انصح ولا تفضح...! - ثقافة

  • 9/19/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يُحكى أن هناك رجلاً دخل أحد المساجد فصلى جماعة مع المصلين، فإذا بهاتفه النقال يرن، فبعد انتهاء الصلاة تحدث أحد المصلين بصوتٍ عالٍ أمام الملأ ووبخ الرجل وقاله له يجب أن تحترم المسجد وأن تغلق هاتفك، فشعر الرجل بالإحراج الشديد بسبب ردة فعل الرجل التي كانت مبالغ فيها، فخرج من المسجد وهو حزين على الموقف الذي تعرض له، فذهب لقهوة قريبة منه فجلس في إحدى الطاولات فإذا بـ (معلم الشيشة) يرحب به أفضل ترحيب كونه ضيفا جديدا لم يتعرفوا عليه من قبل فقام (معلم الشيشة) بخدمة الرجل أفضل خدمة حتى أصبح يرتاد هذه القهوة، وبسبب المعاملة الحسنة التي لمسها من العامل أصبح من مدمني (الشيشة) وترك المسجد الذي كان يزوره دائماً. فالأول في القصة نصح ولكن نصيحته لم تكن نصيحة بل كانت (فضيحة) والآخر تعامل بشكل حسن فكسب زبونا لم يعتد على الذهاب (للشيشة) فأصبح زبونهم الدائم، فهكذا يكون تأثير التعامل مع الآخرين فقد تكسب إنسانا وقد تخسره بسبب كلمة أو بسبب استخدامك للأسلوب الخاطئ في نصح الآخرين، فللنصيحة أثر كبير في مجتمعاتنا، ففي الأسرة يجب أن تُهدى النصيحة لتصحيح مسار الأبناء وفي العمل ليتعلم الموظف من أخطائه، وفي المدرسة لتوجيه الطلبة نحو الاتجاه السليم، ولكن عندما تُمارس النصيحة بطريقة خاطئة فقد تخسر ابنك في البيت وقد تلاحظ تذمر موظفك في العمل وقد تشاهد إصرار طالبك على الخطأ، فدعونا نتفكر في سيرة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد اتخذ السلام والمعاملة الحسنة سبيلاً لنصح الآخرين فقد انتشر ديننا الحنيف بواسطة النصح والمعاملة الحسنة ولم ينتشر بالتشدد والإرغام، ولنأخذ في خطاباته لملك كسرى والحبشة عبرة، فهو كان يبدأ خطاباته دائماً في تمجيد الشخص المُخاطب ومن ثم يبدأ في نُصحه وهذا الذي يجب أن نراعيه في توجيه النصح للآخرين، فإذا أردت أن تكسب قلبه وتجعله مهيأ لقبول نصيحتك فيجب أن تبدأ بذكر الإيجابيات التي فيه ومن ثم تُحدثه عن أخطائه، والأمر الأهم أن تكون النصيحة بينك وبينه فقط، فكما قال الشافعي: تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّبني النصيحة َ في الجماعة فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طاعة ولهذا يجب أن نراعي آداب كثيرة ونتعلمها قبل أن نمارس هذا السلوك، فممارسة النصيحة بالشكل السليم يجعلها سلوكا راقيا ينهض بالأمم، أما ممارستها بشكل خاطئ فقد تجعل البغضاء والكراهية تملأ القلوب وتحصل التفرقة بين الناس وتصبح النصيحة هاجسا يخافه الكثيرون. * كاتب كويتي Twitter: @Aziz_815

مشاركة :