مع انطلاق الجولة الثانية لمفاوضات جنيف 2 تبدو ملامح «التوافق المؤقت» بين وفد النظام والمعارضة شاحبة وباردة برود جو جنيف، خاصة أن وفد النظام بدا وكأنه غير من استراتيجيته والتحف عباءة الهجوم على الأطراف التي يشعر أنها ستشكل جبهة قوية ضده. هجوم وفد النظام ظهر على جبهتين: جبهة تذهب في اتجاه إقناع الرأي الدولي والأطراف الراعية للمؤتمر بمناقشة النقطة الأساسية والمحورية، حسب تصريح المقداد، وهي مكافحة الإرهاب ومن ثم الانحراف بالمؤتمر عن هدفه الرئيس، وإقناعهم بضرورة شجب وإدانة المجزرة التي ارتكبت قبل أيام في حماة ضد أشخاص يقال إنهم علويون.. ومحاولة إلصاقها بالمعارضة المسلحة. والجبهة الثانية هو مهاجمة فرنسا وبعض الدول واتهامها بالإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان. اتهام فرنسا من قبل المقداد، بدعمها للإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان، يأتي بعدما شعر نظام بشار الأسد أن فرنسا أصبحت تشكل خطورة عليه خاصة بعد التحركات الأخيرة للإليزيه وإخراج أوراق لم يحسب لها حساب، إضافة لطرحها مشروع الحل الإنساني وفتح ممرات لعبور القوافل الإنسانية. وقد سعت فرنسا لحشد الديبلوماسيات الغربية حول الموضوع بإشراك الأردن ولوكسبورنغ ولندن ودول أخرى... لكن الخلفيات الحقيقية لسياسة نظام الأسد الهجومية مردها تصريحات الإليزيه وعلى لسان رئيس الديبلوماسية الفرنسية لوران فابيوس الذي قال إن الأسد هو الذي يمول الجماعات الإرهابية على التراب السوري ويدفعها لارتكاب جرائم ضد الشعب لخداع المجتمع الدولي ودفعه لمساندته بحجة محاربة الإرهاب، ومن ثم بقائه في السلطة. فرنس اعتبر أن ورقة توحيد صفوف المعارضة وانضمام شخصيات عاشت في حضن النظام وانشقت عنه مثل «مناف طلاس» هي ورقة رابحة ستضغط بها مع كل الدول الداعمة للمعارضة من أجل نقل السلطة، ومحاكمة بشار الأسد لأن المجتمع الدولي، حسب فابيوس، متخوف من مرحلة ما بعد الأسد وعليه إعطاء الضمانات الكافية لتوحيد الجهود حول مرحلة انتقالية توحد الرؤى بين الجبهات القتالية على الأرض وتوحيدها لمكافحة الجماعات المتطرفة التي تغذيها إيران وحزب الله. وفرنسا، على لسان رئيس ديبلوماسيتها وبلهجة صارمة، حذرت الأسد ونظامه من الاستمرار في التعنت وقتل المدنيين، وأشارت إلى أنها ستغير لهجتها وسياستها في المرحلة القادمة، وهو ما شعر فعلا بخطورته نظام بشار الأسد، فاتخذ من سياسة الهجوم عليها أسلوبا لحشد الرأي العام حوله، في حين قال فابيوس إن نظام الأسد لم يحترم يوما ما التزاماته أمام المجتمع الدولي بما في ذلك التزامه بتدمير ترسانته الكيميائية الذي كان من المفروض أن يسلمها كاملة في بداية شهر فبراير لكنه لم يسلم إلا 5 بالمائة حسب التقارير التي وصلت الإليزيه. وفي حال عدم التزام النظام السوري بذلك، فإن فرنسا ستلجأ لخيارات أخرى، سترغم الأسد على الانصياع. منسق الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ومن خلال الجولات التي جمعته مع الوفدين، قال إن التعنت الذي يتسم به وفد النظام يصعب كثيرا من الوصول إلى حل توافقي مما قد يلزم الدول الراعية إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تحمل الطرفين مسؤوليتهما عن استمرار قتل الشعب السوري.. الإبراهيمي ألزم الوفدين بالجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة الورقة التي في فحواها إقامة هيئة الحكم الانتقالية وإنهاء العنف ومحاربة الإرهاب، وهما أهم الموضوعات التي يجب معالجتها من أجل تطبيق بيان جنيف 1 تطبيقا كاملا. وأشار إلى أن التقدم في تحقيق التفاهم اللازم حول هيئة الحكم الانتقالية سيساعد على التقليل من العنف ثم إنهائه، وكذلك على التعاون في محاربة الإرهاب.
مشاركة :