الفراغات.. العمل في شركات الطيران يكتنفه الكثير من التحديات وخصوصا اولئك الذي يعملون في المحطات المختلفة حول العالم .. فبعد المسافات .. وضعف وسائط التواصل آنذاك .. جعل من الصعب على الادارات التنظيمية والتشريعية المركزية ان تقوم بعمليات المراقبة والمتابعة والتحفيز وادراك مشاكل المحطات والعقبات التي يواجهونها .. فكان لزاما على الادارات المركزية ان تقوم بين فترة واخرى يزيارات ميدانية للمحطات لمناقشة متطلباتهم واحتياجاتهم لتسهيل مهمتهم في تقديم خدمات راقية لعملائنا .. وفي احد الرحلات كنت علي راس فريق عمل نزور احد المحطات ..وعقدنا اول اجتماع مع ادارة المحطة وكان اجتماعا صاخبا عنيفا من قبل فريق عملي تجاه ادارة المحطة نظرا لاجتهادهم في تصميم لوحات ارشادية لصالات المطار وكاونترات خدمات الركاب .. دون اخذ موافقاتنا عليها .. ؟ والسبب ان اداراتي كانت لا تزال تعد التصاميم والمواصفات لتك اللوحات. وهنا اسقط في يدي .. لانني علي قناعة تامة بان المحطة محقة فيما فعلت لان هذا هو احتياجهم وفي هذا التوقيت بالذات .. واضطررت ان اتدخل واحسم الموقف لصالح ادارة المحطة ضد موقف فريق عملي لاننا نحن الذين تركنا .. فراغا .. تنظيميا كان يجب علينا ملؤه والا هناك علي الدوام من يستطيع ان يفعل ذلك وفق معاييره ومتطلباته واجتهاداته .. وهذا تسبب في ازعاج العديد من الزملاء في فريق عملي .. ولكن المسؤلية تقتضي ركوب الصعاب .. !! وقياسا علي ذلك شهدت مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من الشباب السعودي الطموح وهي تستعرض فكرة جديدة لا ستخدام التوكتوك الشهير للترفيه في الاماكن السياحية وعلي كورنيش جدة .. واثناء المقابلة كان تاكيدهم دائم بان خدمتهم هو الترفيه فقط وليس ايجاد وسيلة مواصلات شعبية عامة جديدة ورخيصة الثمن .. الا ان حدثي يقول غير ذلك فان التوكتوك ..قادم ..لا محالة وسينتشر استعماله في المدينة نظرا لغياب النقل العام الاقتصادي ووجود اعداد كبيرة من الشباب العاطل والذي لم يجد وظيفة او عمل يؤديه. فالعمل علي التوكتوك سيكون في متناول الكثيرين ومنهم الوافدين والمقيمين في اوقات فراغهم .. ؟؟ هناك العديد من المشاكل مع انتشار التوكتوك .. فهو غير صديق للبيئة ويزيد من ازدحام الشوارع ويعرض الارواح للخطر ..حيث ان عوامل السلامة.في المركبات غير متوافرة ..وسيكون منظره غير لائق حضاريا ويزيد من قبح المدينة التي تئن بمشاكلها ويتنافي مع تطلعات سكان المدن السعودية .. وقبل ان تنفلت الامور من ايدينا .. نتيجة للفراغ .. التنظيمي لتشغيل التوكتوك او غيره ويفرض الامر الواقع علينا من قبل المشغلين والمستهلكين .. اشدد علي دراسة الموضوع فورا من قبل جهات الاختصاص بشكل عاجل وحاسم ووضع التنظيمات والاجراءات والمواصفات لمثل هذا النوع من وسائط النقل الشعبي او اي نظم اخري متطورة .. واعتقد جازما ان مدينة جدة في حاجة ماسة الي وسيلة نقل عام شعبية اقتصادية الثمن ورشيقة وحديثة وتتفق مع الاحلام والخطط المستقبلية لتطوير المدينة ولكن برؤية العصر وبحثت ووجدت العديد من وسائط النقل الحضارية وهي حديثة ومبتكرة تعمل الان في محيط الجامعات والمجمعات السكنية .. انها سيارات او مركبات كهربائية ..روبوتية.. تسير من دون سائق ولا تحتاج الي مسارات او تجهيزات خاصة علي الطريق فهي تعمل باستقلالية تامة باستعمال اشعة الليزر لحفظ ذاكرة الطرق والعوائق .. وهي قابلة للتطبيق علي شكل مواصلات عامة شعبية .. وهناك غيرها الكثير ..كل المطلوب هو التغريد خارج السرب او كما يقول ادوارد دوبونو .. التفكير خارج الصندوق .. الكثير من امور حياتنا للاسف متروكة للفراغ الاستشرافي ..والفكري.. والتنظيمي والاستراتيجي.. والتشريعي ..وستأتي الايام بمن يفرض الامر الواقع وملء تلك الفراغات وسنضطر للرضوخ للامر القائل الي الوراء در .. في حين اننا في حاجة ماسة الي الامر القائل الي الامام سر.
مشاركة :