قال الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة بجامع قلالي قال تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» (البقرة: 197)، إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام مناسبة عظيمة حين تبدّى لها هلال شهر ذي الحجة الحرام، فالمسلمون قاب قوسين أو أدنى من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، فريضة الحج إلى بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، فنسأل الله من نوى الحج أن يعينه على أداء مناسكه، وأن يعود كيوم ولدته أمه، فالشوق إلى بيت الله العتيق والوقوف بالمشاعر المقدسة لأعظم الغايات. على كل قاصد لبيت الله الحرام أن يشكر الباري على ما أسداه له، وخصه به من أداء هذه الفريضة العظيمة، قال تعالى: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ» (البقرة: 196)، تأملوا معي–عباد الله-في تلك الأجواء الروحانية التي يجتمع فيها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، إخوة متحابين متراحمين، متآلفين متعاونين، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، اختفت في جليل مقاصدهم عزة الأنساب، وزخارف النياشين، وزينة الملابس، جميعهم على هيئة رجل واحد، إنها استجابة لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام، «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ» (الحج: 27-28). إن من واجب المسلمين عموماً وقاصدي الحج أن يكونوا مثالاً عالياً للالتزام بتعاليم الدين الحنيف، والتحلي بالأخلاق الحميدة، والتمسك بالسنة ومنهاج الصحابة وآل البيت في الاعتدال والوسطية، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا» (البقرة: 143)، واعلموا - عباد الله - أن كما للبيت العتيق حرمة فإن دم المسلم أعظم حرمة منه عند الله!، فكما يعظم المسلم بيت الله الحرام فحق عليه أن يعظم حرمة دماء المسلمين، فقد وقف رسول الله في موسم الحج في مثل يومنا هذا (الجمعة) بيوم عرفة فقال: (إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضَكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)، وقال: (ألا لا ترجِعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقابَ بعض). حري بالأمة وهي تعيش هذه الأيام العظيمة أن تستلهم من هذه الفريضة ما يعزز الوحدة والعزة والإخاء، فقد روى الإمام أحمد من حديثِ ابنِ عمر قال: قال رسول الله : (فأَكثِروا فيهنّ منَ التّكبير والتّهليل والتحميدِ). يجب تعظيم هذه الشعيرة في هذه الأيام، قال تعالى: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» (الحج: 32)، وجاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله : (ما مِن أيام العملُ الصالح فيها أحبّ إلى اللهِ عزّ وجلّ مِن هذه الأيام العشر)، قالوا: يا رسولَ الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟! قال: (ولا الجهادُ في سبيل الله، إلاّ رجلٌ خرَج بنفسِه وماله ثمّ لم يرجِع من ذلك بشيء) (البخاري). لقد عادت إيران للتدخل في شؤون الدول، فبالأمس أطلق المرشد الإيراني تصريحاته العدائية للمملكة العربية السعودية دون أن يراعي حرمة الشهر الحرام، وهو تصريح مليء بالعبارات المسيئة والمشينة من أعلى سلطة بإيران، وما تلك التصريحات إلا تدخلاً سافراً في شؤون الدول، والجميع يعلم بأن تنظيم أمور الحج وخدمة ضيوف الرحمن هي من اختصاص الشقيقة السعودية وحدها. اعلموا - أيها المسلمون - بأن المرشد الديني الإيراني مشعل نار الفتنة والنعرات الطائفية بالمنطقة، ولعل تصريحه الأخير لأكبر دليل على استغلال موسم الحج لأهدافه السياسية، فالعاقل يدرك أن وراء التصريحات الإيرانية مخطط لنشر الفوضى والخراب والإرهاب بالمنطقة، فالحذر الحذر-عباد الله- من إيران وأتباعها، وخذوا الحيطة من فكر التطرف والغلو والإرهاب، فالعالم لم يسلم من غوائِل العنف والإرهاب. فاتقوا الله - عباد الله - وكونوا عباد الله إخوانا.
مشاركة :