عن نهايتها ويسمع الأشقاء صوت الصراخ فيتأكدون أن مصدره شقيقتهم، وبينما هم ينظرون ليتبينوا الموقف شاهدوا الصياد وهو ينقذها. تنهي سماح أقوالها لتؤكد عدم وجود أي شبهة جنائية في انتحارها، وبخروج المحقق يتوجه إليها أشقاؤها معبرين عن أسفهم ويقسمون لها بأن نيتهم كانت صادقة ليحافظوا على زواجها ولم يتخيلوا أن المعاناة التي كانت تعيشها وصلت إلى هذه الدرجة التي تجعلها تقدم على الانتحار والتخلص من حياتها للأبد، ووعدوها بعدم العودة لزوجها إلا بعد أن يتغير وبعد موافقتها.
مشاركة :