متى ينهض العرب من جديد؟

  • 8/26/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

في السبعينات كان يُنظَر إلى العالم العربي على أنه القوة الخامسة في العالم، بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وأوروبا واليابان، ولم تكن الصين آنذاك قد تعملقت بعد. ويرجع ذلك إلى نجاح العرب في التسويق الجيد لفكرة العمل المشترك في الإعلام الغربي. وبغض النظر عما تحمله هذه الفكرة من دلالات حقيقية أو غير حقيقية، كان هناك ما يمكن تسميته بفاعلية التأثير العربي في العلاقات الإقليمية والدولية، ويُرد ذلك إلى عدد من العوامل الموضوعية، منها انتصار العرب على إسرائيل في حرب 73 وانفراج العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة وبدء التفكير في تفعيل التعاون الاقتصادي والسياسي العربي بتكوين مجالس التعاون العربية، وأهمها مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أوائل الثمانينات. وأعتقد أن معظم الأنظمة العربية التقليدية كانت في أوج قوتها في تلك الفترة وانعكس ذلك على التنظيم الإقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية، بخاصة بعد عودة الجامعة إلى مقرها في القاهرة عام 1990، بعد مرور تسع سنوات على اغتيال الرئيس أنور السادات. من هنا نتصور أن تلك عوامل أسهمت في تأكيد الفكرة المشار إليها، وقد استمر هذا الزخم لأكثر من عشرين عاماً، حتى جاءت حقبة ما بعد التسعينات حتى مشرق القرن الحادي والعشرين التي حملت العديد من المتغيرات نرى أنها أثَّرت سلباً على المشهد العربي، ومنها التفكك العربي بعد تراجع تدريجي لنبرة عداء العرب لإسرائيل وتوقيع اتفاقات للسلام بين بعض الدول العربية مثل مصر والأردن، مع إسرائيل. لكن الغزو العراقي للكويت في آب (أغسطس) 1990 كان صفعةً قاسية للعمل العربي المشترك، حيث اهتزت في الفكر والعقل العربي قيمٌ تربَّت عليها أجيال سابقة، مثل التضامن والوحدة العربية. وعلى رغم وجود نزاعات عربية – عربية، إلا أن غزو الكويت كان سابقةً خطيرة في العلاقات بين الدول العربية، أسهمت في شكل غير مباشر في تكريس حالة من الخمول العربي، تزامنت مع ما لحق بالبيئة الدولية من تغيرات جراء انهيار المعسكر الشرقي وتفكك الاتحاد السوفياتي وزوال ما كان يعرف بالحرب الباردة. ومن ثم لم يكن أمام الدول العربية سوى التقارب مع الولايات المتحدة الأميركية في ظل نظام دولي أحادي القطب. ومن المعروف أن أي قوة عالمية حتى تؤثر لا بد أن يكون لها خصوم وأعداء، وهذا ما كان موجوداً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتمثل في العدو الشيوعي. لكن مع سقوط المعسكر الشرقي بات على واشنطن أن تبحث عن عدو بديل، تمثَّل في التيار المعادي للمصالح الأميركية، في الشرق الأوسط. واستغلت أميركا غزو العراق للكويت للانقلاب على الصديق القديم صدام حسين الذي كان بمثابة مخلب قط في مواجهة الأطماع الإيرانية التي بلورتها حكومات الملالي منذ قيام ثورة آية الله الخميني عام 1979. وزاد من تفاقم المشهد، التدخلات العسكرية الأميركية المباشرة في دول الشرق الأوسط، وكان أبرزها أفغانستان ثم العراق، وأعتقد أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) كانت مبرراً لصنع أو بلورة شكل العدو البديل الذي تمثَّل في تنظيم «القاعدة»، ثم تنظيم «داعش» لاحقاً. ولا شك في أن الثورات في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن، رسمت خريطةً جديدةً للمنطقة زادت من الضعف العربي لأن المحصلة النهائية كانت عكس ما أرادته الشعوب من هذه الثورات. وتعد مصر النموذج الأكثر وضوحاً في هذا الصدد، فلولا قيام ثورة 30 حزيران (يونيو) لسقطت مصر في نفق مظلم سبقتها إليه من قبل ليبيا وسورية والعراق. وهو الأمر الذي يجعل مصر مستهدفةً حتى اللحظة. لكنْ كيف ينهض العرب من جديد؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال ستظل رهناً بوجود إرادة سياسية عربية حقيقية في ظل عالم متغير تحكمه معايير تفتقد إلى العدالة والديموقراطية، وبالتالي لا بديل عن عودة مفهوم العمل العربي المشترك إلى أدبيات الفكر العربي وتفعيل أوجه التعاون والتكامل بين الدول العربية والتمسك بالخريطة القديمة للعالم العربي التي تعكس القوة والتوحد، والتيقن من أن المستفيد الأول والأخير من الحالة العربية الراهنة هم أعداء الأمة، وعلى رأسهم إسرائيل.     * كاتب مصري

مشاركة :