من يجهل طبيعة المنافسات وتعقيداتها في دوري الدرجة الأولى، يستغرب صعود الاتفاق بصعوبة حتى الجولة الأخيرة من الموسم الماضي، وظن كثير من محبي فارس الدهناء أن عودة فريقهم إلى موقعه بين الكبار سيكون أكثر صعوبة، نحو استعادة أمجاده السابقة ومقارعة المنافسين، ومع الظهور الأول للاتفاق في دوري جميل، أمام حامل اللقب الأهلي، كانت الخسارة المدوية 1-4، وحينها تصاعدت مخاوف جماهيره من صعوبة المشوار، على الرغم من تقديمه المستوى الفني المقبول، الذي اختفى تحت مظلة النتيجة الكبيرة على ملعبه. ومع إطلالة الجولة الثانية للفريق على ملعبه أيضاً أمام النصر ظهر جلياً أن خسارة الأهلي لم تكن ذات تأثير معنوي بالغ على اللاعبين ليخطف الفريق أول ثلاث نقاط بعد الفوز 1- صفر، وحينها تنفس العشاق الصعداء، باكتساب الثقة في وقت باكر، ليواصل الفريق انتصاراته القوية وهذه المرة أمام الهلال وصيف الدوري الماضي، بعد أن عاد الضيف الاتفاقي محملاً بالنقاط الثلاث بكل جدارة. ماحدث للاتفاق بعد الخسارة الكبيرة أمام الأهلي ثم الفوز على النصر والهلال، يشير لا محالة لحجم العمل الإداري الكبير بقيادة الرئيس الطموح خالد الدبل، الذي يشرف على الفريق منذ موسمين، إذ برزت أولى ثمار العمل بالصعود إلى دوري الأضواء، ثم كسب ست نقاط ثمينة في ثلاث جولات، وأمام فريقين كبيرين كثنائي العاصمة. من شاهد الاتفاق الجديد بروح وعطاء لاعبيه الشباب، وباختياراته العناصرية الأجنبية، يدرك أن خلف ذلك تخطيط إداري ومتابعة مستمرة، وتحفيز متواصل، ساهم في تفجير طاقات اللاعبين، بعد أن حضرت قتاليتهم بوضوح، خصوصاً في المواجهتين الماضيتين، إذ كانت قتالية اللاعبين سلاحاً مهماً طغى على كل الجوانب الفنية، وهو ماتجلى بعد تسجيل هدف الانتصار الثاني أمام الهلال، فكان التناغم والتناسق والتماسك سمات ميزت خطوط الاتفاقيين، وأنذرت بقية فرق الدوري، بظهور مختلف وعودة أقوى لفريق الكوماندوز إن استمر في بقية مواجهات الدوري، بذات العطاء بالروح والحماس. ومن المنصف الثناء على العمل الحالي الذي يضطلع به الجهاز الفني الاتفاقي، بقيادة المدرب العربي التونسي جميل قاسم، وتعامله المثالي مع ظروف المباريات بكل واقعية، ونجاح تدخلاته الفنية خلال مجريات المباراة، ما دلل كذلك على حصافة الرؤية الإدارية الاتفاقية، عندما منحت المدرب الصاعد بالفريق من دوري الأولى كل الثقة، لمواصلة قيادة الفريق في دوري الأضواء، على الرغم من الأصوات المعارضة في هذا الاتجاه، مع استمرار سياسة استقطاب عناصر محلية جديدة، تسهم في تدعيم الفريق، فيما لا تنسى جماهير الاتفاق الصفقة الأهم في تاريخ الفريق الحديث، بعد التعاقد في الموسم الماضي مع الحارس المتألق أحمد الكسار، بداية من دوري الدرجة الأولى، وهي الصفقة التي ظلت حديث الوسط الرياضي، نظير أهميتها للفريق قبل الصعود، ثم قطف ثمارها عند العودة بين الكبار كما يحدث الآن، ويبقى الاتفاق من الفرق المحببة للجماهير بمختلف أطيافها، نظير منجزاته التاريخية، وتخريجه لعديد النجوم والمدربين، الذين خدموا الكرة السعودية في بداياتها، وعودته بقوة هذا الموسم ستثري بلاشك أجواء الدوري، مايرفع من وتيرة المنافسة وزيادة في الإثارة والمتعة الكروية التي ينشدها محبو الكرة.
مشاركة :