أن تُغرّد خارج السرب

  • 8/27/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قبل عدة أيام، قرأت دراسة مهمة عن ظاهرة اجتماعية تكاد تُهيمن تقريباً على فكر وطبيعة وسلوك المجتمعات على امتداد العالم بأسره، سواء كانت هذه المجتمعات متقدمة أو متخلفة. هذه الدراسة المثيرة والصادرة من أحد المراكز العالمية المتخصصة بنشر التقارير والأبحاث والدراسات المتعلقة بعلم الاجتماع Sociology ــ وهو علم دراسة السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات ــ تؤكد على أن البشر ومنذ نشوء التجمعات السكانية والتحول إلى شكل الحياة المدنية، مارس عادة الالتزام بنمط وقوانين وأنظمة الجماعة التي ينتمي إليها، دون الالتفات كثيراً لرغباته وطموحاته وتطلعاته التي قد تختلف عن ذلك النمط الذي يُشكل طبيعة تلك الحياة. تلك الطبيعة/العادة البشرية التي استقرت تقريباً في فكر ومزاج وقناعة المجتمعات المختلفة ولم تستطع كل التغيرات والتحولات والتداعيات الكبرى التي اجتاحت المسيرة الإنسانية والحضارية أن تؤثر كثيراً عليها، مرت بالعديد من التشخيصات والتوصيفات والتعريفات منها النسق الجمعي والتكتل الفكري والموج الواحد ولكن أشهرها وأكثرها إثارة وإشكالية هو ما بات يُعرف بـ ثقافة القطيع. تلك الدراسة الثرية التي تغص بالكثير من الحقائق الصادمة حول هذه الظاهرة البشرية القديمة الحديثة التي تقترب كثيراً من طبيعة ومزاج البشر، تستحق الاهتمام والتأمل والبحث، وقد أعود إليها متى ما سنحت الفرصة لذلك، ولكنني أكتفي بهذا القدر منها كمقدمة مناسبة لفكرة هذا المقال، وهي خطورة وتأثير ثقافة الفكر الجمعي أو ما يُعبّر عنه الآن وبشكل مكثف وملح بثقافة القطيع. يُمثل الالتزام بطبيعة الفكر والنمط والسلوك السائد بأي مجتمع، ظاهرة مفضلة لدى أغلب الأفراد والشرائح والفئات، لأنه يوفر الحماية ويضمن السلامة ويمنح الأمان، بينما الابتعاد عن نسق الجماعة يتسبب في إشاعة الفوضى وغياب الاستقرار وتشتيت الرأي! هذه الصورة النمطية التي تُسيطر على الوعي الفردي والجمعي لأي مجتمع، ما كانت لتستقر لولا ذلك الضخ المكثف من الأفكار والرؤى والقناعات التي يُبشّر بها عرّابو الفكر الواحد والنمط الواحد والصوت الواحد، لأن الاختلاف والتباين والتمايز ــ في رأيهم طبعاً ــ مفسدة ستؤدي لا محالة للضياع! عزيزي القارئ: فكّر ملياً قبل أن تُجيب على هذا السؤال: أيهما تُفضل، السباحة مع التيار أو ضده؟ fadelomani@yahoo.com

مشاركة :