العمل الخيري : بين السمكة والسنارة ! | محمد بتاع البلادي

  • 7/7/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

•ليس من المبالغة القول إننا شعب محب للخير ، فالأرقام تشهد بذلك سواء على الجانب الرسمي لحكومتنا التي تتصدر دول العالم في تقديم المساعدات بالنظر إلى إجمالي دخلها، أو حتى على الجانب الشعبي .. لكن هذا لا يمنع من القول بالمقابل أن لدينا مشكلة حقيقية في الفكر الخيري عموماً ، فلا تزال الأموال الخيرية- رغم تفتق حاجات إنسانية جديدة - تدار بطريقة تقليدية لاتكاد تغادر ثقافة منح الأموال والصدقات المباشرة ، وبناء المساجد ، وتفطير الصائمين ،وهذه الأعمال -على عظم ثوابها - لا تساند برامج التنمية المستدامة ، ولا تساعد الناس على مساعدة أنفسهم ، بل ربما تبقيهم عالة على أرصفة قطارات التنمية . •‏السكن .. التعليم .. العلاج ، ثالوث يشكل هاجساً للمواطن وللحكومات في كل العالم , ويمكن قياس نجاح أي حكومة بمقدار ما تقدم من تلك الخدمات لمواطنيها ، سواء عن طريق مشاريعها الخاصة أو من خلال تحريك قطاع العمل الخيري التطوعي .. و الملاحظ أن الجمعيات الخيرية في بلادنا التي تجاوزت 480 جمعية والمستغرقة في تقديم المال و الطعام مازالت بعيدة كل البعد عن المساهمة في أي من أضلاع هذا المثلث الإنساني.. وتكفيك نظرة سريعة لكمية الطعام المهدر في شهر رمضان في ساحات الحرمين الشريفين وعموم مساجدنا لتتساءل : ماذا لو قننت هذه الأموال ووجهت لبناء مساكن ومستشفيات خيرية للفقراء ، أو لإيجاد وظائف للشباب تحميهم من الانزلاق في ركاب جماعات التطرف..هل سيكون هذا أقل أجراً ومثوبة عند الله ؟! •«خير الناس أنفعهم للناس» هكذا قال المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وهذه الخيرية تدوم بدوام العمل الذي يقدم السنارة للمواطن ليصطاد سمكته بنفسه، لا أن ينتظر أعطيات الآخرين . •في بنجلاديش غيّر (محمد يونس ) محيطه الفقير بعوالم أكثر ازدهاراً، بعد أن أدرك أن التعاطف مع الفقراء لا يكون بدس قطعة نقود في جيوبهم ، بل بتحويلهم إلى منتجين ، فأطلق برنامج القروض الصغيرة بمعدل 100 دولار للقرض.. وبحلول العام ٢٠٠٧ كان قد أقرض( ٦.١ ) مليارات دولار لـ( ٧.١) مليون فقير ،أصبحوا أكثر قدرة على إطعام عائلاتهم ، وبناء منازل ، وإرسال أولادهم إلى المدارس.. وقد وقفت بنفسي في إسطنبول على وقف خيري مهمته استقبال أبناء الفلاحين الفقراء القادمين للدراسة الجامعية وإسكانهم في غرف فندقية وتقديم كامل الخدمات لهم حتى التخرج ومساعدة أنفسهم وذويهم . • تغيير الفكر الخيري بحاجة لفتاوى من العلماء، وجهود من الدعاة والمؤسسات الدينية ، ولعل تبرع الأمير الوليد بن طلال بكامل ثروته للأعمال الإنسانية يكون بداية لنظرة جديدة تقدم الحاجات الإنسانية على كل ما عداها ، فالتحدي الأكبر هو كيف تساعد الناس ليستقلوا بأنفسهم.. لا أن يبقوا بحاجة دائمة لك . •من المضحك أننا نردد كثيراً المثل الصيني الذي يقول : لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطادها ، ومع ذلك لا نزال نحجب عنه السنارة .. وبقوة !! Twitter: @m_albeladi http://www.al-madina.com m.albiladi@gmail.com

مشاركة :