آلان عون لـ «الراي»: نخوض معركة العودة إلى روحية الطائف وليس الانقلاب عليه - خارجيات

  • 9/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

... الى اين سيصل «التيار الوطني الحر» في «المعركة» التي فتحها زعيمه العماد ميشال عون والتي ربَط عبرها الحكومة والحوار الوطني (تم تعليقه) ورئاسة الجمهورية بـ «حبلٍ واحد» عنوانه ان «الميثاقية» تساوي انتخابه رئيساً؟ سؤالٌ فرضه المسار المتدحرج الذي أطلقه «التيار الحر» أخيراً ووضع معه البلاد على خط «التوتر العالي» سياسياً، بعد «تطيير» طاولة الحوار الوطني حتى إشعار آخر وفرْض ما يشبه «الإقامة الجبرية» على الحكومة، في سياق الضغط على الداخل كما الخارج لاستيلاد مخرج للأزمة عنوانه «عون رئيساً» تحت شعار انه الأكثر تمثيلاً وان انتخابه يطلق إشارة تصحيح مسار التعاطي مع المسيحيين. ومع تحوُّل الميثاقية «اسماً حرَكياً» للمعركة المفتوحة للتيار العوني الذي يلوّح بخيار الشارع، قوبل ضرْب «الجنرال» على وتَر الشراكة الوطنية والعيش المشترك وبروز إيحاءات لقريبين منه حول جدوى الاستمرار بـ «الصيغة»، بمخاوف من ان تكون البلاد العائدة الى «المربّعات الطائفية» على متن مناخٍ ينطوي على تلميحات «انفصالية»، تستعيد مفردات ومشاريع من زمن الحرب الأهلية. ... الى أين؟ ما الحلّ؟ وهل يكمل «التيار الحر» في سياسة القفز من «شجرة الى شجرة أعلى» ام انه يملك القدرة على تعديل قواعد اللعبة؟ «الراي» التقتْ القيادي البارز في «التيار الحر» النائب آلان عون وكان الحوار الآتي: • بعد «أنا أو لا أحد»، بدا أن «التيار الوطني الحر» انتقل الى «أنا أو لا جمهورية»، واضعاً الصيغة اللبنانية برمّتها على المحك... وثمة مَن يسأل هل العماد ميشال عون مستعد تحت شعار لن أنسحب من السباق الرئاسي إلا «شهيداً شهيداً» ان يقوم بـ «حرق روما»؟ - لا أوافق إطلاقاً على هذا التشخيص وتصوير الأمر على هذا النحو. والواقع أن الموضوع يتصل بتصويب جمهورية الطائف لما انطوتْ عليه المرحلة السابقة من ممارسات خاطئة ومختلّة وغير عادلة. وما نقوم به هو تصويب هذه الممارسات، وتالياً الهدف ليس الجمهورية بل تصويب أدائها وطريقة التعايش بين مكوّناتها الطائفية الممثَّلة في النظام السياسي، وإرساء منطق شراكة يكون فعلياً وليس صُوَرياً. والهدف ليس الانقلاب لا على الجمهورية ولا على مؤسساتها ولا تعديل النظام أو تغييره أو أي شيء من هذا القبيل. والأكيد في الوقت نفسه أن المسار الذي كان قائماً منذ التسعينات وحتى اليوم يقلق المسيحيين الذين يعتبرون أنه مسار غير عادل ويسعون الى تصويبه. ومعركتنا الآن تدخل في هذا السياق فقط، وهذا سقفها وليس سقفاً انقلابياً على الجمهورية ومؤسساتها، ويجب قراءة الأمر من هذا الإطار. ومن هنا فإن العودة الى روحية الطائف ووثيقة الوفاق الوطني والتسليم بمنطق الشراكة والديموقراطية التوافقية بين المكونات الطائفية، وممارسة ذلك فعلاً وليس قولاً، هو الحلّ الذي يرضي المسيحيين وفي الوقت نفسه يرضي المسلمين لأن ليس في ذلك مساً بالطائف ومرتكزاته. المسيء هو تحوير الطائف عن روحيته الأساسية التي كانت في صلب التسوية في حينه. والبعض يشعر بأنه خُدع في تلك التسوية وأنه جرى بيعهم كلاماً تم نقضه في الأفعال لاحقاً. والآن نريد تصويب الأمر لتصبح الأفعال منسجمةً مع الأقوال. وهذه معركة العودة الى روحية الطائف وليست معركة الانقلاب على الطائف. • إذاً سقف معركتكم هو الطائف وليس كما أوحت بعض المواقف مثل «بدكم ايانا ولّا ما بدكم؟» وغيرها من إيحاءات بالانفصال والفيديرالية؟ - الخوف أن البعض بإصرارهم على عدم الإكتراث لما تعبّر عنه المعركة التي نخوضها، وعلى الاستمرار في النهج ذاته، هم الذي يضعون النظام في خطر، إذ انهم عملياً يدفعون الناس الى اليأس من هذا النظام ومن إمكان تصحيحه وقيام شراكة حقيقة، ويدفعون تالياً الى خيارات الحدّ الأٌقصى وهذا شيء خطر ولكنه ليس ما نتمناه أو نهدف له. إنما من الضروري على الأفرقاء الآخرين الذين يملكون زمام المبادرة وأوراقاً فيما خصّ طمأنة الشريك في الوطن وصون الشراكة الحقيقية والعيش المشترك، ان يبادروا الى استخدام أوراق الطمأنة هذه. أما أن يستمروا في النهج عيْنه، فهم يخاطرون بوحدة لبنان وتَماسُكه. •... أي أنكم لستم من دعاة الفيدرالية ولا تسعون إليها؟ - لا نسعى الى الفيدرالية ولا الى التقسيم. نحن نطالب بتطبيق اللا مركزية الإدارية الموسّعة التي نص عليها اتفاق الطائف ولم تُطبَّق حتى اليوم. إنما الوحدة الحقيقية بين اللبنانيين وليس الصُوَرية تكون عندما يسود شعور الإطمئنان والتفاعل الإيجابي بين اللبنانيين على اختلاف مكوناتهم، وإذا إستمر مكوّنٌ في الشعور بالغبن والاستهداف والتهميش من قبل مكوّن آخر، عندها تتعرّض الوحدة حكماً للخطر كما النظام كلّه. • لكن الإنطباع بأن ما يجري قد لا يهدّد وحدة البلاد بمقدار ما سيجعل المسيحيين في الدرجة الأولى يدفعون أثمان ربْط الشراكة الوطنية بشخص العماد عون... - الموضوع ليس شخصياً، بل يتّصل بمَن يمثّل هذا الشخص. وبمعزل عن هويته واسمه، فهو يشكل حالة تمثيلية أكسبتْه تلك الشرعية. وحتى انتزاع هذه الشرعية منه، يحق له أن يفرض نفسه الممثل الأقوى والأوّل عند المسيحيين. وتالياً المسألة ترتبط بالصفة وليس بالإسم. والعماد عون يملك هذه الصفة اليوم وأعطاه أياها الشعب، ولهذا السبب له شرعية المطالبة بهذا الموقع (رئاسة الجمهورية). • إذا كان الأمر كذلك لماذا ينص الدستور على إجراء إنتخابات رئاسية؟ وماذا عن الرئيس سعد الحريري الأٌقوى عند السنّة ولم يتولّ رئاسة الحكومة إلا مرةً خلال 11 عاماً، إضافة الى أنكم أطحتم بحكومته العام 2011؟ - لبنان بلد قائم على أساس الديموقراطية التوافقية - الميثاقية، وليس على منطقٍ عددي بحت. صحيح أنه تحصل انتخابات نيابية وتفرز موازين قوى إنما يبقى التوافق أساساً لتشكيل الحكومات وإدارة البلاد ولعمل مجلس النواب، وقليل من الأمور تذهب الى التصويت والانقسام. وفي منطق الطائف السعي الى التوافق هو أولوية مطلقة، وعندما يتعذّر ذلك تذهب الأمور في حالات قليلة جداً الى التصويت. •... ولكن عندما ينص الدستور على نصاب الثلثين لجلسة انتخاب الرئيس، فهذا يعني وجوب أن يحصل بتوافق مع المكوّنات الأخرى... - ولهذا السبب حالياً لم تتوافر أكثرية الثلثين لأيّ من المرشحين. • ما أفق معركتكم؟ وفي لحظة الفرز والضم في المنطقة أليس من الأفضل حفظ رأس الجمهورية وسدّ ثغرة الفراغ بانتخاب رئيس كأولوية تفوق الشخص؟ - لماذا سيكون الضغط اليوم على المسيحيين الذين يطالبون بأحقّيتهم في اختيار هذا الموقع الذي يعود إليهم في النظام السياسي وليس على الآخرين الذين يرفضون انتخاب الأكثر تمثيلاً عند المسيحيين؟ وأين التناقض بين أن يصل الى الرئاسة الممثل الأقوى عند المسيحيين وبين حفْظ البلاد ولا سيما في هذه المرحلة الصعبة؟ • الموضوع بالنسبة الى موقف المعترضين على العماد عون لا يتمثّل في كونه الأكثر تمثيلاً بل في تموْضعه السياسي وخياراته الإستراتيجية... - هذا المنطق لم يعد يصحّ بعد ترشيح الرئيس الحريري للنائب سليمان فرنجية لأنه في نفس التموْضع السياسي والاستراتيجي للعماد عون. •... لكن الرئيس الحريري ربما يكون أخذ ضمانات من فرنجية... - هذا موضوع آخر. • هل أعطيتم الرئيس الحريري ضمانات؟ - حصل حوار مع الرئيس الحريري وهو طرح هواجس وأخذ أجوبة عليها. • ولكن قد يقول البعض: فرنجية ليس مرشح «حزب الله» الرسمي بل العماد عون؟ - في المعنى السياسي ليس هناك فارق فيما يخص علاقة العماد عون بـ «حزب الله» وعلاقة الوزير فرنجية بالحزب. • إذاً لماذا لا يريد الرئيس الحريري انتخاب العماد عون؟ - يُسأل الرئيس الحريري ما هي العقبات التي تحول دون ذلك. • للانتخابات الرئاسية في لبنان طبقتان خارجية وداخلية... - (مقاطعاً) أكيد أن هناك بعداً خارجياً للأزمة اللبنانية. اليوم لبنان وُضع على خريطة تَقاسُم النفوذ في المنطقة، وحتماً هو إحدى الساحات (والحمدلله أنها ساحة باردة وليست ساخنة كما الساحات الأخرى). وحكماً القراءة للوضع اللبناني تدخل في هذا الإطار. وعندما يخرج الحل من أيادي اللبنانيين يصبح المطلوب مقايضة على المستوى الإقليمي وهو الأمر الذي لم ينضج بحيث يسهّل أحد الأطراف الإقليميين الحلّ للآخر. • لكن البعض يسأل ما مصلحة الجنرال عون الذي يُعتبر مرشح الإشتباك الإقليمي لدعم «حزب الله» له، بأن يتحول مرشح اشتباك داخلي من خلال التصعيد الأخير الذي قابله مثلاً النائب وليد جنبلاط بدعوتكم للانتحار لوحدكم بعدما كان لم يمانع انتخاب «الجنرال» رئيساً؟ وتالياً كيف سيصبح العماد عون رئيساً؟ - الفراغ مسارٌ تراجعي وتأزيمي متدرّج وله تداعيات سيئة على النظام والمؤسسات بدليل كيف انعكس ذلك على عمل مجلس النواب ثم على مجلس الوزراء. وهذا تعبير عن أنه لم يعد لدى اللبنانيين القدرة على حل خلافاتهم السياسية. واليوم هناك منطقان: واحد يريد المحافظة على الواقع كما هو والاستمرار في الحال الانتظارية الى ما لا نهاية، وآخر يتفاعل مع المشاكل التي تحصل ويسعى لكسْر هذه الحالة من خلال الضغط السياسي الذي نقوم به، وهذا منطق العماد عون. • وهل يشي الأفق الخارجي والداخلي بإمكان إحداث الخرق المطلوب... - (مقاطعاً) أعتقد أن الأزمة الحالية يمكن إذا استمرّت واشتدّت وزادت تَأزُّماً أن تصل لإنتخاب رئيس لأنه لم يعد هناك أي مخرج الا إنتخاب رئيس لوضع حدّ لها. • ولكن أين العقبة الداخلية الفعلية؟ - هناك فريق أساسي اسمه «المستقبل» لم يحسم أمره ولديه اعتبارات يُسأل عنها، ربما لها علاقة بالخارج وبوْضعه الداخلي وأزماته. • أليس لها علاقة بسلوككم حياله مثلاً بدعمكم 7 مايو 2008 وتطيير حكومته من دارة الجنرال عون... وقطع one way ticket له؟ - المواقع الأساسية في النظام الطائفي اللبناني يجب أن تعود وفق مقاربتنا للأمور الى الأكثر تمثيلاً بمعزل عن علاقتنا السياسية معه، وبعدها تأخذ اللعبة السياسية مداها داخل المؤسسات على مستوى التحالفات وغيرها. وفي رأينا أن احترام الميثاق يستدعي وصول الأكثر تمثيلاً الى موقع رئاسة الجمهورية. وربما نختلف مع الآخرين في هذه النقطة. • ولكن في تاريخ لبنان تجربة 1970 حين اختار الأقوياء الثلاثة كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده دعم سليمان فرنجية بعدما شعروا بأن لا حظوظ لأيٍّ منهم بالرئاسة... هل يمكن أن يدار البلد بمنطق أنا أو لا أحد؟ أنا أو لا جمهورية؟ ومَن سيدفع أثمان المعارك الخاسرة؟ - أولاً من المبكر جداً الحكم على مآل المعركة التي نخوضها، والموضوع هو ممثل المسيحيين الأقوى أو لا أحد وليس أنا أو لا أحد. ونعم هناك مقاربة تريد الإستمرار بالمنطق التسووي الذي ساد منذ اتفاق الطائف لجهة اختيار رئيس الجمهورية دون أن تكون له أي صفة تمثيلية، وثمة منطق يريد كسر هذه الحلقة والذهاب لوضع معايير تمثيلية صارمة لأي رئيس جمهورية من الآن وصاعداً. والإشتباك اليوم هو على هذا المستوى، والعماد عون رأس حربة في فرض منطقٍ جديد في التعاطي مع خيار رئيس الجمهورية، أياً يكن، على قاعدة واقعه التمثيلي. • ثمة من يقول إن معارككم تحديداً بين 1988 و1990 انتهت الى طائف يعتبره بعض غير المتحمسين له «طائفاً سنياً»، والخشية الآن في ظل اندفاعة إيران في المنطقة أن نكون أمام «طائف شيعي» يريده حزب الله الذي لا يخفي نيته بإحداث تعديلات في تركيبة السلطة، ومجدداً ألن يكون المسيحيون مَن يدفعون الثمن مع العماد عون؟ ألا تلعبون بالنار؟ - نعتبر أن المسيحيين أصلاً هم في مسارٍ انحداري يجب وقفه. وكسْب هذه المعركة يعيد تصويب هذا الوضع. وإذا خسرنا المعركة يعني الأمر استمراراً للمسار الانحداري وربما تسريعاً له، ولكن يكون قدَرهم الخسارة في نهاية المطاف. • هل من أجل شخص؟ - ليس من أجل شخص. لنضع جانباً موضوع الرئاسة، هل قانون الانتخاب هو موضوع شخص؟ ولماذا يبقى المسيحيون محرومين من حقهم في أن يتمثلوا وفق منطق المناصفة الذي قام عليه اتفاق الطائف؟ إذاً هناك عملياً مشكلة حقيقية في الشراكة، والرئاسة أحد عناوينها ولكن ليست لوحدها. وتالياً هذه مشكلة عامة أبعد من أي شخص، وهناك استياء وإنزعاج كبير لدى فئة واسعة من اللبنانيين وإمعان في حرمانها الكثير من حقوقها، وهذا يوجِد حال إحباط وتباعُد بما يهدد الوحدة الوطنية والشعور بالانتماء والتعايش مع الشريك الآخر. وهذا يجب عدم تبسيطه ووضْعه في سياق شخْصنة بسيطة لها علاقة بمرشح رئاسي. • تضعون كرة تعطيل الرئاسة في ملعب الرئيس الحريري فماذا عن الرئيس نبيه بري الذي أكد النائب فرنجية من على منبره المضي بترشحه والتوافق الكامل معه؟ وعندما يطلب حزب الله من التيار الحر أن يحصل على موافقة الرئيس بري و«المستقبل»، أين يكون التعطيل، علماً أن المستقبل أكد أنه سينزل كما دائماً الى أي جلسة وليُنتخب العماد عون وسيهنئه؟ - من السهل الذهاب الى جلسة إنتخاب عندما يملك فريق «تيار المستقل» الأكثرية العددية بحكم قانون الانتخاب غير العادل بحقّ المسيحيين وبحكم برلمان ممدِّد لنفسه مرتين وفقَدَ الكثير من أهليته الشعبية. وتالياً الموضوع لا يُحل في هذا المجلس إلا من خلال تسوية وليس من خلال المنطق العددي. • هل أنتم مُطْمئنّون الى دعم «حزب الله» لترشيح العماد عون وهو الذي مارس «موْنته» على النائب فرنجية لمقاطعته جلسة الحكومة ولم يطلب منه الإنسحاب من السباق الرئاسي؟ - الموضوع مختلف تماماً، والاعتبار الرئاسي مختلف كلياً عن مجرّد حضور جلسة حكومية أو عدمه. • ولماذا أنتم غير قادرين على إقناع الرئيس بري بانتخاب العماد عون؟ - هناك أسباب تحول دون ذلك، ولكن هذا موضوع أعتقد أنه غير مقفل ويمكن معالجته، والمشكلة اليوم ليست مع الرئيس بري في شكل رئيسي بل هي مع «تيار المستقبل»، ولكن بالطبع الرئيس بري ممر إجباري إنما لا يكفي من دون المكوّن السني. واليوم المسؤولية الأكبر تقع على «تيار المستقبل» وبعدها تعالج المشكلة مع الرئيس بري. • في موضوع الميثاقية البعض يسأل: أنتم وقّعتم ورقة تفاهم مع «حزب الله» الذي تربطكم معه علاقة «تكامل وجودي» كما قال العماد عون، فأين الميثاقية مثلاً في أن فريقاً لبنانياً يقفز فوق كل شركائه في الوطن ويمسك بقرار الحرب والسلم ويحارب خارج لبنان؟ - اعتبارات الحرب لها علاقة بـ «داعش» الذي استدرج الطائرات الأوسترالية لمحاربته فكيف بالحري استدراج فئة من اللبنانيين على تماس حدودي مع سورية وتشعر بخطر وجودي على نفسها؟ وتالياً دعونا لا نربط الأمور ببعضها البعض. • لكن هناك لبنانيين آخرين لا يوافقون على ذلك، علماً أن «حزب الله» سبق أن استعمل سلاحه في الداخل اللبناني في العام 2008... - دعونا لا نربط الأمور ببعضها. واليوم هناك حرب كبيرة في المنطقة بين مَحاور ودول، هي حرب عالمية بالواسطة. وثمة اصطفاف لبعض الفئات اللبنانية بين المَحاور المتصارعة، وهذا كله من تداعيات الحرب الإقليمية الحاصلة، وعلينا قدر الإمكان أن نحاول التخفيف من تداعيات هذه الحرب على الداخل اللبناني وأن نتعايش مع ما ليس لدينا القدرة على حله، وفي الوقت نفسه نحمي وحدة لبنان واستقراره ونقوم بإدارة خلاف للمواضيع التي نتنازع عليها. ومشاركة حزب الله في سورية هي أحد هذه المواضيع التي اتفق أًصلاً حزب الله و«المستقبل»، المعنييْن في المحوريْن المتصارعيْن، على التحاور حوله وتحييده عندما قررا تشكيل الحكومة الحالية ومن ثم الإنخراط في حوارٍ ثنائي. • السيد حسن نصرالله سبق أن قال إنه معكم بالنسبة الى الرئاسة منذ ما قبل العام 2008، والسؤال أن «7 مايو» حصلت وبعدها اتفاق الدوحة، فلماذا لم يَفرض العماد عون رئيساً؟ - لم يستطع. •... لأن الحزب اختار التسوية؟ - وحينها نحن قبِلنا أن نسير بالتسوية. • والآن ثمة مَن يرى أن العماد عون لا يمكن أن يكون «رئيس التسوية» نتيجة التموْضعات القائمة وما يقوله «حزب الله» عن مراعاة المكوّن السني في اختيار الرئيس... - هذا سبر أغوار في النيات أو محاكمة نيات. نحن نحكم على ما يقال حالياً، وموقف «حزب الله» واضح وعلى هذا الأساس يتم التعاطي معه. • بالعودة الى موضوع الميثاقية، لم تعد المشكلة إذاً لها علاقة بالحكومة والحوار والتعيينات بل أن الميثاقية تتجسد بالنسبة إليكم في إنتخاب العماد عون رئيساً ونقطة على السطر؟ - تتجسد في انتخاب الأكثر تمثيلاً أياً كان إسمه، وإذا كانوا يحبّون فليجروا انتخابات نيابية ننتخب على أثرها الأكثر تمثيلاً، ولنرَ ماذا يقرر الناس. ونحن مستعدون للذهاب الى انتخابات نيابية تسبق الرئاسية على أساس أن المجلس الجديد ينتخب الرئيس وفق منطق الأكثر تمثيلاً ومهما كانت النتائج. • الآن ماذا؟علقتم الحوار وعلقتم المشاركة في الحكومة... - (مقاطعاً) كل وسائل الضغط السياسية والشعبية المتاحة أمامنا سنستخدمها من أجل كسر تلك الحلقة الانتظارية الفارغة التي نعدّ فيها الأيام والأسابيع ولا نتقدم خطوة واحدة. • لكن الحكومة انعقدت الخميس الماضي من دون حضوركم، فكيف ستردون؟ - هذه الحكومة اليوم لا يمكن أن تستمرّ كما هي، وعملياً هي لم تنعقد فجلسة الخميس الماضي كانت أقل من جلسة، والجلسة المقبلة ربما لا تجد نصاباً. هناك مشكلة يجب الذهاب الى صميمها ومعالجتها ولا يمكن أن تستمرّ البلاد في هذه الحال، ونحاول وقف المسار الانتظاري وما يستجرّه من حال إهتراء. • بالنسبة إليكم لا ضرورة لعودة الحكومة الى العمل الفاعل قبل انتخاب رئيس؟ - لا شيء يمنع تلك العودة في شكل فاعل، ولكن الحكومة لم تقم بواجباتها. • ما المطلوب منها؟ - كانت أمام تعيينات مثلاً ولم تقم بها. • الرئيس سلام سأل أنه لو كان أرجأ الجلسة الأخيرة فماذا تطلبون للجلسة المقبلة؟ - قصة التعيينات كانت أحد الأسباب. • لكن السؤال ماذا تطلبون للعودة الى الجلسة المقبلة؟ - لا أريد الحديث عن نعود أو لا نعود. واليوم أعتقد أن الموضوع «شويّ» صار أبعد وبتنا أمام طرح مشكلة التعاطي مع المسيحيين في شكل أوسع، ويجب تحديد مفاهيم. وفي جلسة الحوار أعطينا فرصة لتحديد مفاهيم كيفية التعاطي مع موضوع الميثاقية من الجميع. وإذا تمّ هذا التحديد ربما نتوصل معهم الى خريطة طريق واحدة فيما خصّ التعاطي مع مسألة الميثاقية، وقد يكون هذا مخرجاً للأزمة، على أن يكون هناك تسليم منذ الآن بأنه هكذا يسير البلد، أي لا يُعقد مجلس الوزراء إلا وفق هذه المعايير وكذلك الأمر بالنسبة الى البرلمان، ولا يُنتخب رئيس إلا وفق هذه المفاهيم، أياً كان هذا الرئيس. • لكنكم تكرسون أعرافاً فيما خص الميثاقية. الرئيس السنيورة يقول إن الميثاقية تكون في تشكيل الحكومة وبعدها تخضع لمنطق الديموقراطية البرلمانية؟ - هذا هو المنطق الذي نختلف حوله مع الآخرين. • لكن تيار المستقبل غاب عن الحكومة بعد انقلابكم على الرئيس الحريري في 2011 ولم يطعن بميثاقية الحكومة؟ - وما الذي جرى. ألم يخرج خاسراً في النهاية؟ • الجنرال عون عندما كُلف بالحكومة العسكرية الانتقالية العام 1988 أكمل بها رغم انسحاب «المسلمين» منها، وخاض من خلالها حربين، هل كانت تلك حكومة ميثاقية؟ - تلك مرحلة مختلفة تماماً. كنا ما قبل جمهورية الطائف وكان لبنان في ظرف حرب وانقسام كبير، ولا يمكن إغفال الضغوط التي مورست من السوريين على الوزراء المسلمين للاستقالة. وتالياً لا يمكن مقارنة تلك الحقبة بما نحن عليه اليوم، وإثارة هذه المسألة من البعض هي على طريقة الهروب الى الأمام. • هناك إنطباع بأن حزب الله الذي «مسَك واجب» معكم في الجلسة الأخيرة للحكومة متمسّك بعملها وأراد من التضامن معكم تفادي انفجار الحكومة وترْك مجال للاتصالات لمعاودة تفعيلها. ألا تخشون أنكم كمَن يقفز من شجرة الى شجرة أعلى وقد لا تجدون سلّماً يساعدكم على النزول؟ - ربما. ولكن اليوم العماد عون سئم من الحال الانتظارية التي ربما لا تشكل عاملاً ضاغطاً على الآخرين بمن فيهم حزب الله. إنما العماد عون يعتبر أننا أمام مراوحة قاتلة، وقد تختلف وجهة نظره في هذه النقطة مع حزب الله. وهو يرى أن الضغط لكسر هذه الحلقة والذهاب الى فرض انتخاب رئيس قد يكون أفضل من البقاء الى ما لا نهاية في وضعيّة الانتظار. • إذاً لن تعودوا للمشاركة في الحكومة بانتظار ماذا؟ - لن أقول نعود أو لا نعود. بحسب تَفاعُل الآخرين مع القضايا التي نطرحها، وإذا كان الاتجاه لمزيد من التصعيد والمواجهة أو الى معالجة هذه القضايا، نحدّد عملياً كيفية التعاطي مع الموضوع. • اي ما حصل في جلسة الخميس للحكومة لم يكن مستفزاً؟ - كان أفضل من الذي حصل قبل أسبوع بالتأكيد. • وإذا عادت الحكومة للاجتماع واتخاذ قرارات؟ - لن يكون بمقدورها العودة للعمل بشكل طبيعي، بالأمس كان نصف اعتراف بأنه لا يمكن أن يستمرّ البلد بتجاهُل الأزمة القائمة. والإعتراف الكامل قد يأتي في الجلسة المقبلة. • ماذا عن ورقة الاستقالة، لماذا لا تلعبونها؟ - نحن نحفظ خط الرجعة فيها يخص المعالجة. ورقة استقالتنا ستؤدي لاستقالة الحكومة حكماً اذ لا يمكن لحزب الله أن يستمر في حكومة نحن مستقيلون منها. وهذه ستكون رصاصة الرحمة على الحكومة، ولم نقفل بعد كل أبواب الحلول ولكن قد نصل الى هذا الحدّ في لحظة ما. • واذاً ما باب الحل بالنسبة إليكم؟ - اليوم أعتقد أنهم فوّتوا فرصة في جلسة الحوار الأخيرة وكان يجب أن يكون التعاطي معها مختلفاً. والتدهور مستمرّ ويمكن استلحاق الموضوع من خلال كل المساعي التي تحصل. • أي نتحدث في الرئاسة بشكل أساسي؟ - هناك رئاسة وقانون انتخاب وملفات أخرى. المشكلة أن البعض يرى أن لديه مكتسبات من المرحلة السابقة ويريد الإبقاء عليها ولو على حساب الشراكة مع الآخر وهذا المنطق سيدمّر العيش المشترك. وفي مكانٍ ما يجب أن يملكوا الشجاعة لتسوية ما مشرّفة. • هل يمكن أن يوصل كل هذا الضغط الى خرقٍ ما في قانون الانتخاب؟ - ان شاء الله. وقد يكون ذلك أحد الحلول. • يكون ذلك مدخلاً لانتخابات نيابية قبل الرئاسية؟ - ربما هذا إحتمال وارد جداً. • ما أفق المواجهة أي عُدتها وسط اعتبار أن أي تحرك للشارع محكوم بالأزمة الداخلية للتيار الحر؟ - كل الوسائل السياسية والشعبية متاحة وكل وسائل الضغط ستُستعمل للوصول الى إعادة إرساء شراكة حقيقية وتصويب مسار التعاطي مع المسيحيين في كل إستحقاقات الدولة اللبنانية ومؤسساتها. واليوم الأزمة فُتحت على مصرعيها. • وما موقف «القوات اللبنانية» من تصعيدكم وإمكان اللجوء الى الشارع؟ - «القوات اللبنانية» معنية حكماً بمعركة استعادة الدور المسيحي ومعركة الميثاقية. أما على صعيد التكتيك السياسي، ففي مكان ما «القوات» تعرف أنه عندما يدخل التيار في معركة تتخطى موضوع التعيينات والتمديد ويذهب الى قضية التعاطي مع المسيحيين، لا يمكن لـ «القوات» أن تبقى متفرجة. • هل صحيح أنكم تبلغتم من «القوات» أنها ليست مع التحرّك في الشارع؟ - لا أعرف. ما أعرفه أن «القوات» لا يمكنها أن تبقى متفرّجة ويحب أن تكون معنية، وإلا سينعكس ذلك حكماً في مكانٍ ما على العلاقة معها. • «القوات» كانت أعطت أول إشارة أنها مع التمديد للعماد قهوجي في حال تعذر التعيين... - الموضوع يتخطى مسألة تعيين قائدٍ للجيش وأصبحنا في مكان آخر.

مشاركة :