صراحة-واس:يلحظ المتجول في أرجاء المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 29)، مشاركة كبار السن وهم يمارسون بأدوات بدائية العديد من الصناعات التقليدية ،ويعيدون للاذهان واقع الحياة المعاش في الماضي وما كانت تشكله تلك الصناعات من حاجة ضروية في الحياة العامة ، في حين لا تزال منتجاتهم محل اهتمام الزوار والاقتناء لغرض حفظ التراث المادي أو استخدامها للزينة . مندوب وكالة الأنباء السعودية خلال تغطيته لفعاليات وأحداث المهرجان ، حمل جملة من الأسئلة والاستفهامات عن أسباب غياب الشباب عن الحرف اليدوية، وتوجه بها للقائمين على هذه الحرف الذين تباينت أجوبتهم حول أسباب ذلك، وكان من بينها المتفائل بمستقبل هذه الحرف وآخرون يدعون إلى دق ناقوس الخطر لاندثارها وضياعها. محمد بن سليمان الصعنون ذو 56 عاماً، الذي استهوته مهنة النجارة منذ صغره ، فصمم على تعلمها وتطويرها، ليكون فيما بعد متمكناً منها ،ومارسها بانتظام ودرت عليه عائدًا ماليًا جيدًا ، أجاب بوصف مهنته بالصعبة التي تحتاج إلى الصبر في عصرٍ عنوانه السرعة، وهذا أهم أسباب غياب الشباب عن هذه الحرفة. وقال وهو يعمل في صناعة مبخرة من جذع شجرة : أحد أولادي يساعدني في هذه الحرفة، وهو أمرٌ يبعث السعادة، لاسيما وأنني سأورثه إياها، إلا أنه يؤكد أن التعامل مع الخشب ليس سهلاً، خصوصاً إذا ما أراد الحرفي صناعة شيء يتطلب الدقة. ويصنف صانع الألعاب الشعبية ياسر الغامدي الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، نفسه من صغار صناع الحرف اليدوية، مؤكداً لـ (واس) أن البحث عن حرفيين أصغر سناً يعدُّ صعباً، على الأقل فيما يخص الألعاب الشعبية، استناداً لغياب الطلب عليها، فالتقنية وألعابها أكثر جذباً للأطفال في وقتنا الراهن،كما أن طبيعة الحياة بشكلٍ عام اختلفت عنها في الماضي، وهذا جعل من بعض الألعاب القديمة تمارس بصعوبة إذ تحتاج لأماكن مفتوحة . ويرى صانع السبح جعفر بن عبد الله الفرحان 48 عاماً الرغبة في الدراسة والحصول على عمل أهم لدى الشاب من تعلم مهنة أو حرفة يدوية، وهذا أسهم بشكل كبير في عزوفهم عن تعلم المهنة. وأبان أن الحاجة بشكلٍ عام هي من جعلت الناس يتناوبون في تعلم أنواع الحرف اليدوية قديمًا ، للاستفادة من مخرجاتها في حياتهم اليومية، في حين كفلت الآلات هذا العمل عن الإنسان العصري، ليكتفي بالاختيار بين آلاف الأشياء التي تفيده ويستخدمها في حياته اليومية، عادّاً ذلك سبباً آخر يغيب الشباب عن امتهان الحرف اليدوية. محمد شراحيلي البالغ من العمر 70 عاماً ويعمل في صناعة شباك الصيد يطالب الجهات المعنية بتدارك الهوة التي أوجدتها النهضة والتطور، ويدعو إلى تأسيس معاهد وتنفيذ برامج خاصة بالحرف اليدوية بالمملكة وتبنيها، ودعمها بالحوافز والمكافآت للشباب الذين ينخرطون فيها، وإيجاد المناسبات والأسواق التي تمكن الحرفيين من تسويق أعمالهم ومنتجاتهم. وامتدح مهرجان الجنادرية ووصفه بمحيي التراث وحافظه من الاندثار، وعامل مساعد في عودته لممارسة مهنته بعد أن ضيقت الحياة الحديثة عليه،وجففت منابع رزقه من هذه الصنعة. وشدد الخياط صالح البارقي 66 عاماً على ضرورة بقاء الحرف اليدوية حاضرة،لاسيما مع الطلب المتزايد عليها ، مستشهدا بزائري المهرجان، ورغبتهم الدائمة في اقتناء ما تصنعه أيدي الحرفيين .
مشاركة :