القاهرة: الخليج أثار اللقاء الذي جرى السبت، بين سامح شكري وزير الخارجية المصري، ومولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي، التكهنات حول إمكانية، حدوث تقارب بين القاهرة وأنقرة، خاصة أن هذا اللقاء هو الأول من نوعه بين مسؤولين رفيعي المستوى، وتم بشكل معلن، على هامش اجتماعات دول حركة عدم الانحياز، في فنزويلا. وحرصت وزارة الخارجية المصرية على إعلان اللقاء، حيث نشر المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم الوزارة، صورة الوزيرين، مع تعليق مقتضب يلخص الحالة بقوله: اللقاء عكس رغبة في تجاوز الخلافات. وهذه هي المرة الأولى، منذ تدهور العلاقات بين مصر وتركيا، إثر ثورة 30 يونيو، التي يعلن فيها الطرفان عن رغبة واضحة في تجاوز الخلافات، وفي كل مرة كانا يلجآن إلى التراشق الدبلوماسي، لذا فالملاحظ هذه المرة أن اللقاء جرى في أجواء غلبت عليها التهدئة، وهو مايعني أن الظروف صارت مهيأة لإمكانية تجاوز الخلافات القائمة، خاصة أن التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما لم ينقطع ولم يتأثر بالخلاف السياسي، فعدا عن إلغاء اتفاقية الرورو، بقي هذا التعاون قائماً ونشطاً. ويلاحظ أيضاً أن الأجواء الإقليمية والدولية تصب في صالح هذا التقارب، فموقف مصر وتركيا يكاد يتشابه، إلى حد ما، من معظم أزمات المنطقة، بما في ذلك الأزمة السورية، فتركيا طورت تشددها، بعد التفاهم مع روسيا، لتصبح قريبة من موقف مصر المتمسك بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، إلى جانب ذلك دخلت تركيا على خط محاربة الإرهاب، وهو ماتنادي به مصر. يضاف إلى ذلك تماثل موقف الدولتين من القضية الفلسطينية، وخاصة الحصار الإسرائيلي على غزة. وتدرك الدولتان أن حالة الفوضى التي تمر بها المنطقة، تهدد الجميع، خاصة بعدما أدركت تركيا أن الإرهاب لايمكن ترويضه وتوظيفه، دون عواقب، وذلك إثر محاولة الانقلاب الفاشلة، والتفجيرات الإرهابية التي ضربتها، ولاتزال، بين الحين والآخر. وعلى الرغم من أجواء التقارب، لاتزال هناك بعض المعوقات، وفي مقدمتها أجواء عدم الثقة، التي نشأت في أعقاب ثورة 30 يونيو، فمصر تأخذ على تركيا، رفض الاعتراف بإرادة الشعب المصري، وما أنتجته الثورة، من إطاحة بحكم الاخوان، وإقحام نفسها، بشكل متكرر، في شؤونها الداخلية، ولذا تشترط القاهرة لأي تقارب، أن تتوقف هذه التدخلات. ويبدو من تفاصيل الصورة، بين وزيري خارجية مصر وتركيا، أن أنقرة تتخلى عن عجرفتها، وتعود إلى أرض الواقع، خاصة أن موقفها من القاهرة، كان مبنيا على التصيد، وعلى برجماتية مغلفة بمثالية زائفة، وأنها بالفعل في الطريق إلى الاستفاقة، وتصحيح موقفها من مصر.
مشاركة :