ما بين الصراع على الإمساك بالملف الأمني في محافظة بغداد، وانتقام تنظيم الدولة، مرورا بالترهل في المنظومة الأمنية وشبهات فساد حول مسؤولين أمنيين، تبقى الكرادة -وأيضا سائر العراق- تنزف من دماء أبنائها. لم تكد تغيب عن الأذهان ذكريات انفجار منطقة الكرادة في بغداد قبل أقل من شهرين، حتى هزّ المنطقة انفجار ثانٍ في مكان ليس بعيدا عن الموقع السابق، مخلفا وراءه نحو عشرين ضحية بين قتيل ومصاب، لكنه خلف أيضا أسئلة عن المنظومة الأمنية في العراق وما يشوبها من اتهامات فساد. وكان تفجير أصاب الكرادة في يوليو الماضي خلف أكثر من 300 قتيل و200 جريح، وتبناه تنظيم الدولة عبر وكالة أعماق، كما تبنى العملية الأخيرة قبل يومين. وعلى مدى أكثر من 13 عاما كانت الكرادة إحدى أكثر مناطق بغداد تعرضا للهجمات الدامية، لأسباب عدة، منها كثافتها السكانية العالية وكونها منطقة تجارية مزدحمة حتى ساعات متأخرة من الليل. ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الكربولي في حديث للجزيرة نت، إن المخابرات العراقية أرسلت معلومات دقيقة للقوات الأمنية قبل أيام عدة عن وجود سيارة مفخخة وبأوصاف دقيقة، لكن الأجهزة المعنية لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع الحادث. واعتبر الكربولي أن ما حدث ليس خرقا بقدر ما هو عدم وجود رقابة وانضباط أمني في عملية تفتيش الكرادة والمناطق المحيطة بها، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود ترهل في المنظومة الأمنية، وأنهم بوصفهم نوابا لم يستطيعوا محاسبة أو معاقبة أي قيادة أمنية على تقصيرها، نافيا وجود معلومات دقيقة عن مكان تفخيخ السيارة وانطلاقها حتى اللحظة. من جانبه، يرى النائب عن التيار الصدري مازن المازني أن تكرار استهداف المناطق الآهلة بالمدنيين في بغداد هو رد فعل من تنظيم الدولة على تقدم الجيش والحشد الشعبي في المناطق الخاضعة لسيطرته في الأنبار ونينوى. وبين المازني أن في هذا الانفجار رسالة واضحة يوجهها التنظيم للحكومة بأننا نستطيع اليوم أن نفجر في الكرادة وغدا في المنطقة الخضراء التي يوجد فيها مقر الحكومة. وذكر أن من أسباب هذه الخروق الأمنية الصراع على الإمساك بالملف الأمني في محافظة بغداد بين قيادة عمليات بغداد والشرطة الاتحادية ومكتب القائد العام للقوات المسلحة ومكتب العمليات المشتركة، الذي «كان له دور سلبي استغله من قاموا بهذا التفجير»، كما يقول المازني. وأضاف في تصريح صحافي، أن اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد حادث التفجير الأول لم تقدم حلولا لوقف هذه الهجمات، رغم أنها أصدرت قرارا بسحب جهاز كشف المتفجرات الذي كان يستخدم في نقاط التفتيش وثبت فشله. وأكد أن الإجراءات الأمنية في نقاط التفتيش ما زالت ضعيفة للغاية ولا توجد أية أجهزة لكشف المتفجرات، بل يتم التفتيش فيها بطرق بدائية جدا، كما أن الكثير من العناصر الأمنية غير منضبطين ولا يقومون بواجبهم، حسب قوله.;
مشاركة :