مخرج متميز، كانت وما زالت خطواته العملية ثابتة وهي خوّلته احتلال مكانة متقدمة في العالم العربي حيث أًصبح «مقصداً» لكل فنان يريد ويسعى للظهور بصورة جميلة. سعيد الماروق حصد النجاح بعد مشوار متعب، حيث سعى جاهداً لاكتساب المعرفة وجمع الخبرات. وأعماله أساساً تعرّف عنه، فبمجرد مشاهدتها تظهر بصماته بوضوح. الماروق نال أخيراً جائزة «الموريكس دور» عن أفضل فيديو كليب لعام 2015 (تَقاسَمها مع المخرج علاء الأنصاري) بعدما كان نال قبل فترة وجيزة «جائزة الحياة»، إذ كُتب له عمر جديد في أعقاب معاناته مع المرض الذي أبعده لأكثر من عام عن الأضواء. الماروق المتميّز، المتديّن والمبدع، سعيد بحياته الآن بعد إقلاعه عن التدخين، و«الراي» التقته وهنا تفاصيل اللقاء: • أثرت حالة من الجدل لدى فوزك بجائزة «الموريكس دور» الأخيرة عن أفضل فيديو كليب، فلماذا كل هذا الجدل الذي صاحب الجائزة؟ - سأتكلم بصراحة حول هذا الموضوع. أنا من الأشخاص الداعمين لأي مهرجان فني في لبنان. ودائماً إذا أدليتُ بآرائي يكون ذلك بهدف التطوير والتحسين وإعطاء النصائح وليس لإفشال أي مشروع تكريمي. لذا، ما أريد قوله إنه لم يفز أحد عن فئة أفضل فيديو كليب، فلا وجود للمناصفة في مثل هذه المسابقات. وكي تكرّم الجائزة نفسها يجب أن تملك الجرأة وتقول مَن هو الأفضل. • تعتبر إذاً أن المناصفة بالجائزة مع المخرج علاء الأنصاري هو تشويه لها؟ - هذا رأيي، «خسّروا علاء وخسّروني معه وما طلع حدا أفضل مخرج». لا وجود للمناصفة في الجوائز، عندما تريد أن تزيد من قيمة الجائزة نفسها يجب أن تتحلى بالجرأة والقوة لتقول مَن هو الشخص الأفضل، فما حصل هو كأننا أجرينا الانتخابات الرئاسية وجاء رئيسان للجمهورية. • لماذا لم تعترض سابقاً على هذا الموضوع؟ - علمتُ به داخل القاعة، وما يحدث في الأعوام الأربعة الأخيرة هو أنهم يعتمدون المناصفة في فئة أفضل فيديو كليب فقط، وذلك لأن لا أحد يتكلم عنها. تجد في هذه الفئة فقط تَنافُساً بين خمسة أعمال للحصول على الجائزة، ويختارون في النهاية عملين اثنين ويمنحانهما جائزة واحدة. في رأيي أنه بدل المناصفة فليعمدوا إلى المخامسة و«يكرّموا الكل وخلصنا». • بعيداً عن «الموريكس دور»، نلاحظ تعطُّشك للعمل في هذا الوقت؟ - هذا صحيح، لا شك في أن لديّ مخزوناً كبيراً بعدما توقفتُ عن العمل لنحو 10 أشهر بشكل متواصل. فهذه المدة ملأت داخلي مشهدية، وبعد محاربتي للمرض زاد عندي نوع معيّن من الأحاسيس، وهذا ما يظهر من خلال عملي الآن. • كيف تصف لنا صورة سعيد الماروق للعام 2016؟ - أعتقد أنها ذاهبة أكثر نحو الفرح والألوان والبهجة، أو بمعنى آخر أريدها أن تذهب إلى تلك النواحي. • وتمحو بذلك كل ما هو أسود في حياتك؟ - لن أمحوه لأنه لا بد منه في الحياة، ففي عملي كمخرج هناك نوع معين من الدراما يجب أن أتكلّم عنه وأظهره. فإذا كنتُ كإنسان ضد التدخين في الحياة، لن أمانع من تنفيذ مشهد سينمائي يُظهِر شخصاً يدخن. هذا جزء من الواقع وهذا الأخير يتضمن الكثير من السواد، سواء في لبنان أم في العالم العربي أيضاً. • كيف تنظر إلى هذا السواد؟ - السبب الكبير لوجوده هو المناصفة، يعني أن نقوم بتوزيع قالب الحلوى على بعضنا البعض. الأوطان تُبنى بالأفضل، والأفضل هو الحافز الأساسي لإنجاح أي مشروع. وعندما نتوقّف عن المسايرة وتَقاسُم الحصص في ما بيننا يبدأ النجاح. • ما تأثير الوضع اللبناني على عملك؟ - بطبعي أنا متمرّد على الواقع الذي نعيشه، ولا ولن أسمح بأن يعطّلني شيء في الحياة، ولذا أتعامل معه بأفضل الأساليب وآخذ منه الإيجابيات، حتى أنني أوظّف سلبياته لتصحيح ما يمكن تصحيحه. • أين يكمن الخلل في الدولة اللبنانية؟ - «وين شايف الصح في الدولة اللبنانية؟» (يضحك). الخلل الأول في لبنان هو أن ليس لدينا حتى اللحظة مفهوم الوطن أو الانتماء إلى وطن، نحن نتغنى بالمواطن لكننا نفتقر إلى المواطَنة. بالنسبة إلى الدول العربية المحيطة بنا، عندما أكون لبنانياً جداً فستحترمني جداً، لكن عندما أكون نصف لبناني ونصف تابع لجهة ما، فلن يحترمني أحد. في لبنان لدينا مشكلة مع المواطَنة ومشكلة مع الطائفية. والمشكلة الأكبر هي أن الغريزة هي مَن تتحكم بمصائرنا الدنيوية، وهنا أقصد حين يخاطبك مسؤول ما بلغة الدين والطائفة حتى يتحكم بعاطفتك ويلغي المنطق من عقلك. في المقابل، إن فكرة الخوف من الآخر هي وهم وكذبة كبيرة «ما ممكن حدا يعيش بلا حدا في لبنان»، وجميعنا نريد العيش مع بعضنا البعض. الاستغلال العاطفي هو مَن يلغي المنطق لتحسين الوضع الاجتماعي لكل مواطن في لبنان بغض النظر عن دينه وكيفية صَلاته. • وهل أنت متفائل للبنان؟ - دائماً الأمل موجود. • أخبرنا عن أعمالك الجديدة؟ - لدي كليب لأغنية «أخدنا الليل» للفنان عاصي الحلاني، وهو في مرحلة المونتاج الآن. ويتضمن هذا الكليب البهجة والفرح والرقص وألواناً كثيرة، وقد قدّمتُ عاصي من خلاله بشكل جديد، وأعتقد أن هذا الكليب سيكون محطة مميزة في مشوار عاصي ومشواري أيضاً. في المقابل، صوّرتُ عدداً من الإعلانات في مصر وهي تُعرض خلال شهر رمضان المبارك. • بعيداً عن العمل، نريد وجمهورك أن نَطْمئنّ على صحتك؟ - أريد من خلال صحيفتكم الكريمة أن أُطَمْئِن كل الجمهور الحبيب الذي وقف إلى جانبي ودعمني بشكل رائع، «كله تمام، الحمد لله». • فترة المرض عند أي إنسان هي الاختبار الحقيقي لمحبة الناس له. فأخبِرنا في هذا السياق عن تجربتك؟ - أكثر ما أسعدني خلال فترة مرَضي هو مواكبة الجمهور الكبير من أنحاء العالم العربي كافة لي. ولم أكن أعلم سابقاً أن سعيد الماروق هو شخص مؤثّر إلى هذه الدرجة على هذا العدد من الناس. لقد لمستُ محبة الناس لي بشكل كبير، فصلواتهم وتمنياتهم جعلتني أقوى وأكثر عزماً على الشفاء. وبالنسبة إلى الوسط الفني، كل الفنانين وقفوا إلى جانبي بتفاوُت النسب بداعي أعمالهم وانشغالاتهم، لكنني في النهاية لا أعتب على أحد. • إلى ماذا تنظر عملياً في 2016؟ - سينما ثم سينما ثم سينما ودائماً سينما. • هل هناك مشروع سينمائي قريب؟ - أسعى لذلك، وإن شاء الله نوفق. إن وضع السينما في العالم العربي ليس رائعاً وممتازاً، لكن في النهاية طموحي هو السينما. • ماذا ربحتَ خلال فترة مرضك؟ - أولاً كسبتُ نفسي وإقلاعي عن التدخين وأجد نفسي أفضل الآن.• بماذا تتوجه الى جمهورك في دولة الكويت؟ - الكويت بلد حبيب وغال على قلبي كثيراً، وهناك جمهور كبير من دولة الكويت واكبني لحظة بلحظة وواكب علاجي أيضاً، لذا أشكرهم فرداً فرداً كما أشكر كل جمهوري في كل الدول العربية، فهم قوّتي وأنا مسؤول أمامهم عن تقديم الأفضل لهم، وحريص على أن ترى عيونهم أجمل صورة. • في ضوء تجربتك العملية نسألك مَن هو الفنان غير المتطلب معك؟ - كل فنان يعمل معي عن اقتناع ويسلّمني نفسه. وأتبع منطقاً معيّناً في الإخراج وهو أعمل للفنان وليس أعمل معه. يعرف الجميع أنني حريص على تقديم الأفضل، إلا أن الفنان عاصي الحلاني لا يراجعني في أي تفصيل، عاصي يعمل معي «عالعمياني». • مَن هو الفنان الذي يسألك عن الشاردة والواردة في العمل؟ - يزعجني هذا النوع من الأشخاص، حتى أنني أصل إلى إنهاء العمل معه. المشكلة هي أنني «نيقة» كثيراً على عملي، ولذا يشعر أي فنان بأنه «نيقة» بدرجة أقل. • مَن هو الفنان الذي يليق له التمثيل؟ - الفنانة نانسي عجرم تملك موهبة كبيرة في التمثيل. • مَن هو الفنان الكريم على عمله؟ - الفنان عاصي الحلاني والفنانة نجوى كرم كريمان جداً على عملهما. • مَن هو الفنان الاقتصادي على عمله؟ - اسأله (يضحك) «شو خصني» بالاقتصاديات؟ (يضحك). • مَن هو الفنان المتعِب في العمل؟ - يتطلب عملي مني أن أريح الفنان وليس هو مَن عليه أن يريحني، أليس أنا مَن يديره؟ المفروض أن أُشعِره بالأمان، وإذا كان هناك فنان يُتعِب المخرج فتأكّدْ أن هذا المخرج فاشل.
مشاركة :