يعمل الاتحاد الأوروبي الذي كان في طليعة المفاوضات بشأن التصدي للتغير المناخي في كانون الأول (ديسمبر) 2015 في باريس، على تسريع عملية المصادقة على اتفاق باريس خشية أن يجد نفسه على الهامش. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قمة الاتحاد الأوروبي ببراتيسلافا حول مستقبل الاتحاد، إن كل أعضاء الاتحاد الأوروبي باتوا مستعدين للتوقيع بأسرع ما يمكن ولن نكون آخر من يوقع. وفي بداية أيلول (سبتمبر) قبيل قمة مجموعة العشرين في الصين، قدمت أكبر دولتين ملوثتين في العالم الصين والولايات المتحدة الأمريكية للأمين العام للأمم المتحدة مصادقتهما على الاتفاق تحت أنظار الأوروبيين الذين باتوا تحت الضغط. وبحسب "الفرنسية"، فقد ذكر مصدر دبلوماسي أوروبي أنه لا بد من أن تبقى أوروبا في موقع الزعامة، وإلا فسنكون إزاء خطر مرتبط بإجراءاتنا الداخلية، وسنكون حاضرين ضمن أول المشاركين. ويحتاج تنفيذ الاتفاق العالمي حول المناخ الهادف إلى احتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند عتبة 2 في المائة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، إلى أن تصادق عليه 55 دولة تمثل مجتمعة 55 في المائة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وأدت مبادرة الصين والولايات المتحدة إلى دفع مهم للأمور، وبحسب الاتفاق الإطار للأمم المتحدة حول التغير المناخي، فقد صادقت 27 دولة على الاتفاق تمثل 39 في المائة من انبعاثات الغاز المسبب الاحتباس الحراري وذلك حتى 15 أيلول (سبتمبر) 2016. وأفاد مصدر في المفوضية الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي قدم ككيان موحد التزاماته في مجال خفض الانبعاثات إلى الأمم المتحدة، وبالتالي لا شيء يمنع دولا أعضاء من المصادقة كل على حدة. ومن نتيجة مصادقة الاتحاد الأوروبي الذي يمثل 12 في المائة من الانبعاثات، حسم أمر تنفيذ الاتفاق في شكل شبه تام، غير أن أوروبا تجد صعوبة اليوم في أن تكون في مقدم الطريق وأن تكون ضمن أول المصادقين، بحسب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. واعتبر يونكر هذا الأسبوع أن ذلك يعطي مثالا جديدا على الصعوبات التي يواجهها الأوروبيون في الوفاء بوعودهم ما من شأنه أن يقوض مصداقية الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتكتل فإن مصادقة اتفاق دولي يفترض أن يتم أولا في إطار الاتحاد ثم لدى كل دولة عضو، ما يمكن أن يتطلب وقتا طويلا، وحتى الآن وحدها فرنسا والمجر والنمسا أنهت عملية المصادقة. وقال جوش روبرتس من منظمة "كلاينتايرث" غير الحكومية أن الاتحاد الأوروبي يأخذ في الاعتبار مسألتين سياسيتين وهي، مساهمته في الحراك السياسي الذي يدفع باتجاه المصادقة على اتفاق باريس من جهة، ومن جهة أخرى يريد أن يضمن أن يكون موجودا على الطاولة التي تتخذ فيها القرارات. وسيركز المؤتمر العالمي حول المناخ من 7 إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر) بمراكش، على تنفيذ اتفاق باريس، وليتمكن الاتحاد الأوروبي من المشاركة في اتخاذ القرار في هذا المؤتمر يجب أن يقدم مصادقته قبل شهر من انعقاده. والسؤال داخل الاتحاد الأوروبي يتصل بمعرفة كيفية تقديم المصادقة باسمه في انتظار مصادقة باقي الدول الأعضاء لاحقا، بحسب مصادر متطابقة. وسجلت سيغولين رويال وزيرة البيئة الفرنسية ورئيسة مؤتمر المناخ (21)، في 7 أيلول (سبتمبر) تقدما في مصادقة الأوروبيين، مؤكدة أنه لم يعد هناك أي بلد عضو يربط بين مصادقة الاتحاد على الاتفاق وتقاسم جهود خفض الانبعاثات حتى 2030. واعتبر ويندل تريو مدير منظمة "كليميت اكشن نيتوورك يوروب" غير الحكومية، أن الأمر يشكل عقبة لبعض الدول الأعضاء، لأنه إذا كانت الأهداف الشاملة للاتحاد الأوروبي محددة (40 في المائة على الأقل من تقليص الانبعاثات مقارنة بمستويات تسعينيات القرن الماضي) فإن توزيعها على الدول الأعضاء لا يزال موضع نقاش بناء على اقتراح للمفوضية الأوروبية في تموز (يوليو). وأضاف تريو أن ما أفهمه أن كل الدول لم تعط حتى الآن موافقتها لكن من المرجح جدا أن تفعل ذلك تحت ضغط الدول الكبرى في الاتحاد، ويتوقع أن تأتي موافقة المجلس الأوروبي أثناء اجتماع استثنائي لوزراء البيئة من 28 إلى 30 أيلول (سبتمبر)، قبل تصويت في البرلمان الأوروبي متوقع في بداية تشرين الأول (أكتوبر) لتصبح الموافقة رسمية.
مشاركة :