بلا شك فإن الإعلام المتقدم والمتحضر هو الذي يسلط الضوء على الأحداث الجارية بالمجتمع لينقل الرسالة كاملة للمشاهد وليتابع أخبار بلده لحظة بلحظة، بالإضافة إلى تغطية واكتشاف الشباب المبدع والمفكر والشخصيات الناجحة في المجتمع. ولكن لماذا وسائل الإعلام تستضيف دائماً نفس الشخصيات في برامجها المعروفة بالـ"توك شو" لنراهم دائماً عبر القنوات الفضائية؟! هل ليفرضوا رأيهم تجاه الشارع المصري ومن أجل الاستماع والإنصات لآرائهم بحكم أنهم النخب أو الشخصيات البارزة والمعروفة في المجتمع؛ حيث هم فقط من لديهم خبرات في كافة المجالات الحياتية، وهم فقط نفس الأشخاص التي تطل علينا دائماً عبر القنوات الفضائية، مروراً بأن معظمهم (إعلاميون وضيوف) يوجهون بعض التهم لبعض المسؤولين في الجهات السيادية ليشككوا المجتمع في تعاملنا مع السلطات بدون وجه حق أو دليل قاطع، علماً بأنهم يرون أنفسهم بمثابة جهة تحقيق رسمية ورئيسية تمتلك كافة المستندات التي تدين مسؤولاً ما بواقعة حدثت في أي مكان أو زمان. ولكن على الرغم من ذلك نرى وسائل الإعلام في مصر أصبحت نمطية وتقليدية وتفتقد الموضوعية والمهنية في مواضيعها التي تطرح عبر البرامج التي تبث بصفة دورية، بالإضافة إلى عدم مواكبة وتحديث برامجها بالتوازي مع الثورة التكنولوجية الهائلة عبر شبكة الإنترنت، وتحديداً وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت علينا جميعاً بالتعرف على كافة الأخبار من عدة مصادر مختلفة، مروراً بتزويد الشبكة العنكبوتية بالعديد من الأفكار الجادة والمتطورة في نقلة حديثة تثقل المحتوى الإلكتروني بأخبار ومواد ذات مصداقية، وتساعد إعلامنا المرئي على تطوير مؤسسته بصورة متقدمة عبر تصفح العديد من المواقع الإخبارية الدولية، والتي تحمل أفكاراً ومواد عبقرية تعمل على إحداث تغيير جذري في البنية التحتية للإعلام، وخصوصاً للرسالة التي ينقلها للمشاهدين عبر قنواته، علماً بأنه في الفترة الأخيرة إعلامنا أصبح للأسف مليئاً بالرتابة في الملفات التي يقدمها للجمهور. تقييم المشاهدين تجاه الإعلام وبالنسبة لتقييم المشاهدين للشخصيات التي تظهر بصورة دائمة في البرامج، فإن مجتمعنا بعد ثورات الربيع العربي، وتحديداً في مصر، أصبح لديه خبرة وثقافة تتيح له معرفة مجريات الأمور على الساحة في كافة المجالات، ويستطيع أن يميز أحاديث وتصريحات الشخصيات النخبوية؛ إذ هي تتسم بالمصداقية والشفافية، وتحمل الصدق في تصريحاتها المعلنة للجميع، أم مجرد شو إعلامي الغرض منه الشهرة أو تحقيق مكسب معين يريد تحقيقه في المستقبل. إعلام متطور يطور من مؤسسته الإعلامية وعلى الرغم من السياسة التحريرية لمعظم وسائل الإعلام الدولية التي تكون برامجها التفاعلية أحياناً ضد الدولة المصرية وكافة الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط بالتوازي مع الأحداث المتلاحقة التي تحدث في هذه البلدان من تغييرات جذرية في المنطقة بالكامل، مما يتيح لتلك الدول العظمى تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، فإنه إعلام حر ونزيه وبناء في الأفكار والمواد الإعلامية بكافة أنواعها التي يقدمها للجمهور، سواء الموجه للعرب في أراضي مالكة القناة أو خارجها؛ حيث وسائلهم جذابة وعبقرية وتنويرية تنقل للمجتمعات العربية رسائل من الممكن تطوير أنفسهم من خلال برامجهم، سواء كانت سياسية أو تنموية، والتي تؤهلهم إلي إحداث تغيير وطفرة في مجتمعاتهم النامية، علماً بأن الإعلام مرآة ونبض الشعوب، وبالتالي ينبغي على العاملين في هذا المجال التطوير والتروي والدقة في اختيار المواضيع الهامة والحيوية التي تتواكب مع المستجدات الراهنة، وتتناسب مع كافة فئات المجتمع التي تساعده في معرفة أبسط حقوقه عما يدور حول دولته من متغيرات، وكذلك مشاركة المجتمع في الحوار، سواء كانوا شخصيات بارزة أو مختصين في مجال ما أو مواطنين لديهم مواقف معينة وخبرة في هذا المجال عبر وسائل الاتصال المتنوعة، وبحيث لا يقتصر الإعلام على النخب فقط!! إعلامنا تقليدي.. ولكن هناك أمل وتحدٍّ في تطويره للأفضل بالرغم من الإسفاف والنمطية في تقديم الموضوعات التي تحدث من برامجنا المشهورة، فإن هناك بارقة أمل وشعاع نور يضيء لمجتمعنا المصري بل والعربي مستقبلاً أفضل ومشرقاً، وذلك من خلال انتشار العديد من المبادرات الإعلامية التنموية والمتطورة التي تهدف إلى تطوير شباب الصحفيين والإعلاميين في نقل رسالتهم بصورة غير تقليدية تتواكب مع إعلام حديث يحمل أفكاراً بنَّاءة تتناسب مع التطور التكنولوجي والحديث في مجال الميديا بشكل عام، ومن أجل نقل الصورة للمجتمع بطرق جذابة تتواكب مع المستجدات الراهنة. ومن أبرز هذه المبادرات تدشين منتدى الإسكندرية للإعلام بتنظيم من مؤسسة الإسكندرية للتنمية الثقافية والسياحة، بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية، بهدف رفع مستوى كفاءة الأداء الوظيفي والمهني للكفاءات الإعلامية في مختلف مجالات الإعلام، وصولاً إلى تعميق كفاءة الأداء المهني والمصداقية من أجل إعلام حقيقي، وخصوصاً المحلي. وكذلك نجد مبادرة متميزة من خلال مبادرة ميديا توبيا التي تهدف إلى خلق جيل من الإعلاميين المتفوقين مهنياً والملتزمين أخلاقياً؛ حيث ميثاق عملهم يتطرق إلى تحلّي الإعلامي بالموضوعية، والمسؤولية، والجرأة، والإنصاف، والتوازن، والتواضع، والانضباط، والطموح، والأمل الذي هو بمثابة سر نجاح أي مبادرة على الإطلاق. وعلى مستوى المرأة بصفة خاصة دشنت مجموعة تهتم بالمرأة في عملها الإعلامي على وجه الخصوص تكتلاً يسمى اتحاد إعلاميات مصر، الذي يعتبر أول كيان مصري يجمع الإعلاميات من مختلف التخصصات الإعلامية، ويهدف إلى رفع مستوى الأداء المهني لهن من خلال التدريب المهني والذاتي، مروراً بزيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية داخل أروقة المؤسسات الإعلامية. رسالة موجَّهة للإعلام نأمل تنفيذها وفي نهاية حديثي أوجِّه رسالة لكافة وسائل الإعلام في مصر بالاهتمام بالمواطن البسيط، وكذلك بتسليط الضوء ومناقشة المواضيع الهادفة والقيمة التي تتيح لفئات المجتمع أن تتطور عبر موادكم الإعلامية التي من شأنها أن تسهم في ازدهار وتقدم وبناء الوطن الحديث. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :