نحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه التي لا تعدُّ ولا تحصى، فقد كتب الله لنا هذه الفسحة الزمنية التي ولله الحمد كانت معينةٌ لنا على الاستزادة من خيري الدنيا والآخرة، فكانت فرصة للاستزادة من العمل الصالح وبما يعين على ذلك من الأعمال الدنيوية، وقد تعددت الوجهات السياحية وتنوعت التوجهات الأسرية وكانت الجداول ولله الحمد مزدحمة بالسفريات والمناسبات والرحلات والزيارات، نعمٌ تتزايد ومناسبات تتوالد، وأفراح تتكاثر وأضواءٌ تتناثر. هذه النعم لن تدوم إلا بشكر الله أولاً، ثم بتقدير مصادر الخير وموارده، فكل منهلٍ يجف وكل ورقة تذبل وكل غصنٍ ينحني إن لم تجد من يتعهدها ويرعاها ويهتم بها، ونحمد الله الذي جعلنا نعود عوداً حميداً موفقاً لأعمالنا ومهامنا وواجباتنا ونحن بكامل قوانا العقلية والبدنية والنفسية في أمنٍ وارف وأمانٍ من كل مخاوف، في سترٍ وعافية ومعافاة من الله سبحانه في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله وأيدهم بنصره وتمكينه. إِنَّ من نعم الله علينا معشر التربويين أن منحنا الله سبحانه وتعالى نور العلم ومنارة الفكر وضياء الروح وتزكية العقل وتهذيب النفس وتربية البدن وتعليم الحرف وتفتيح الذهن وتنوير البصيرة، ونقش الفاتحة والإخلاص والمعوذات والشهادتين في العقول، وتدريب الجوارح على العبادة وطيّب السلوك، وتنقية الروح من الشوائب والشكوك، والسمو بالعقل والتفكير إلى مدارات اليقين بعيداً عن مدارج الحائرين. هنا في المملكة العربية السعودية نعمٌ لم نرها في كبريات دول العالم وأنا على ثقةٍ أن الجميع يتفق على ذلك إلا جاحد وناقم، نعم ينقصنا بعض الشيء ولكن أكثر ما ينقصنا ثقافة التعامل مع هذه النعم والخيرات والمعطيات. وعلى مستوى التعليم في المملكة، كان الهم الأكبر في عهد الملك فهد رحمه الله التوسع الأفقي في نشر التعليم في كل مدن وقرى وهجر المملكة، حيث وصل التعليم كل منزل وكل أسرة، ثم بدأ التركيز في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله على إيصال التعليم لكل فردٍ داخل الأسرة حيث وصلت الأمية في عهده رحمه الله إلى أدنى مستوياتها، وها هي وزارة التعليم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه تركز على التعليم النوعي الذي يضمن جودة الأداء ويكفل جودة المخرجات، من أجل تعليم منافس عالمياً. إن ثقة ولاة الأمر بقدرات وإمكانات المعلم السعودي جعلت الدولة تتجه لسعودة جميع التخصصات الأدبية والعلمية بعد أن كانت الكثير من التخصصات محصورة في المعلم الأجنبي، كما أن ثقة وزارة التعليم بإمكانات المعلم السعودي جعلت منه قائداً تربوياً في جميع المستويات الإدارية، فجعلت المعلم مخططاً ومنفذاً ومقوماً لجميع خططها وإستراتيجياتها وبرامجها ومشاريعها، وها نحن ننطلق لعام دراسي جديد، نسأل الله أن يجعله عام نصر وفتح ونور وبركة وهدى وتوفيق ونجاح وفلاح. استقبلت مؤسساتنا التعليمية أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة ونصف مليون معلم ومعلمة بمختلف مشاربهم الفكرية وتنوع بيئاتهم الأسرية والاجتماعية وتباين ظروفهم النفسية والصحية والبدنية، تستقبل أكبر شريحة من شرائح الوطن، تستقبلهم لساعات سبع، ومالم تكن هذه السويعات محصنة لأفكارهم ومهذبة لسلوكهم فسيكون هناك فكر معادٍ أو مضادٍ أو مخالفٍ إما بنفس القوة وعكس الاتجاه أو بقوة أعلى وعكس الاتجاه، إنني أرى ومن وجهة نظري أن اليوم هو يومٌ مختلفٌ من عدة جهات وهي: ـ هذا العام الدراسي ١٤٣٧-١٤٣٨ هـ يأتي بعد أطول إجازة صيفية وهذا يفرض علينا جميعاً عملاً جاداً وحماساً وانتظاماً بعد فترة من الاسترخاء والراحة والاستجمام لمن لم تكدر صفوه الدنيا بفقد أو مرض أو عارض. ـ هذا العام هو انطلاقة حقيقية للبدء في تحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠ وهذا يفرض علينا جميعاً أن تكون الرؤية حاضرةً في جميع برامجنا ومشاريعنا ومبادراتنا، بل يجب أن تنطلق منها. ـ هذا العام يطيب لي أن أسميه عام النجاح فما تحقق من نجاح لعملية عاصفة الحزم وما تم من تحالف دولي لعشر دول مجتمعة على هدفٍ واحد لهو نجاح يفرض علينا مزيداً من الجد في دعم وتكريس روح المواطنة والانتماء. ـ عام النجاح وما تم من إجهاض لعمليات إرهابية والقضاء على المخربين والمفتنين ودعاة الظلال يجعلنا أكثر حذراً ويقظةً وحرصاً على عقول وأفكار أبنائنا ومحاضننا التربوية ومعاقلنا التعليمية. ـ عام النجاح وما تحقق من نجاح في موسم حج هذا العام وما رأيناه من تخطيط وتنظيم بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن نايف رئيس لجنة الحج العليا والأمير خالد الفيصل رئيس لجنة الحج المركزية يفرض علينا الاحتفاء بهذا النجاح ومواصلته ومحاكاة ذلك تخطيطاً وتنفيذاً. ـ عام النجاح وما شاهدناه من تفانٍ من رجال الأمن منسوبي وزارة الداخلية في سبيل خدمة حجاج بيت الله الحرام وما تناقلته وسائل الإعلام العالمية عن رفق ورحمة وتواضع رجال الأمن وتعاملهم مع ضيوف الرحمن يجعلنا نحن المعلمين أكثر رحمة ورفقاً ولين جانب مع أبنائنا الطلاب. إن من أهم عوامل التغيير على مستوى المؤسسات والأفراد هو تبني فلسفة كما تقول المؤلفات والكتب والمراجع والدراسات والدورات، وإنني سأختصر هذه الفلسفة من واقع الممارسة العملية والتطبيق، هذه الفلسفة تكمن في التقيد بتعاليم الدين الإسلامي والالتزام بقيمه، وحث الأبناء والبنات الطلاب والطالبات على الالتزام بالسلوكيات والممارسات وفق ميزان الدين الإسلامي، ولن نجد معياراً أفضل من هذا المعيار، فوالله لم تتقدم الدول إلا بالتقيد بتعليمات وقيم الإسلام، فنحن لا نحتاج لمادة أو مقرر يقدم درساً عن الأمانة والإخلاص والصدق ولا للائحة الانضباط والانتظام والسلوك، بل نحتاج إلى ممارسة فعلية وحقيقية تُبَلور المعنى الفعلي لهذه القيم وجعل ذلك جزءاً من حياتنا وممارساتنا. أمنيتي لكم جميعاً بعامٍ جديدٍ وعمرٍ مديدٍ وأملٍ فريدٍ ورأيٍ سديدٍ. *مدير مكتب التعليم بجنوب شرق الطائف
مشاركة :