حقوق مدنية لأبناء الأردنيات... بعد نضال طويل

  • 2/17/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

بعد نضال طويل دام سنوات من الاعتصامات للنساء الأردنيات المتزوجات من أجانب من اجل منح أبنائهن الجنسية، تتوجه الحكومة الأردنية لتتويج هذا النضال بمنحهم حقوقاً مدنية فقط. غير أن هذا التوجه وما إن تم الإعلان عنه من قبل رئيس الحكومة عبدالله النسور، بعد ضغوط من نواب عرفوا بنواب «المبادرة»، حتى اشتعل الوسط السياسي والإعلامي الاردني بمعارك بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، وصلت إلى حد تبادل اتهامات بالخيانة والعمالة. وتشوب هذا التوجه لدى المعارضين مخاوف التوطين، بخاصة مع تزامن الإعلان عن هذا التوجه مع المفاوضات الجارية بين الإسرائيليين والفلسطينيين وجولات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري في المنطقة، إضافة إلى مخاوف ضياع «الهوية الأردنية» لاسيما أن أكثر من نصف السكان في الأردن من أصول فلسطينية، والتوجه يخص في غالبيته نساء متزوجات من فلسطينيين. وعلى رغم هذا السجال والمعارضة القوية له، تصف فاطمة العبسي منح أبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب حقوقاً مدنية بـ «الجبل الذي تمخض فولد فأرا». فأولادها الخمسة الذين أنجبتهم من زوجها الراحل المصري الجنسية يعملون ويتعلمون في المملكة ويتلقون المعالجة على حسابهم الخاص، مثلهم مثل أي أردني من دون منة من احد. فالدولة الأردنية كما تقول فاطمة تخلت عن مسؤولياتها تجاه أبناء شعبها في توفير الخدمة الصحية والتعليم المجاني منذ زمن طويل، وحتى العمل «نفضت يدها منه»، وبالتالي فالتوجه الحكومي الجديد ما هو إلا مجرد «ذر للرماد في العيون». لكن فاطمة تنام وتصحو ولا يفارقها هاجس إلقاء القبض على أبنائها الذين يعملون بحسب شروط العمالة الوافدة وترحيلهم إلى بلد أبيهم، حيث لا يعرفون أحداً، خصوصاً أن الحكومة الأردنية كثيراً ما تنظم حملات ضد العمالة الوافدة التي تسميها بالمخالفة، سيما المصرية منها، كلما شهدت العلاقات السياسية والديبلوماسية توتراً بين البلدين. وهو ما حصل فعلا إبان حكم «الإخوان» لمصر، إذ كانت العمالة المخالفة ورقة الضغط الوحيدة التي استخدمتها الحكومة الأردنية في مواجهة الحكومة المصرية، كلما قطعت أو خفضت الحكومة المصرية من ضخ الغاز الطبيعي إلى الأردن. وتزداد مخاوف أم عاطف يوماً بعد يوم كلما كبر أولادها وازدادت حاجتهم إلى الرقم الوطني لإكمال حياتهم بشكل طبيعي، «لكن الشعور الصادم هو أنهم يفتقدون لجميع الحقوق». وتقول: «وزارة الداخلية والصحة والعمل والأجهزة الأمنية الأخرى جهات نراجعها سنوياً لأجل الحصول على سلسلة تصاريح الإقامة، فهذه حالنا منذ زمن، بينما من حق أولادي العيش معي». حسنين مصري الجنسية ومتزوج من عائشة، وهي أردنية، ويقيم في الأردن منذ 25 عاماً، يقول إنه يعتبر نفسه أردنياً بعمله وإخلاصه للبلد. ويضيف: «أنا ملتزم شروط إقامتي من حيث التصريح القانوني وغيره، وأدفع إيجار البيت والحاجات المختلفة، وأحب الأردن وتمر سنوات ولا أزور بلدي الأصلي مصر، ولكن على رغم ذلك لا يفارقني الشعور الدائم بالخوف بسبب الممارسات اليومية لمفتشي العمل». وعلى باب وزارة العمل الجهة الشرعية الخاصة بالعمالة الأجنبية في الأردن، حيث تستقبل المصريين لاستكمال إجراءات إقاماتهم، اصطدم حسنين بحاجز «ممنوع الدخول». وهنا سمع «أنت مصري صحيح؟» قال له الحارس، «ممنوع الدخول اذهب من هنا»، فرد عليه حسنين بالقول: «لي كرامة وحقوق وأدفع كما المواطن الأردني الضرائب على إقامتي ومتزوج أردنية وأسكن وأصرف كغيري في بلدكم، فلم هذه المعاملة؟». وكانت مصادر مطلعة أكدت في تصريحات صحافية الشهر الماضي، أن الحكومة الأردنية تتجه لاتخاذ قرار يمنح الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، مبينة أن القرار محدد بمنح الحقوق المدنية دون السياسية. وأكدت هذه المصادر أن النسور «وافق» على منح الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، دون السياسية، أو حق الحصول على الجنسية الأردنية. وقالت إن الرئيس النسور اطلع على نص القرار و «أوعز» بتشكيل لجنة حكومية مكونة من ثلاثة وزراء لدرس المسوّدة ووضع الصيغة النهائية له، ليشمل جميع الحقوق المدنية للأردنيين المقيمين على أراضي المملكة، باستثناء الحصول على الرقم الوطني والجنسية. بيد أن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، أكد أن مجلس الوزراء لم يناقش أو يقر الموضوع برمته. وتشمل الحقوق المدنية العمل والإقامة والتعليم والصحة وحق التملك. وبموجب القرار، يتم إعفاء أبناء الأردنية من أي قيود، أذونات أو تصريحات لممارسة حقوقهم المتعلقة بالتعليم، الرعاية الصحية، العمل، التملك واستخراج رخص قيادة الـسـيارات، ومعاملتهم معاملة الأردنيين، إضـافة إلـى إعـفاء أبـناء الأردنـية وزوجـهـا غـيـر الأردني من أذونات الإقامة وشؤون الأجانب. وتقدر مصادر رسمية عدد الأردنيات المستفيدات من القرار بنحو 60 ألف أردنية يبلغ عدد أسرهن حوالي 380 ألف شخص. وكان 11 نائباً تقدموا إلى رئيس مجلس النواب، الشهر الماضي باقتراح قانون للحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب. ويعتبر النواب الموقعون على المقترح أن إعطاء الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات، لا يشكل حماية لهذه الفئة فقط، بل يشكل مصلحة وطنية للدولة، لأن هذه الفئة، تقدم قيمة مضافة للمجتمع. وساق النواب أسباباً موجبة في اقتراحهم تقول إن كثيراً من أبناء الأردنيات، يقعون ضحية للخلافات العائلية، بحيث ينفصل الأب عن الأم ويبقى الأبناء مع أمهاتهم في الأردن، ويقعون ضحية الظلم مرتين؛ الأولى بتخلي آبائهم عنهم، والثانية بتخلي الدولة عنهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم.

مشاركة :