... ما «الخطوة التالية»؟ وأيّ ورقة من المسار الاعتراضي التصاعُدي الذي أطلقه سيلعبها «التيار الوطني الحر»؟ سؤالان طُرحا في بيروت امس، رغم انعقاد الحكومة اللبنانية وفق مخرجِ «لا غالب ولا مغلوب» الذي أتاح لرئيسها تمام سلام «الانتصار» لمنطقه المتمسك بعدم التفريط بآخر المؤسسات العاملة في لبنان وتسليم مفاتيح التحكّم بجلساتها لأي فريق سياسي، فيما لم يُسجّل «انكسار» التيار الحر بعدما جاء اجتماع الحكومة «تشاورياً» ولم يتخلّله اتخاذ أي قرارات. إلا ان مجرّد التئام مجلس الوزراء بـ «مَن حضر» شكّل رسالة سلبية بإزاء «معركة الميثاقية» التي فتحها العماد ميشال عون والتي ربط عبرها ملفيْ الحكومة والحوار الوطني (تم تعليقه) ورئاسة الجمهورية بـ «حبلٍ واحد» عنوانه ان الميثاقية تساوي انتخابه رئيساً للجمهورية. وبدا واضحاً ان الرسالة التي وجّهها سلام من خلال تكريس مبدأ انعقاد الجلسة بأنه لن يسلّم بمنطق الابتزاز الذي تتعرّض له الحكومة ولو انه لوّح بان يقلب الطاولة بحال استمر استنزاف إنتاجيّتها، تلقّفها «التيار الحرّ» بسلبية رافعاً منسوب التحذير من «ضرب الصيغة» اللبنانية القائمة على الشراكة المسيحية - الإسلامية، وسط تَقاطُع المعلومات عند انه قد يتّجه بحال عدم الأخذ بمطلب انتخابه رئيساً الى العودة لطرْح «الفيدرالية» بشكل او بآخر الذي سبق ان رفعه أطراف مسيحيون ابان الحرب الأهلية، وان ما يخوضه حالياً لم يعد ذات صلة بالتعيينات العسكرية ولا آلية انعقاد الحكومة واتخاذ القرارات فيها بل يتّصل بما يعتبره مرتكزات الشراكة الفعلية والميثاقية التي يشكل وصوله الى قصر بعبدا المدخل لاحترامها وتأكيد الالتزام بها من المسلمين في لبنان. وكان لافتاً امس، انه بينما كانت الحكومة تنعقد للمرة الثانية على التوالي في غياب «التيار الحر»، ان اثنين من نوابه هما نعمة الله ابي نصر وحكمت ديب كانا يزوران البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موفديْن من عون ،حيث وضعاه في أجواء التحرك الاعلامي والسياسي وربما في الشارع الذي يعتزم التيار القيام به تحت عنوان «احترام الميثاقية وقواعدها»، ليطلقا بعد انتهاء اللقاء ومن على منبر الكنيسة مواقف عالية النبرة وضعت الصيغة اللبنانية وأسس الكيان اللبناني على المحك. فـ أبي نصر استعاد ظروف إعلان دولة «لبنان الكبير» (1920) اذ «تحدينا العالم وأكدنا أننا نستطيع تأسيس دولة موحدة»، معلناً «أننا اليوم نرى انهيار هذه الصيغة، وتكتل»التغيير والاصلاح»وسائر الاحزاب المسيحية لا يمكن أن ينظروا الى هذا الانهيار دون تسجيل موقف ودون منعه بكل الوسائل المتاحة قانوناً وشرعاً»، موضحا أنه «لذلك قرّر التيار التحرك اعلامياً وسياسياً واتخاذ مواقف من بعض المؤسسات الدستورية التي تهمّش فئة أساسية من اللبنانيين واذا اقتضى الامر سننزل الى الشارع». واذ لفت الى «اننا لا نريد ان تأتي المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير ونقول فشلت صيغة لبنان الكبير، هذه مسؤولية كبرى»، اعتبر أن «شعار لبنان أولاً أكبر كذبة سمعناها. السعودية أولاً، سورية أولاً وايران أولاً وغداً تركيا أولاً ربما. كفى كذباً». بدوره ،أعلن ديب «أننا وضعنا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في صورة الخطوات التي سنتخذها لحماية الصيغة اللبنانية»، مؤكداً أن «التحركات اللتي سيقوم بها»التيار الحر«هي للمطالبة بالحقوق وللحفاظ على صيغة العيش المشترك»، موضحاً أنه «تبين ان الشريك المسلم لا يلتفت إلى المصلحة الوطنية التي تضمن عيشنا المشترك»، ومؤكداً أن «البطريرك الراعي يبارك اي خطوة نقوم بها إذا كانت تصب في خانة تعزيز العيش المشترك».
مشاركة :