القاهرة: الخليج التشديد على الحقوق والحريات من منظور ضيق قوامه إنفاذ العقود وتحقيق المنفعة المباشرة للفرد، سوف يجد القارئ شرحاً مستفيضاً لهذا الكلام في كتاب السلطة والرخاء لمانكور أولسون، وقد ترجمه إلى العربية، ربيع وهبة، وصدرت الترجمة عن المركز القومي للترجمة، حيث يوضح الكاتب أن الأفراد في مجتمع رأسمالي، يقوم على نظام روح السوق، يسعون إلى جني أكثر ما يمكنهم لأنفسهم، في ظل خضوعهم بالطبع لما يحكم العملية التنافسية من قواعد، هنا نجد كل فرد يتصرف كفرد خاص، يعامل الآخر باعتباره وسيلة، ويحط من شأن نفسه إلى مجرد الدور المنحصر في الوسيلة، ومن ثمّ يصبح ألعوبة قوى السوق الغريبة، هذه السمات من بين المعالم التي تميز علاقة الناس ببعضهم البعض، في المجتمع المدني الرأسمالي. هذا ما أوضحه ماركس منذ عقود طويلة في مقاله حول المسألة اليهودية، مشيراً إلى المجتمع باعتباره ساحة حرب الجميع ضد الجميع، ويعتقد ماركس أن الإنسان في هذا المجتمع يوجد فحسب من أجل شخص آخر، كما أن الآخر يوجد من أجله مادام كل منهما وسيلة الآخر، ومن ثم يصبح المجتمع في هذه الحالة ساحة للأنانية، عالماً من أفراد متنافرين، يعادي بعضهم بعضاً، والإنسان فيه أناني، ينظر إليه باعتباره جوهراً فرداً منعزلاً ومنكفئاً على ذاته، إنه على حد وصف ماركس فرد منعزل عن المجتمع منكفئ على ذاته، مشغول كلية بمصالحه الذاتية، وبالتصرف وفق نزواته الطبيعية والحاجة والمصلحة الخاصة بالحرص على ملكيتهم وشخوصهم الأنانية. هذه هي الرؤية التي وضع أسسها ماركس في القرن 19، ولاتزال للان ترجح كفة الإنسانية، مقابل البربرية المتوحشة من رأسمالية، لم نجن منها سوى تشوهات، كانت لها آثار مدمرة على معظم شعوب العالم، وهو ما شدد عليه الكاتب في الفصل السابع، تحت عنوان الإيديولوجية كقناع عندما قال على الرغم من أن ستالين كان يعتبر في الغالب كاهن الديانة الماركسية، فإنه لم يكن في الحقيقة إيديولوجياً مخلصاً، فقد لعبت الإيديولوجية دوراً في تفسير بعض أشكال التأييد التي حظي بها. لقد وضع أولسون قبل موته المفاجئ أسس الفهم الحديث والمعاصر لمنطق العمل الجماعي، والذي كانت له تطبيقات هائلة على السياسة وعلم الاجتماع ومجالات أخرى، إضافة إلى الاقتصاد، وهذا الكتاب يمثل تطبيقاً لتفكيره في مشكلات العالم الواقعي.
مشاركة :