تم بريدة أمتع إمام جامع ابن القيم في بريدة، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة القصيم، الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز العقل، المصلين خلال خطبة الجمعة، وهو يروي مَشاهد إنسانية أبطالها رجال الأمن المشاركين في حج 1437هـ، والذين أسهموا بعد توفيق الله جلَّ وعلا ثم اهتمام القيادة في إنجاح الموسم؛ عارضًا مقولة وشهادة أحد النصارى عن الحج. وقال في معرض خطبته: ودّعت منى ضيوفها؛ مَن دَاخَلَها راغبًا، ومن تَسَلّل إليها راهبًا. كم رُفعت فيها من دعوة، وكم بُثت فيها من شكوى، ودّعها المثقلون بأعباء السنين آملين الفرج، ودّعها مظلومون ينتظرون فصل القضاء. وأضاف: غابت الرافضة هذا العام عن الحج؛ فكانت علامة فارقة، ويسّر الله للحجيج حجهم من الأذى بفضل الله جل وعلا، بارك الله في حج هذا العام ببركة غياب الرافضة الذين ما دخلوا بلدًا إلا أفسدوا فيها، وغرسوا الفتنة بين أهلها، واستخدموا كل أساليب المكر والخداع، وتشهد جماهير الحجاج بيُسر وبركة الحج لهذا العام، وسهولة أداء المناسك وسلامة الطرق والانسيابية العجيبة في عموم العرصات والمشاهد والمشاعر، ورأينا في حج هذا العام ما يسُرّ ويُثلج الصدر، ويدعو للتأكيد على أن كل مَن أسهم في تنظيمه وشارك في خدمة الحجاج وسعى في راحتهم، يستحق دعوات صادقة نرسلها إلى السماء بظهر الغيب؛ أن يكتب الله لهم الأجر العظيم والثواب الكبير؛ جزاء ما عملوا وبذلوا وأعطوا وقدموا. واستعرض العقل عددًا من المشاهد الإنسانية للمسؤولين ورجال الأمن؛ قائلًا: يتسابق أهل الخير في تقديم آلاف الوجبات من الطعام المعلب والجاهز الذي يوزع مجانًا على الحجاج، ويتسابق الموزعون على إيصاله إليهم بحب ورحابة صدر، ورأينا بعد رمي الجمرات صندوقًا مملوءًا بالأحذية والصنادل الجديدة، وقد كُتب عليها إذا فقدت حذاءك فخذ حذاءً جديدًا، ومن هنا رأينا -بحمد الله- نماذج رائعة من تنافس الشباب على خدمة الكبار والمرضى والمقعدين في صور بهية، وهي مشاهد مبهجة وقصص مشرقة تبعث على السرور والابتهاج، ويظل رجال الأمن في الحج سمة رائعة في حضور كبير، وفوق كل هذا أخلاق راقية وتصرفات نبيلة، لا تكاد تمرّ برجل من رجال الأمن إلا وتجده يحمل في يده بخاخ رش المياه، أو قارورة ماء فتحها من جهة من الجهات لرش المياه على الحجاج ليخفف عنهم الحرارة والرطوبة، ويلاحقهم بطريقة لطيفة، ويبتسم في وجوههم. وتابع: لست مبالغًا؛ بل هي الحقيقة التي رأيتها ورآها الكثيرون في الحرم والمشاعر، يساعدون الكبار ويحملون الصغار ويراعون أصحاب الظروف والاحتياجات الخاصة، ولم أجد مَن يتذمر أو يرفع صوته عليهم، ومن الواضح أن هناك تدريبًا وقبولًا ورغبة ذاتية منهم؛ بدليل أن بعضهم كان يقطع كراتين الورق ويحوّلها إلى مروحية، يهف بها عن الحجاج ويبرد عليهم بلا تعب ولا كلل، في أجواء أخوية جميلة وجهود كبيرة. وأردف: لقد كانت -ولله الحمد- حجة مباركة ميسّرة، والفضل لله أولاً ثم لكل الذين وقفوا أنفسهم وصبروا ورابطوا في سبيل حج مبرور لمليوني مسلم، وفدوا ضيوفاً على الله؛ فوجدوا -بفضل الله- بيته الحرام مهيئًا ليستقبلهم، كريمًا في ضيافتهم، آمنًا مطمئنًا تخفق فيه رياح الإيمان والرضا والقبول. وروى العقل للمصلين مقولة لأحد النصارى يقول عن جدوى التنصير في البلاد الإسلامية؛ حيث يقول: سيظل الإسلام صخرة عاتية تتحطم عليها سفن التنصير والنصرانية ما دام للإسلام هذه الدعائم من القرآن واجتماع الجمعة الأسبوعي، ومؤتمر الحج السنوي. وتوقف عند مقالة مشهورة تُنسب لأحد الساسة الأجانب، تكشف عن أهمية الجانب السياسي للحج في تقييم الساسة غير المسلمين؛ حيث يقول: ويل للمسلمين إذا لم يعرفوا معنى الحج، وويل لأعداء الإسلام إذا أدرك المسلمون معنى الحج. وتابع: نعم، إنها شهادة النصراني والأعداء بعد أن يئسوا من ذلك الدين، وسيظل الإسلام هكذا صخرة عاتية تتحطم عليها كل سفن الكفر والإلحاد، وما تحمله من مؤتمرات ودسائس لهذا الدين الحنيف رغم أنوف الأعداء، ويظل الحج مَعلمًا من معالم وحدة الأمة الإسلامية. واختتم العقل خطبة الجمعة داعيًا لكل مَن أسهم في نجاح موسم الحج حيث كان؛ لأن الله مكّنهم من إتمام حجهم، وإظهار الأمن، وفضح العدو وإفشال مكرهم، وسائلاً الله لهم الدعوات بالنصر والتمكين والعز لبلاد الحرمين، وحفظها ووقايتها من شر الرافضة والأعداء والحاسدين؛ مشيراً إلى أن الحج أكبر تجمع يمثل الأمة الإسلامية على مختلف شعوبها واختلاف لغاتها؛ ليكون المؤتمر السنوي للأمة الإسلامية تلتقي فيه الأفئدة والقلوب، وتذوب فيه كافة أشكال النعرات العنصرية بين آحاد الأمة الإسلامية، ويتساوى فيه الناس جميعاً فيذكرهم بيوم الحشر والنشر بين يدي الله تعالى.
مشاركة :