لبنان.. ضغوط على إمدادات الكهرباء

  • 8/31/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة شيء رائع يحدث في زحلة، هذه البلدة الزراعية اللبنانية. لم تعد الطرق مظلمة في الليل، ويتم ضخ المياه إلى المنازل دون انقطاع. أصبحت الكهرباء لا تنقطع في هذه البلدة طوال أيام الأسبوع. وإذا كنت لا تعتقد أن هذا شيء عظيم، اسأل السكان عن أي بلدة أخرى في هذا البلد الصغير. إنهم يتحملون انقطاعات في الكهرباء تستمر لمدة 18 ساعة يومياً، لذا فهم يدفعون رسوماً باهظة لأصحاب المولدات الكهربائية الانتهازيين للحصول على ما يكفيهم من كهرباء. وفي الواقع، فإن الملايين من الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتعاملون مع أسوأ انقطاعات للكهرباء. هذه المسألة غذت الإحباط من ثورات «الربيع العربي»، التي شهدها عام 2011 وتمثل تحدياً كبيراً للعدد المتنامي من سكان المنطقة، بما في ذلك البلدان التي مزقتها الحرب مثل اليمن والعراق، ولكن في «زحلة»، هذه البلدة التي تقع في وادي البقاع الخلاب في لبنان، تغلب السكان على مشاكل الطاقة بالإرادة السياسية والإبداع، وقدموا لبقية أنحاء المنطقة دروساً في كيفية الحصول على الكهرباء بأسعار معقولة. يقول «إيلي ماروني»، عضو البرلمان من هذه البلدة «ما حدث في «زحلة» وضواحيها هو إنجاز كبير، ويُعطي الأمل في إمكانية تكرار تجربتنا مع توفير الكهرباء على مدار اليوم وطوال الأسبوع في أماكن أخرى». وفي العام الماضي، تحدى مسؤولون في شركة كهرباء «زحلة» تهديدات بالقتل من مالكي المولدات الكهربائية في البلدة (والذين يشير إليهم السكان بالمافيا)، وقاموا ببناء محطة كهرباء تخدم البلدة والبلديات المحيطة بها. ودعم معظم السكان بناء محطة الكهرباء الوحيدة في المنطقة، ما أدى إلى القضاء على مشغلي المولدات في السوق وخفض فواتير الكهرباء لما يقرب من النصف. يقول إلياس عقيقي، صاحب متجر للهدايا التذكارية في زحلة: «إنها معجزة! لقد كنا نختنق قبل كل هذا». يذكر أن انقطاع الكهرباء في لبنان بدأ خلال سنوات الحرب الأهلية، من 1975 - 1990. ولا يزال يسبب المشاكل لمعظم سكان هذا البلد المتوسطي البالغ عددهم 4 ملايين نسمة. وما زالت الأنوار وأجهزة التليفزيون تغلق فجأة عدة مرات في اليوم. وفي بعض المناطق، يمنع انقطاع الكهرباء البلديات من ضخ المياه إلى المنازل والشركات. كما أن المولدات الاحتياطية توفر كميات محدودة من الطاقة، ويستطيع الناس من خلالها استخدام جهاز كهربائي أو اثنين في منازلهم أو شركاتهم، ولكن استخدام المزيد يخاطر بزيادة الأحمال على الدوائر الكهربائية. تقول جيهان سعود، خبيرة الطاقة والبيئة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية والمقيمة في لبنان: «إنها أزمة طال أمدها هنا، وهي تزداد سوءاً». وهناك أسباب معقدة لانقطاع الكهرباء في لبنان، فهناك أكثر من مليون سوري فروا من الحرب الأهلية في بلادهم ولجؤوا إلى لبنان، ما يجهد بشدة إمدادات الكهرباء. ويميل اللبنانيون إلى إلقاء اللوم على حكومتهم المتدهورة. ولأكثر من عامين، فشل رجال السياسة المتنازعون على الاتفاق على رئيس جديد، تاركين منصبه شاغراً خلال هذه الفترة. وهم يكافحون حتى مع المشاكل التي تبدو بسيطة مثل جمع القمامة في العاصمة بيروت. ويفسر هذا النزاع جزئياً أسباب عدم بناء محطات كهرباء جديدة منذ تسعينيات القرن الماضي، بصرف النظر عن محطة كهرباء زحلة، ولماذا تنتج المرافق القائمة أكثر قليلاً من نصف الكهرباء التي تحتاج إليها الدولة. وازداد انقطاع الكهرباء في زحلة سوءاً في السنوات الأخيرة، وكان في بعض الأحيان يستمر طوال اليوم، فقد تم تدمير محطة الكهرباء القديمة في البلدة أثناء الحرب الأهلية. ولذا، قامت شركة كهرباء زحلة المحلية بالتعاقد مع شركة بريطانية لبناء وتشغيل المحطة بطاقة 60 ميجاوات، وبالفعل بدأت التشغيل في مارس من عام 2015. وحتى ذلك الحين، كانت شركة كهرباء زحلة تعمل فقط كموزع للكهرباء التي تحصل عليها من شركة الطاقة المملوكة للدولة. يقول «أسعد نكد»، الرئيس التنفيذي لشركة كهرباء زحلة: «لقد سئمنا جميعاً من وعود الحكومة بتوفير الطاقة على مدار اليوم طوال الأسبوع، ولم يحدث هذا إطلاقاً، لذلك فقد قررنا التصرف». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

مشاركة :