«جلسات بورتريه».. اختبار لعلاقة الوقت والمال

  • 9/16/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما هي مكانة القيمة في سياق الزمن والمال؟ يطرح الفنان الهندي فيكرام ديفيشا هذا السؤال، من خلال مشروع معرض فني افتتح في مركز تشكيل بدبي، أخيراً. يحمل المعرض مشروعاً يقوم على إيجاد الترابط بين الوقت وعالم الأموال، ويأتي تتويجاً لعمل الفنان ما يقارب العام مع فنانة وكاتبة نقدية حول قضايا فنية. ويقدم المعرض المعنون «جلسات بورتريه 2016» نحو 28 لوحة، كلها عبارة عن بورتريه شخصي للفنان، وتصوره بأشكال عدة، منها الفنية والهزلية والمضحكة، إلى جانب التجريبية والمغيبة الملامح، وكذلك التجريدية. بدأ العمل بمشروع الرسم «جلسات بورتريه» في 26 يوليو الماضي، وسيستمر العمل بالمشروع حتى نهاية المعرض في 13 أكتوبر المقبل، وقام ديفيشا بدعوة كثير من الرسامين غير المحترفين ليكونوا «فنانين» في برنامجه ويرسمون صورته الشخصية، على أن تكون المدة الزمنية لكل جلسة مقابل 150 درهماً، يشتريها بحسب المعدل الاحترافي لكل مشارك، مع الأخذ في الحسبان خبرة ديفيشا في دفع هذا المبلغ للعمال كأجر عمل يومي لمدة تسع ساعات، التي تم استخدامها كوحدة أساس لهذا المشروع. ويتمحور المشروع حول المدة الزمنية الاحترافية القياسية التي يمكن لمبلغ 150 درهماً أن يشتريها من الأفراد العاملين، ضمن مختلف الطبقات المهنية والاقتصادية. وتم تزويد المشاركين بمعدات الرسم، فمنحوا قماش بنفس القياس، إلى جانب الألوان وفرش الرسم، لتقديم ديفيشا، فيما يتم اعتبار مجموع اللوحات في المعرض عملاً واحداً. نبذة ولد الفنان فيكرام ديفيشا عام 1977، في بيروت، ونشأ في مومباي، ويقيم حالياً في الإمارات. ومن خلال التفاوض الدائم على المساحة والمواد والعمال، يعمل ديفيشا مع ما يسميه «عمليات التأسيس»، وهي القوى والإمكانات التي تسود في المجتمع، لذا يحاول ديفيشا العمل من خلال الأنظمة الحكومية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما دفعه ليوائم نفسه مع الدور التجارية والحدائق البلدية، ومهندسي تفجير الصخور، وغيرها من التخصصات الأخرى المتنوّعة. حصل الفنان على جائزة الفنان الناشئ في الشرق الأوسط عام 2014. تنوّعت مجموعة البورتريهات في المعرض بين الرسمية والجادة، التي ركز أصحابها على تقديم الفنان بشكله الواقعي، مع خلفية بيضاء، بحيث تصبح اللوحة أقرب إلى صورة رسمية، فيما كانت بعض اللوحات متميزة كونها تخفي التفاصيل وملامح الوجه بشكل كامل، فلا يحضر إلا شكل الرأس. كما أن رسم الصورة لم يمنع البعض من الذهاب إلى الحدود الهزلية والمضحكة، فتم تقديم أعمال تحمل هذه الجوانب، وتبرز الفنان بصورة غير نمطية، ومغايرة لما هو عليه في الواقع. لوحات من الخلف، أو أخرى تجريدية، لم تكن غائبة عن المعرض، على الرغم من كونه يهدف إلى تصوير الوجه، فهنا يمكن القول إن «الرسم بات أداة تعبيرية لدى كل منهم، وأوجد في المعرض الكثير من الأنماط، منها التي تبرز رؤية فنية حقيقة لدى أصحابها، في حين أن بعض اللوحات بينت هوايات فنية ليس أكثر». هذا النوع من المشروعات، وعلى الرغم من كونه يعبّر عن التصور الفني للفنان، فإنه قد يغيب هويته وبصمته، فهو لم يشارك بأي عمل، بل اكتفى بالإشراف على المشروع. وقال فيكرام ديفيشا لـ«لإمارات اليوم»، إن «المشروع يبرز طريقتي في الإجابة عن السؤال حول ما هو الوقت الذي يمكن أن يمنحني إياه الشخص مقابل 150 درهماً، وأن المشروع له كثير من القوانين، ومن خلال المشروع تمكنت من التعرف إلى النظرة المختلفة لدى كل شخص للعلاقة بين الوقت والمال». وأشار إلى أنه «يتواصل مع أشخاص لا يرتبطون بالفن من أجل إنجاز هذا العمل، ولهذا قد يتواصل في الفترة الممتدة حتى انتهاء المعرض، وكذلك الميزانية المرصودة للمشروع مع مزيد من الناس، كي يرسموا البورتريهات». ورفض ديفيشا البوح بالمبلغ المرصود، مشيراً إلى أنه «من الأمور السرية ضمن الاتفاق الموقع بينه وبين من رسموه، كما رفض التصريح بالساعات التي استغرقتها الأعمال، وأسماء من قاموا بها، كونها تعدّ من الشروط الأساسية أيضاً». وشدد ديفيشا على أن «العمل على هذا المشروع كان مع أشخاص ليسوا فنانين»، موضحاً أنه «كان حريصاً على وجود التنوّع في الخلفيات الثقافية لهؤلاء الأشخاص». أما عن نظرته إلى العلاقة بين المال والوقت بعد العمل على المشروع، أشار إلى أنه «لا يمكن تحديد موقفه من هذا الموضوع إلى أن ينتهي المشروع». واعتبر أن «وقوفه في خلفية المشروع، وإشرافه على العمل، دون العمل بشكل مباشر فيه، لا ينقص من دوره الفني، فرسالته تتمثل في قدرته على تقديم ما هو جديد، كما أنه يهتم إلى العملية التي يسير بها العمل، إلى جانب اهتمامه بالعمل ضمن قاعدة البناء والعملية، فهناك أكثر من طريقة يمكن أن تفهم فيها المشروعات». ولفت الى أن «هناك بورتريهات مفضلة بالنسبة إليه، ولكن لا يعرف السبب»، مشيراً إلى أنه «لا يضع أي قواعد للأشخاص الذين يرسمون، بل يمنحهم الكانفاس والألوان، ويقوم بمنحهم بعض الأساسيات لطريقة قياس الوجه، ولكل منهم الحرية في تقديم الوجه بأسلوبه، (رسمية أو هزلية أو مضحكة)، فهم يعبّرون عن أنفسهم، ويختارون الوقت الذي يريدونه».

مشاركة :