تتأهب دول الأسواق الناشئة وشركاتها ومستثمروها لموجة إصدارات ديون قد تقترب من المئة مليار دولار على مدى الشهرين المقبلين. ويقدر محللون أن دول الخليج بقيادة بيع سعودي محتمل قد يكون قياسيا للأسواق الناشئة- ربما تطلق وحدها إصدارات بأكثر من 25 مليار دولار في حين قد تهرول شركات من البرازيل إلى روسيا إلى السوق متشجعة بأوضاع شبه مثالية. يتنامى الإقبال مع تهاوي متوسط تكاليف الاقتراض السيادي بالأسواق الناشئة إلى مستويات أقل من 5% في الأسابيع القليلة الماضية ليتجه صوب المستويات القياسية المنخفضة لعام 2012 عندما كان التيسير الكمي لمجلس الاحتياطي الاتحادي (الفدرالي الأميركي) في أشد مراحله. أما هذه المرة فالدافع هو معدلات الفائدة الشحيحة بالأسواق المتقدمة التي تجبر المستثمرين على البحث في أماكن أخرى فضلا عن انتعاش أسعار السلع الأولية ونحو عشرة مليارات دولار ستبحث عن وجهة جديدة عندما يحين موعد استحقاق عدد من السندات السيادية هذا الشهر. وفي سياق متصل، أكد بيير إيف بارو مدير الاستثمار بسندات الأسواق الناشئة لدى جيه.بي مورغان لإدارة الأصول لنا أن نتوقع أن يكون سبتمبر/أيلول مزدحما جدا وعن جدارة لأن السوق عطشى للإصدارات الجديدة. ويتوقع بارو إصدار ما قيمته 46 مليار دولار على الأقل من الديون السيادية للأسواق الناشئة في الفترة الباقية من السنة معظمها هذا الشهر أو أوائل الشهر القادم والقيمة ذاتها تقريبا على أساس صاف من شركات كبيرة بالأسواق الناشئة. وستضطلع السعودية بدور رئيسي في تحديد ما إذا كانت القيمة الإجمالية ستقترب من 100 مليار دولار. وترسل المملكة إشارات إلى أول بيع كبير للسندات لها منذ فترة ويقول بعض المصرفيين في الشرق الأوسط إن السعوديين قد يتجاوزون الإصدار القياسي البالغ 16.5 مليار دولار الذي باعته الأرجنتين عندما عادت إلى الأسواق في أبريل/نيسان. ويبدو أن الاطار الزمني السعودي يتراجع أكثر حيث قالت صحيفة فايننشال تايمز إن اللمسات الأخيرة قد توضع في اجتماع صندوق النقد الدولي الشهر القادم. لكن بافتراض حدوثه فإنه سيحدد الإيقاع والأسعار للسوق بأسرها. واختارت البحرين بنوكا لترتيب إصدار وقد تبيع الكويت عشرة مليارات دولار من السندات التقليدية والصكوك في الأسواق العالمية بينما تتأهب خمس شركات خليجية رئيسية على الأقل للتحرك. وقال جيدو كامورو من بيكتت لإدارة الأصول أعتقد أن أي بلد مصدر للنفط هو هدف معقول.. مصر بلد آخر قد يأتي إلى السوق وأتوقع أيضا أن تنتهز بعض دول أمريكا اللاتينية الفرصة. ويقول كامورو إن البعض قد يتطلع إلى دخول السوق قبل أن يمتص السعوديون الطلب بأكمله ولمحاولة تفادي أي رد فعل معاكس من السوق إذا أوضح مجلس الاحتياطي الاتحادي في وقت لاحق هذا الشهر أن أسعار الفائدة الأميركية بصدد الارتفاع. وقال 50 مليار دولار سيكون شهرا كبيرا (للإصدارات السيادية عموما) لكنه سيكون ممكنا بالتأكيد إذا أصدرت السعودية من 15 إلى 20 مليار، مضيفا أن أوضاع السوق جيدة في الوقت الحالي حتى أن الدول لم تعد تحرص على الترويج للإصدارات رسميا بين المستثمرين. أرقام قياسية محطمة هذا وقد تتجه أسواق الديون الحكومية الناشئة إلى عام قياسي بالفعل حيث يستقطب إغراء خيارات التمويل الرخيص مزيدا من الدول إلى السوق ويشجع المقترضين المحنكين على إعادة تمويل السندات المستحقة والقائمة. ويقدر بارو أن حكومات الأسواق الناشئة باعت ما قيمته نحو 95 مليار دولار من السندات هذا العام مما يعني أن الأربعين إلى الخمسين مليار دولار المتوقعة سترتفع بالإجمالي إلى أكثر بكثير من مستوى 2014 البالغ 106 مليارات دولار. وبالاضافة إلى ذلك فمن المتوقع أن يبلغ إجمالي إصدارات شركات الأسواق الناشئة 220 إلى 240 مليار دولار. ومن المستبعد أن يجد المستثمرون صعوبة في استيعاب كل ذلك. فرغم أن احتمالات رفع الفائدة الأميركية وتوقفات في أسواق المبادلات الآسيوية قد تحدث تأثيرا طفيفا فإن صناديق الأسواق الناشئة استقبلت مستوى قياسيا بلغ 20 مليار دولار على مدى الشهرين الأخيرين مما يعني توافر سيولة كبيرة. وقد تنضم لموجة الإصدارات أيضا المكسيك وكولومبيا ونيجيريا وكينيا وحتى منغوليا. ويرشح إدوين جوتيريز رئيس ديون الأسواق الناشئة لدى أبردين لإدارة الأصول البرازيل وهي من أفضل أسواق السندات أداء في 2016 والتي عزلت رسميا الرئيسة ديلما روسيف يوم أمس. وقال إن شركاتها العطشى للسيولة مثل بتروبراس ربما تستعد لخطوات بعد أن ظلت عاجزة عن دخول الأسواق لشهور. وقد تبدأ الشركات الروسية التي خضعت لعزلة فعلية بعد فرض عقوبات غربية على بعضها جس النبض أيضا بعد أن سوت يوروكلير أول سندات دولارية لها بعد العقوبات لكن من المرجح أن تظل مقتصرة على مجموعة منتقاة من المشترين. وقال جوتيريز متحدثا عن فرص إصدارات الأسواق الناشئة عموما نحن ننتظر والكل ينتظر والحقيقة البسيطة أن الطلب يفوق العرض.. أول الغيث قطرة ثم ينهمر.
مشاركة :