شكّل تَصدُّر ملف النفايات التي عادتْ الى الشوارع في منطقتيْ كسروان والمتن واجهة المشهد السياسي في بيروت، مؤشراً الى ان الأيام الفاصلة عن 5 سبتمبر المقبل ستكون فسحة لترْك «الهبّة الساخنة» التي لفحت حكومة الرئيس تمام سلام من بوابة بدء فريق العماد ميشال عون مساراً اعتراضياً متدحرجاً على التمديد للقادة العسكريين تعتمل «على البارد»، وسط انطباعٍ بأن ثمة تعمُّداً لإبقاء «محركات» الاتصالات لاحتواء الاندفاعة العونية «مطفأة»، وذلك في سياق رغبة البعض في توجيه رسائل الى «الجنرال» ذات صلة بالانتخابات الرئاسية وعدم ممانعة البعض الآخر «تعميق جراحه» بحال تم تظهيره عاجزاً مرة جديدة عن تحقيق اي مكسب في «المعارك» التي يخوضها والتي غالباً ما تنتهي بترْكه وحيداً فيها من حلفائه بالدرجة الأولى. وتوقّفت مصادر سياسية في بيروت عند ما برز في الساعات الماضية لجهة تبلور ما يشبه لعبة «العصا والجزرة» مع زعيم «التيار الوطني الحر» (عون) من داخل فريق «8 آذار» وتحديداً من الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري، علماً ان الأول يتبنى رسمياً ترشيح عون لرئاسة الجمهورية مقابل تحفّظ بري حتى الساعة عن انتخابه، علماً ان طرفيْ هذه الثنائية وفّرا الغطاء لانعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي قاطعها «التيار الحر» محذّراً من التئامها بغياب أي مكوّن مسيحي وازن «لان ذلك ضرْب للميثاقية». وفي هذا السياق، وبعد الحملة على برّي من قريبين من عون اتّهموه بأنه المسؤول عما اعتُبر «طبخة السمّ» وتعريض الحكومة لخطر الاهتزاز الكبير، بدا رئيس البرلمان ماضياً في حشْر الفريق العوني في المأزق الذي وضع نفسه فيه، متكئاً على غياب اي «خطة ب» لدى زعيم «التيار الحر» لقلْب الطاولة او عرْقلة التمديد المرتقب لقائد الجيش العماد جان قهوجي (تنتهي خدمته في 30 سبتمر) والذي يتم التعاطي معه من غالبية القوى السياسية على قاعدة ان «ما كُتب قد كُتب». وأطلق رئيس البرلمان كلاماً واضحاً حيال مستقبل الحكومة في ظل مقاطعة فريق عون لها، اذ اعتبر في تصريح صحافي أن من المفترض أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته كالمعتاد الأسبوع المقبل، وأعتقد أن عليه أن يتخذ القرارات المناسبة في الأمور العادية والمهمة، على حد سواء، ولكن دعونا ننتظر عودة الرئيس تمام سلام من الإجازة، ونستكشف ما في جعبته. واكتسب كلام بري أهميته لأنه اعتُبر«جرعة أعلى»في عدم مداراته الاحتجاج العوني الذي بلغ حدود استخدام لغة«ملعون»في الايحاء للخصوم كما لبعض الحلفاء بأن ثمة مؤامرة ضدّ التيار والمسيحيين. وبعدما كان المخرج للجلسة الأخيرة التي قاطعها وزيرا عون بأن لا تتضمّن إقرار اي قرارات مهمة، جاء«السقف الجديد»لرئيس البرلمان ليشي بأن لعبة«عض الاصابع»على أشدّها قبل موعد الجولة الجديدة من الحوار الوطني في 5 الشهر المقبل والتي سيشكّل الواقع الحكومي وتفسير الميثاقية بنداً رئيسياً في مناقشاتها، وسط اعتبار الاوساط السياسية ان تصعيد بري يصعّب حظوظ مشاركة اي ممثّل لعون في طاولة الحوار التي يستضيفها، وهو ما سيعني دخول العلاقة بين الرجلين مرحلة بالغة الحساسية ما لم يتم تدارُك الامر من بعض القنوات التي اعتادت«تدوير زوايا»خلافاتهما مثل«حزب الله». في المقابل، وفيما أعطى بري اشارات واضحة الى انه لن يطلق اي مبادرات جديدة حيال الأزمة الرئاسية في الكلمة التي يلقيها غداً لمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، متمسكاً بمخرج«السلة المتكاملة للحل»، بدا«حزب الله»وكأنه يغطي إحراجه امام عون بعدما شارك في جلسة الحكومة التي قاطعها«التيار الحر» من خلال إثارته «غباراً»في وجه «تيار المستقبل»(يقوده الرئيس سعد الحريري) الذي تولى الحزب مهاجمته بحدة مع الايحاء بأنه يدعم استمرار التواصل بين الفريق العوني و«المستقبل»انطلاقاً من الموقف الأخير لأمينه العام السيد حسن نصر الله الذي فتح نصف باب أمام إمكان عودة الحريري الى رئاسة الحكومة بحال وافق على تولي عون رئاسة الجمهورية. وبعدما أعلن نائب«حزب الله»حسن فضل الله«أننا مُبتلون في لبنان بحزب المستقبل، وكلما تقدمنا خطوة لمعالجة الأزمة الداخلية يأتي من داخل هذا الحزب من يصرّ على المكابرة»، تساءل النائب علي فياض«إلى متى ستستمر سياسية إلغاء التيار الوطني الحر»، كاشفاً عن نفاذ صبر «حزب الله» إزاء ما يحصل، قبل ان يعلن النائب نواف الموسوي«اننا في أصعب الأوقات كنا إلى جانب الجنرال عون، والمسار الذي بدأه رئيس «تيار المستقبل» (الانفتاح على عون) لا زال قائماً وقوبل منا جميعاً في فريقنا السياسي لا سيما «التيار الوطني الحر»، واتخذنا تجاهه مواقف بينها لسماحة الأمين العام، وبالتالي لا تزال الطريق أمامه مفتوحة، ولكنه يحتاج إلى تعجيل»، مضيفاً:«يجب ألا تطول فصول رواية الإخوة الأعداء الذين يتقاتلون في «تيار المستقبل» على مَن يكون رئيساً للحكومة».
مشاركة :