• كلما شاهدت أو قرأت عن الأدوار الثقافية والفنية التي تقوم بها بعض الشركات العالمية في مجتمعاتها ، تساءلت بأسى : أين شركاتنا عن لعب مثل هذه الأدوار ؟! ولماذا يغيب رجال الأعمال في بلادنا عن مسئولياتهم الاجتماعية في الوقت الذي نجد العديد من المؤسسات العالمية قد تجاوزت مراحل العمل التطوعي التعليمي والصحي و الاجتماعي التقليدي ، ودخلت الى أعماق الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية ، كخدمة مجتمعية تهدف من خلالها الى تحسين المعيشة ورفع مستوى الوعي الجمعي، وتهذيب سلوك وأخلاقيات المجتمع من خلال تحسين ذائقته وحسه الفني ! . • في سنغافورة شدني كثيراً المتحف الضخم والرائع الذي أنشأه أحد رجال الأعمال بالتعاون مع زوجته ، حيث خصص الزوجان - رغم مشاغلهما الكثيرة - جزءاً من وقتهما للعمل التطوعي الثقافي في المتحف المفتوح مجاناً لطلاب المدارس والجامعات ، وكذلك للسجناء و قاطني دور رعاية المسنين .. ويستضيف المتحف معارض فنية من دول أخرى ، بهدف تعريف السنغافوريين بثقافات وفنون مجتمعات أخرى. • في اليابان أنشأت شركة (توشيبا) العملاقة ذراعاً ثقافياً مهمته تنظيم أنشطة ثقافية لا تخضع لمعايير الربح والخسارة، بل للمردود الاجتماعي في مجال التربية الثقافية والفنية الرفيعة ( الفنون التشكيلية ، الموسيقى ، المسرح ) .. أما في البرازيل فلم تكتفِ إحدى سيدات الأعمال بالمؤسسة الطبية الخيرية التي أنشأتها لخدمة الفقراء،ولا بدور الحضانة الصباحية لأطفال النساء الفقيرات المضطرات لترك أطفالهن لظروف العمل ، ولا حتى بدور رعاية المسنين التي أقامتها برسوم رمزية بل قامت باستحداث مؤسسة لتنمية الفنون الشعبية البرازيلية ، وتنظم المؤسسة حفلات ومسابقات في الفنون التقليدية المهددة بالاندثار، وتركز على الشباب البرازيلي، وتصعد بالفائزين لحصد جوائز وتكريم بأشكال مادية ومعنوية في حفلات كبرى تخصص بغرض إتاحة الفرصة لهذه المواهب لعرض ما لديها من تميز في الفنون والثقافة. • للفنون دورها المهم في تحقيق الأهداف التربوية و الأخلاقية والتنموية وحتى الأمنية التي ينشدها المجتمع .. كما أنها إحدى أهم وسائل رقي الشعوب وترسيخ هويتها الوطنية ، لذا كان تعزيز الثقافة أحد أهم محاور رؤية المملكة 2030.. من خلال البرنامج الوطني «داعم» الذي سيقوم - حسب المعلن - بعقد شراكات عالمية في قطاعي الترفيه والثقافة ، لتأسيس وتطوير 450 مشروعاً ثقافياً بين أندية للهواة ، ومراكز للترفيه ، وهذا أمر جيد ولاشك ، لكنه غير كافٍ بكل تأكيد .. فمن الضروري جداً عقد شراكات مماثلة مع القطاع الخاص المحلي لحثه على أداء أدواره الاجتماعية والوطنية التي مازال يتجاهلها .. والمساهمة ( طوعاً أو كرهاً ) في إنشاء المتاحف والمسارح والمراكز الثقافية التي تدعم الموهوبين من الفنانين والكتَّاب. وترفع من درجة الوعي الإيجابي عند الناس . • أسوأ أنواع المال هو الذي يسير في اتجاه واحد .. والمجتمعات الغنية هي التي صنعت قنوات مالية في كل الاتجاهات .. يستفيد منها المواطن بقدر ما ينفق. m.albiladi@gmail.com
مشاركة :