تنتظر شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالمساعدات من تركيا في منطقة عازلة على الحدود مع سورية تمهيداً لنقلها إلى شرق حلب مع بدء انسحاب الجيش السوري أمس الخميس (15 سبتمبر/ أيلول 2016) من طريق الكاستيلو المؤدي إلى المدينة والذي ستسلكه تلك القوافل. يأتي ذلك غداة تمديد اتفاق الهدنة الساري منذ مساء الاثنين بموجب اتفاق روسي - أميركي لفترة 48 ساعة إضافية. وللمرة الأولى منذ بدء سريان الهدنة، أعلن يان إيغلاند، الذي يرأس مجموعة العمل بشأن المساعدات الإنسانية في سورية، أن «الشاحنات العشرين عبرت الحدود التركية، وهي في منطقة عازلة بين تركيا والحدود السورية». وينص اتفاق الهدنة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف المدنيين في حوالى عشرين مدينة وبلدة محاصرة غالبيتها من قوات النظام. وأعرب إيغلاند للصحافيين عن أمله في أن توزع المساعدات اليوم (الجمعة) في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب وحيث يعيش 250 ألف شخص محاصرين من قبل قوات النظام منذ أكثر من شهرين بشكل متقطع. ويتساءل ابو إبراهيم (53 عاماً) من سكان حي أقيول في شرق حلب، «ما الفائدة من تجديد الهدنة ونحن لا نزال محاصرين؟» ويضيف «كنا نموت قصفاً والآن نحن متروكون للموت جوعاًـ لا طعام لا شراب ولا حتى سجائر». وحث موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا الخميس الحكومة السورية على السماح بإدخال المساعدات «فوراً» إلى المناطق المحاصرة. وشرح أن القافلة لا يمكنها أن تنطلق طالما لم يتم التحقق من سلامة طريق الكاستيلو التي ستسلكها الشاحنات، مؤكداً أن الأمم المتحدة تنتظر تأمين هذه الطريق بموجب الاتفاق الأميركي الروسي. الانسحاب من الكاستيلو وينص الاتفاق على تحويل طريق الكاستيلو إلى منطقة خالية من السلاح. وتشكل الطريق خط الإمداد الرئيسي إلى الأحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ أسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة. وبعد وقت قصير على تصريحات مسئولي الأمم المتحدة، أعلن مسئول مركز تنسيق العمليات في سورية الجنرال فلاديمير سافتشنكو «طبقاً لالتزاماتها، بدأت القوات السورية بسحب عتادها العسكري وجنودها تدريجياً». وأضاف أن فصائل المعارضة لم تبدأ في المقابل بسحب مقاتليها. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن أن الفصائل المعارضة المتمركزة في نقاط عند بداية الطريق ونهايتها لم تنسحب من مواقعها حتى الآن. وأقامت القوات الروسية بدورها على طريق الكاستيلو مركزاً لمراقبة تطبيق الاتفاق. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون دعا في وقت سابق واشنطن وموسكو إلى المساعدة على إزالة العوائق أمام إيصال المساعدات. وأوضح المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الانسانية في مدينة غازي عنتاب التركية، دايفيد سوانسون لـ «فرانس برس» أن «الخطة حالياً هي إرسال 20 شاحنة فور حصولنا على الضوء الأخضر، لتلحق بها 20 شاحنة أخرى في اليوم التالي، وهذا يتعلق بالوضع الأمني على الأرض». وأضاف «من الممكن القول إنه بالنظر إلى الوضع الحالي على الأرض من المستبعد جداً أن تتحرك الشاحنات اليوم». وفي حي الزبدية في الجزء الشرقي من حلب، قال مصطفى مرجان (30 عاماً) «أنا لا أريد فقط أن يتوقف القصف بتجديد هذه الهدنة وإنما أريد أن يسمحوا بدخول الخضار والمحروقات». وأضاف «كيف سنطبخ ونطعم أطفالنا ولا يوجد أي نوع من الوقود في السوق؟». لا ضحايا وبعد انتهاء سريان المرحلة الأولى من الهدنة مساء الأربعاء، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف تمديدها لمدة 48 ساعة إضافية تنتهي عند الساعة السابعة مساءً (16,00 ت غ) الجمعة. وبحسب المرصد السوري «لم يسقط أي ضحايا بين المدنيين والمقاتلين في المناطق المعنية بالهدنة منذ دخولها حيز التنفيذ يوم الاثنين». وأكد يان إيغلاند بدوره «تراجع أعمال القتل إلى حد كبير» وعدم ورود «تقارير عن مقتل مدنيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. كما توقفت الهجمات على المدارس والهجمات على المستشفيات». ومنذ بدء سريان الهدنة، توقفت المعارك بشكل كامل تقريباً بين قوات النظام ومسلحي المعارضة على مختلف الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة بحسب ناشطين والمرصد السوري والأمم المتحدة. ويستثني الاتفاق الجماعات الإرهابية من تنظيم «داعش» وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد، على غرار الاتفاق السابق الذي تم التوصل إليه في فبراير/ شباط الماضي واستمر لأسابيع. وإذا صمد اتفاق وقف الأعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي إلى تعاون غير مسبوق بين موسكو وواشنطن لمواجهة التنظيمين الإرهابيين. لكن موسكو اتهمت أمس واشنطن بعدم الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاق. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنيكوف في بيان إن واشنطن «لا تفي بالتزاماتها وفي المقام الأول فصل مسلحي المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين». وبموجب الاتفاق، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها «المعارضة المعتدلة» والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، بحسب ما قال وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري لدى الإعلان عن الاتفاق. وتتحالف فصائل المعارضة في مناطق عدة أبرزها محافظة إدلب مع جبهة فتح الشام.
مشاركة :