كتبت قبل فترة في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي عن النجاح، فأجاب أحد المتابعين بأن الناجح هو من لديه واسطة قوية في الحكومة وعشيرة لها نفوذها تسانده. هذه الفكرة صحيحة، إذا اعتبرنا أن النجاح يساوي امتلاك المال والثروة والرئاسة والوظيفة والى اخره، مما يدخل في مجال احتياز الثروة والسلطة. لكن هل هذا هو القصد من النجاح؟ في عصرنا الحالي، النجاح يُعادل الحصول على أمور معينة، مثل الشهادة أو رصيد عال في البنك أو أراض وبيوت متعددة في مختلف أنحاء العالم... والشخص الذي يحصل على أكبر قدر من هذه الأمور يعتبر نفسه ناجحاً. ولكن كيف نعلم، هل هذه الحيازة تعتبر نجاحاً أم مجرد امتلاك لأمور معينة؟ معادلة بسيطة تساعدنا كي نعلم، هل ما حققناه هو نجاح أم مجرد نيل شيء أو أمور. المعادلة هي محاسبة الأمور التي فقدتها للحصول على ما اكتسبناه. بالطبع لا توجد لذة أو انجاز او مكسب نحصل عليه من دون أن نخسر شيئاً... ببساطة، أول ما نخسره للحصول على أي شيء، هو الوقت وهكذا نخسر أموراً لنحصل على أمور أخرى. لكن الموازنة بين ما نخسره وما نحصل عليه هو الشرط الأول لتحديد صفة ما اكتسبناه، هل هو نجاح أم مجرد احتياز أم ربما فشل. حسب معايير السعادة هناك فرق بين حيازة امور وبين اعتبار هذه الامور نجاحاً. فالذي يحصل على منصب، وهو ليس مؤهلاً له علمياً ووظيفياً، سوف يخسر وطنه، وبالتالي هل هو ناجح أم فاشل؟ والذي يحصل على مناقصة يسرق فيها الملايين من الدولة، يخسر فيها وطنه وضميره ومأواه النهائي. والزوج الذي يشعر بأنه ناجح ويتفاخر مع اصدقائه بقائمة طويلة من أسماء الفتيات والنساء في هاتفه، فهو يخسر مقدارا هائلا من استثماراته العاطفية على مشاريع سريعة الزوال. والزوجة التي تجبر زوجها على تلبية طلباتها المادية، بغض النظر عن ظروفه، وكلما حصلت على ما ترغب به تشعر بأنها حققت نجاحاً، وهي قد خسرت سعادتها الزوجية، لا تعتبر ناجحة حسب المعايير النفسية. الأمثلة في هذا المجال عديدة، والامور التي يفقدها الناس في سبيل تحقيق ما يسمونه نجاحاً أيضاً كثيرة منها: السلامة الجسدية، الصحة النفسية، الكرامة الإنسانية، الضمير، المستقبل، ثقة الآخرين، وبالنهاية البعد الروحاني أو spiritual aspect للشخص... فالذي يشعر بانقطاع اتصاله بمبدأ معنوي يضعف لديه البعد الروحاني وبذلك يفقد الامور التي تجعله يشعر بالسعادة لفترات أطول. هناك مَنْ يحاول تعويض خسارته لضميره او للبعد الروحاني في كيانه، بالقيام بتبرعات أو أعمال خيرية، وهو قد حصل على بيته الذي يقيم به العمل الخيري بالنصب والاحتيال وفي قرارة نفسه يعلم ذلك جيداً، ولكنه يريد أن يحتال على نفسه كما احتال على الآخرين. لكن هل هو في النهاية، ناجح أم حائز أم فاشل؟ mosawi.75@gmail.com
مشاركة :