هل تغير الثورة التكنولوجية الأخيرة وجه الاقتصاد العالمي؟

  • 9/14/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل الطفرة التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم خلال الآونة الأخيرة، التي غيرت وجه الحياة قاطبة، بدأ سؤال ملح يفرض نفسه على الكثيرين من المهتمين والمتخصصين بالاقتصاد، وهو: هل يمكن للتكنولوجيا أن تغيّر من وجه الاقتصاد العالمي؟ تحدث، في الآونة الأخيرة، اثنان من أبرز الأساتذة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وعلوم الروبوت لوكالة بلومبيرغ، وهما: روبرت غوردون من جامعة نورث وسترن، ومؤلف أحد أشهر الكتاب هذا العام، وهو صعود وهبوط النمو الأمريكي، ويقابله في الجهة الأخرى إريك برينجولوفوسون، من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف كتاب عصر الآلة الثاني. حرص روبرت غوردون وإريك برينجولوفوسون على الإجابة عن هذا السؤال، كل من وجهة نظره الخاصة، فغوردون يميل إلى التفاؤل حول نمو الاقتصاد خلال السنوات القادمة، في حين أن برينجولوفوسون قلق بأن النظام السياسي لن يقوم بما هو ملقى على عاتقه لضمان استفادة الشعب الأمريكي من سيل الابتكار. وقال غوردون: إن الشركات لم تحصل على أرباح إنتاجية ضخمة في الجولة الأولى من الثورة الرقمية خلال ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم، مشيراً إلى أن ما حدث في ال10 سنوات الأخيرة كان تحولاً من الوثائق الورقية إلى الحواسيب الشخصية والمحمولة، واستبدال كتيبات التعليمات الورقية بأخرى إلكترونية. وأوضح أن العالم تحول إلى عصر أجهزة الصراف الآلي، ومسح الباركود لإتمام معاملات الشراء في المحال التجارية خلال فترة قياسية بلغت 10 سنوات فقط، إذ إن العالم تخطى مرحلة غياب الأسس الاقتصادية التي أثرت سلباً في الابتكار. مرحلة اقتصادية أفضل من جانبه، قال برينجولوفوسون، إن الاقتصاد يقبل على مرحلة أفضل، مشيراً إلى أن تفاؤله لا ينبع من استقراء ما حدث مؤخراً بمعدلات الإنتاجية في الشركات، بل من زيارته للشركات والمصانع والإطلاع على خطة الأعمال فيها. وأضاف: دعونا نعود إلى الوراء ونتذكر مصطلح الكساد العلماني الذي وضعه ألفين هانسن في ثلاثينات القرن الماضي، التي تعني أن تباطؤ النمو السكاني مع التقدم التكنولوجي سوف يحد من فرص الاستثمار في الاقتصاد، حيث ستعمل الشركات على الاحتفاظ بالمال وادخاره بدلاً من إنفاقه، لكن اتضح أن هانسن كان خاطئاً تماماً، إذ اعتبرت عقود الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي أفضل عقود الإنتاجية والنمو مع تطور الآلات والمصانع، لذا ينبغي علينا أن نتعظ من ذلك الدرس، ونتحلّ ببعض التواضع حول عما نعتقده، وعما سيحدث في المستقبل. وعود الذكاء الاصطناعي وفي موضوع الذكاء الاصطناعي، قال برينجولوفوسون: إنه في الوقت الذي قام فيه بتأليف كتابه، كان البشر أكفاء أكثر من الآلات في إنجاز المهام، ولكن أصبحت الآلات حالياً أكثر كفاءة ودقة من البشر، حيث تتفوق عليه في التعرف إلى لوحات الشوارع، ومعالجة الصور في قواعد البيانات الكبيرة، مثل: برنامج (Imagenet). وقام فريق ديب مايند التابع لشركة غوغل مع باحثين عدة بتحويل تقنياتهم إلى مراكز بيانات، واكتشفوا على نحو سريع بأن بإمكانهم تشغيلها بكفاءة أكبر، فهم يعملون حالياً على تشخيص الأمراض بشكل أفضل. وما تقوم به الشركات حالياً هو أخذ جوهر الذكاء الاصطناعي للتكنولوجيا ودراسة الآلة ودمجها مع المعرفة في مجالات عدة لخلق منتجات وخدمات جديدة. دعوات جديدة ذكر غورودن أن هناك دعوات جيدة من المرشحيّن الرئاسيين في الولايات المتحدة والخبراء الاقتصاديين، أمثال: بول كرغمان ولاري سمرز لإعداد برنامج كبير للاستثمار في البنية التحتية. ويعتقد غوردون أن هذه القضية أصبحت ملحة، نظراً لتراجع معدلات الفائدة، ومدى قدرة الحكومة على الاقتراض بمعدلات متدنية، لتمويل تطوير الشوارع الرئيسية وبناء الجسور، وكذلك حصولها على الدعم، لتحسين وسائل النقل الجماعي في أماكن كثيرة تعاني النقص. ويحذر غوردون من أن الإنفاق الكبير على البنى التحتية لا يعني بالضرورة نمو معدلات الإنتاجية. ويؤمن بأن الاهتمام الأكبر للحكومة يجب أن ينصب على تعليم الأطفال ما دون سن الرابعة قبل دخولهم إلى المدرسة. تفاؤل حذر يقول روبرت غوردون: إن الولايات المتحدة لا تزال متقدمة على الجميع من حيث الإنتاجية، لكن توجد دول أصغر منها تنافسها في هذا المجال، ونحن نتأهب في الدخول فترة سوف يسجلها التاريخ كأفضل سنوات للاقتصاد الأمريكي، فنحن نمضي في خلق الوظائف، وسوف تشهد البطالة معدلات منخفضة كتلك التي سجلت في عامي 1999 و2000، التي كانت قريبة من 4%، والنتيجة هي أن عملية الحصول على الوظائف ستكون ميسرة، وسوف تقوم الشركات بالمنافسة على العمال والأجور.

مشاركة :