اتهم القضاء اللبناني أمس ضابطين في المخابرات السورية بتدبير تفجير مسجدين للسنَّة في مدينة طرابلس (شمال)، ما دعا وزير العدل، اللواء أشرف ريفي، إلى المطالبة بطرد سفير نظام بشار الأسد وقطع العلاقات الدبلوماسية معه. وقبل ثلاثة أعوام؛ أسفرت هجماتٌ على المسجدين عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في بيروت، بإصدار القاضي آلاء الخطيب قراراً اتهامياً في قضية تفجير مسجدَي التقوى والسلام تضمَّن تسمية ضابطين في المخابرات السورية بوصفهما المخططين والمشرفين على الهجمات، وهما النقيب في فرع فلسطين محمد علي علي، والمسؤول في فرع الأمن السياسي ناصر جوبان. ولم يكتفِ القرار بـ “ملاحقة الضابطين المكشوفة هويتهما” بل “سطَّر مذكرات تحرٍّ دائم لمعرفة هويات الضباط المسؤولين عن الضابطين المنفذين، الذين أعطوا الأوامر والتوجيهات لتنفيذ العملية” تمهيداً لملاحقتهم. وبيَّنت التحقيقات أن “الأمر صدر عن منظومة أمنية رفيعة المستوى والموقِع في المخابرات السورية”. وعلى ذمة القضية نفسها؛ تُتَّهم خلية لبنانية مؤلَّفة من خمسة أشخاص بنتفيذ الهجمات. ووفقاً لـ “الوطنية للإعلام”؛ يتحدَّر الخمسة من منطقة جبل محسن العلوية، وأبرزهم يوسف دياب الذي ضغط بنفسه على جهاز تحكم عن بُعد لتفجير مسجد السلام بينما فرَّ باقي أفراد الخلية إلى سوريا. وصرَّح وزير العدل اللبناني، اللواء أشرف ريفي، خلال مؤتمرٍ صحفي، بأن “القرار الاتهامي يوضح بالتفصيل كيف تم ارتكاب التفجير، وفي هذا السياق أطلب من الحكومة طرد السفير السوري علي عبدالكريم علي، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وهذا هو مطلب أهالي الشهداء”. وذكر ريفي، الذي كان نجا من أحد التفجيرين، أن ملف الاتهام “مؤلف من 44 صفحة، وهناك بعض التفاصيل الغامضة في القضية”. وأوضح قائلاً: “هناك شبهة كبيرة في تورط الحزب العربي الديمقراطي (العلوي) في جريمة تفجيرات طرابلس من خلال مرافق النائب الراحل علي عيد، والعمل القضائي لم ينته بعد، والأمن يتابع القضية”. وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات؛ شهدت طرابلس التي لا تبعد سوى 30 كيلومتراً عن الساحل السوري، اشتباكات متكررة بين مسلحين سنَّة من باب التبانة وآخرين من جبل محسن من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد. وفي عام 2014 توقفت الاشتباكات التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى بعد تسوية أدت إلى فرار قيادي علوي بارز إلى سوريا ومحاكمة مسلحين آخرين بعضهم انتهت مدة أحكامهم. في سياقٍ آخر؛ بدأت رئاسة مطار رفيق الحريري الدولي تحقيقاً شاملاً بشأن انتهاكٍ صارخٍ لإجراءاته الأمنية على يد طفل فلسطيني يسكن مخيماً في ضاحية بيروت الجنوبية ولا يتعدى 12 عاماً. وتمكَّن الطفل، خالد الشبطي، بعد ظهر الأربعاء من السفر إلى تركيا على متن طائرة تابعة لشركة “طيران الشرق الأوسط” في الرحلة رقم (ME 267) المتجهة من بيروت إلى إسطنبول دون حيازته جواز سفر وبطاقة صعود. واكتشف طاقم الطائرة بعد إقلاعها وجود خالد عليها، فأعاده إلى بيروت في اليوم عينه. وأعلن رئيس مطار رفيق الحريري الدولي، فادي الحسن، في بيانٍ له أمس، أن “جهاز أمن المطار لايزال يجري تحقيقات موسعة حول تفاصيل وحيثيات الواقعة وكيفية تخطي الطفل النقاط الأمنية وصولاً إلى الطائرة دون الانتباه إليه”. مشيراً إلى “إجراءات سوف يتم اتخاذها من قِبَل قيادة الجهاز في حق الذين يثبت تقصيرهم في القيام بواجباتهم”. وتعيش مئات العائلات الفلسطينية في فقرٍ مدقعٍ في مخيم برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية حيث يسكن الشبطي مع عائلته. وتحوَّل الاختراق الأمني الذي نفذه الشبطي إلى مادة دسمة على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اللبنانية التي وجهت انتقادات لـ “تراخي” أمن المطار الدولي الوحيد في البلاد وسط أوضاعٍ أمنية دقيقة محلياً وإقليمياً. ويبعد مطار رفيق الحريري مئات الأمتار فقط عن الضاحية الجنوبية. وأفادت رئاسة المطار، في بيانها، بمباشرة شركة “طيران الشرق الأوسط” بطلبٍ من الرئاسة إجراء التحقيقات اللازمة “من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة في حق مَنْ يثبت أنه أقدم على تهاون أو تقصير في واجباته الوظيفية”. ولفت البيان إلى التنسيق مع جهاز أمن المطار “لتعزيز الإجراءات والترتيبات اللوجستية من أجل الحيلولة دون تكرار مثل هذه الواقعة”.
مشاركة :