وجه الممثل السوري حسام تحسين بيك سهام النقد إلى مسلسل «باب الحارة»، في الأجزاء الأخيرة منه على الأقل. فعل ذلك مجدداً في حديث الى اذاعة محلية سورية. لم يضف جديداً الى انتقاداته، فالمفردات تكاد تتكرر في كل مرة، منذ أن بدأ حملته المضادة، لأسباب تبدو شخصية، أكثر مما هي قراءة مختلفة للعمل الذي شارف أن يكون أطول مسلسل عربي بأجزائه في تاريخ الدراما العربية. عمل تحسين بيك في بعض أجزاء المسلسل حارساً للحارة الشهيرة. كان المؤتمن على أسرارها وأهلها برجالها ونسائها وأطفالها وممتلكاتها. ولم يتقدم حينها بما يفيد من تصورات مختلفة للحارة الشامية «التي يجري تشويهها على مرأى من أعين الجميع». كل هذا قد يبدو مفهوماً، ففي المحصلة النهائية لا يخرج «أبو كيروز» عن خط المهنة التي تؤمن له عيشه، وهذا حق من حقوقه، وليس من المفترض أن يقدم الممثل قراءة مختلفة للعمل طالما أنه وافق على أداء الدور المنوط به، وفي فن اعداد الممثل يمكنه الاجتهاد على هذا الدور، بما يعتبر فتحاً، أو قراءة مبدعة في النص المكتوب. «حراس الفضيلة الشامية» لم يقولوا شيئاً له قيمة بهذا الخصوص. مرت أجزاء المسلسل الثمانية من دون أن يتبلور من حولها نقد يقود الى فهم السبب الذي أوصلها الى هنا، على رغم الطريق المسدود الذي انشدت اليه هذه السلسلة، فعندما تُعقد مقارنة ما، تتجه الأنظار مباشرة الى مسلسل «أيام شامية» (1992) باعتباره النموذج الأرقى للحارة الشامية المشتهاة، مع ملاحظة أنه يعود اخراجياً لبسام الملا، مخرج «باب الحارة» أيضاً وراعيه وعرَّابه. لكن أحداً من أصحاب هذه الآراء لم يقل شيئاً جوهرياً في هذا الخصوص، الا بحدود التغني بقيم هذه الحارة، باعتبارها قلعة الأخلاق التي تمتلك مبادئ العيش التي يحن اليها الجميع. هذا قول يستحق أن يتوسع من حوله النقاش، فليس للحنين المضاد، أو السقوط المبرمج في فخ تمجيد الحارة الشامية الا التأكيد الخفي على فشل الدولة الحديثة في أن تصبح الوعاء الحاضن للقيم الجديدة التي ستضم الجميع في بوتقة واحدة. لم يكن ممكناً التوسع بهذه الثيمة من دون الالتفات الى قراءات ضمنية تؤكد فعلياً هذا الفشل المريع، ولولا ذلك لبدت قراءات هذه القيم أكثر تأكيداً على سياقها التاريخي من دون هذا الانفصام الذي يقود الجميع الى اطلاق الكلام جزافاً، وباللحن ذاته: تشويه الحارة الشامية. لم يقل أحد من الجوقة المشاركة أن حراسة هذه الحارة كانت تتطلب ألحاناً من نوع مختلف، فقد ثبت أيضاً منذ الشهور الأولى من عمر الأزمة السورية أن هناك من يخف سريعاً نحو «اللادولة» الحديثة، وهذه لا يمكن توصيفها فقط من خلال مسلسل أو من عمر نظام سياسي.
مشاركة :