ترجمة - أحمد عثمان بالنسبة لي، تنبجس الذكرى حينما أحاول إدراك سخرية القدر أو أسعى لإقناع طلابي بضرورة الذهاب إلى أقصى حد. هذا يتعلق برولان بارت، الناقد الأدبي الذي سافرت للدراسة على يديه في باريس خلال عام 1974. عصرذاك، شارك خمسة عشر طالباً فقط في حلقته الدراسية الأسبوعية. كنت الأميركي الوحيد في مجموعة غالبية أعضائها من الفرنسيين. كان صوت بارت يثير اهتمامنا أكثر من أي شيء آخر. نبرته الهادئة والعميقة تصقل الكلمات التي ينطقها، وتجعلها واضحة. يسحر عقلنا بكلماته. كانت كلماته تدور في عقلنا، تفتح فضاءات خيالية راجعة دوماً إلى فكره. كان كل واحد منا مسجلاً للحصول على الدكتوراه من الدرجة الثالثة. قررت كتابة أطروحتي حول اللغة والموت، حول خطاب الموت في وسائل الإعلام الأميركية. أجهل تماماً ما الذي دفعني لاختيار موضوع مرعب مثله. الموت، قابلته حينما التحقت بالمارينز، غير أنني كنت أسعى لفهم شكل آخر للموت. الموت حاضر في الحياة، في كل اللحظات التي لا نحياها، الموت يلغم الحياة. بدأت أجري أبحاثي في المكتبة الوطنية، وأدون المراجع على بطاقات (×85). لم أتمكن من الكتابة، ولكنني كنت مسحوراً من جراء القلق من الصفحة البيضاء الذي سوف يتبدد عندما أثابر على العمل. لم أنجح في إتمام جملة على الصفحة البيضاء. ربما كانت لهذه الإعاقة علاقة بالخوف من الكتابة بلغة أخرى. كنت أتحدث الفرنسية بطلاقة، ولكن لم أعمل من قبل على الكتابة بها على صفحة بيضاء. مضت خمس سنوات. كل ما جهزته لأطروحتي، علبة من الورق المقوى مملوءة ببطاقات (×85)، مواد ثانوية مجمعة من المراجع التي قرأتها. ولكن لم أبدأ بعد في كتابة أطروحتي عن الموت واللغة. كانت حياتي موزعة ما بين صالة القراءة في المكتبة الوطنية، والملهى الليلي في (حي) مونبارناس حيث أعمل حتى الفجر. كل صباح، عندما أجتاز البون - نوف لكي أرجع إلى مسكني، ألقي نظرة إلى نهر السين، وأدرك أن نهاراً جديداً بدأ في الانسيال. لم أبدأ بعد في كتابة أطروحتي عن الموت واللغة. ماذا سأفعل في حياتي؟ أشعر بأنني واقع في شرك. ... المزيد
مشاركة :