قال سياسيون ومفكرون وأكاديميون كويتيون وخليجيون إن «الأمة العربية مستهدفة وتعيش مرحلة تاريخية خطيرة كما يتعرض الإسلام لحملات تشويه محذرين من ان «الانسانية سوف تخسر كثيراً إذا حوربت هذه المنطقة الغنية بمبادئها وأسسها». ورفض السياسيون والمفكرون والأكاديميون المشاركون في ندوة «تعزيز الهوية الوطنية الخليجية» أمس بفندق شيراتون بمشاركة وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود ونخبة من المفكرين والأكاديميين الخليجيين رفضوا «الاتهامات الموجهة للعرب بأنهم متخلفون ورجعيون وليست لديهم أخلاق وحضارة كما رفضوا وصف أقطار الخليج بأنها مجرد دول نفطية فقط وتعيش في فراغ حضاري» ورأوا ان «الثقافة والإعلام تعدان في الوقت الحاضر من أقوى الوسائل التي يمكن استغلالها في تعزيز ونشر قيم الهوية المواطنة الخليجية الحقيقية في مواجهة ما تتعرض له الدول وشعوب العربية والإسلامية من حروب الجيلين الرابع والخامس» مشيرين إلى ان الأجيال العربية تعيش في حالة فراغ على أحلام لا تمت بالواقع بصلة». وقالوا إن «تعزيز الهوية يجب أن يستند في المقام الأول إلى تفعيل قرارات وتوصيات قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات والتطورات على الساحتين الخليجية والإقليمية». وتحدث وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود قائلاً إن «مضامين الهوية الوطنية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات والمحافل والمنتديات، بقدر ما أصبحت ضرورة ملحة يجب العمل على تعزيزها في ظل عصر صارت فيه قوة التلاحم والتكاتف والتآمرعامل بناء للمستقبل الذي تنتظره الشعوب، بعيداً عن التكسبات الخاصة أو المساس بعلاقات الدول والتدخل في شؤونها، ترسيخاً لمبادئ وقيم المصلحة الخليجية الواحدة». واعتبر الحمود ان «الثقافة والإعلام في وقتنا الحاضر من أقوى الوسائل التي يمكن استغلالها في تعزيز ونشر قيم المواطنة الخليجية الحقيقية وتعزيز هويتها في مواجهة ما تتعرض له دولنا وشعوبنا من حروب الجيلين الرابع والخامس، وهو ما يحتم علينا تحصين شعوبنا تجاه مغلوط المعلومات وكذب الإشاعات وترويج الأفكار الضالة، وذلك من خلال اعتماد مؤسساتنا الثقافية والإعلامية الرسمية والخاصة استراتيجية تعاون وتنسيق كامل، بخطاب ورسالة إعلامية واحدة، حفاظاً على الهوية الوطنية الخليجية وتعزيزها، وأن نعمل على تحصين شبابنا بكافة الوسائل من الفكر الهدام أو الضال». وذكر الحمود أن «تعزيز السياحة البينية بين دولنا بما تشمله من سياحة ثقافية تعد عاملاً مهماً لتوثيق الروابط الأخوية بين ابناء دول الخليج العربية ما يصل في مصلحة تعزيز مجالات الاقتصاد والثقافة لدول مجلس التعاون الخليجي». وشدد على «أهمية دور الشباب في تعزيز التواصل مع الأشقاء في دول مجلس التعاون في شتى المجالات، بأفكار ومبادرات تثري مفهوم المواطنة الخليجية». ورأى أن «تعزيز الهوية يجب أن يستند في المقام الأول إلى تفعيل قرارات وتوصيات قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات والتطورات على الساحتين الخليجية والإقليمية». وقال إن «المؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدني في دول مجلس التعاون الخليجي، تعد عاملاً مهماً في تعزيز مفاهيم وقيم الهوية الوطنية الخليجية لكافة الشرائح المجتمعية بما يسهم في نشر قيم الوسطية ونبذ أفكار الغلو والتطرف والإرهاب، بفكر ورؤى تواكب التطورات والأحداث من حولنا». وأشار إلى «أهمية هذه الندوة في تعزيز الهوية الوطنية الخليجية على المستويين الوطني والخليجي في ظل ما يحيط بدولنا وشعوبنا من تطورات وتحديات إقليمية ودولية، كما تأتي الندوة تنفيذاً لتوصيات الاجتماع الحادي عشرلقادة دول مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية في قطر الشقيقة العام الماضي». من جهته رأى الأمين العام المساعد للشؤون الثقافية والاعلامية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الدكتور خالد الغساني أن «الدعوة إلى تعزيز الهوية من متطلبات الدول الحديثة لاسيما وان هناك مرتكزات لا تنفك عنها كاللغة والدين والتاريخ والموقع الجغرافي والتي تنطبق علينا جميعاً فالهوية الوطنية متممة للهوية الخليجية فدول الخليج إسلامية الدين وعربية اللسان وامتدادها الجغرافي واحد وهو ما يمثل قيم الهوية الخليجية والتي اتفقت عليها الدول الأعضاء فى المجلس منذ العام 1981». وأعرب عن تمنياته أن يكون العام 2016 بداية حقيقية لتعزيز الهوية الوطنية فى دول مجلس التعاون لاسيما بعد مرور 35 عاماً على تأسيس المجلس الذي ساهم في تكريس الكثير ما نعتز به في نفوسنا مشيداً بدول مجلس التعاون لاتخاذها قرار مناقشة موضوع الهوية الوطنية لارتباطه بالانتماء الى مجلس التعاون. وتناولت الجلسة الأولى للندوة (دور السياحة والثقافة في تعزيز الهوية الخليجية المشتركة للمواطنين) شارك فيها رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية الأمير سلطان بن سلمان آل سعود وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الكويت الدكتور محمد الرميحي وأدارها خالد الغساني من سلطنة عمان. وتحدث الأمير سلطان بن سلمان قائلاً إن «القضية الأساسية ليست في البحث عن الهوية بل أن نكون أكثر وعياً في تحديد هويتنا (من نحن؟)، مشيراً إلى أن المنطقة الخليجية تمتلك كافة مقومات الهوية الواحدة المشتركة والشامخة». وقال إن «كثيراً ما يتم اتهامنا بالرجعية وان العرب ليست لديهم أخلاق وحضارة وهذا غير صحيح وتجن على الاسلام» لافتاً إلى دخول فلسفات جديدة تهدف إلى ترسيخ سياسة فرِّق تسد عكس ما نؤمن به وهو سياسة (أجمع وتزدهر). وأكد بن سلمان أن «الأجيال العربية باتت تعيش في حالة فراغ على أحلام لا تمت بالواقع بصلة». ورأى «ان الأمة مستهدفة وتعيش مرحلة تاريخية خطيرة»، مشيراً الى أن «بعض المسلمين في الخارج يعانون من فقدان الهوية الاسلامية فيما يعاني من تناحر المسلمين في بلادهم والجهل والتخلف والانحطاط العلمي». ورفض «ما يقال عن دول الخليج بأنها مجرد دول نفطية فقط وانما هي دول حضارة» مبيناً ان «الاستكشافات التراثية أثبتت الحضارات القديمة في هذه المنطقة التي تتمتع بموقع جغرافي عالمي في التاريخ كتقاطع طرق للتجارة والحضارة ولسنا كما لانعيش في فراغ حضاري رافضاً وصف العرب بالرجعيين ». ولفت إلى ان «المنطقة العربية عاشت في تداول حضاري ضخم، إلا ان غياب الوعي جعل الشباب ينبهر بالآخر كما ان الغزو الثقافي جعلنا نتقوقع في حالة دفاع عن النفس ما منعنا من الانطلاق للمستقبل». ورأى أن «السياحة تمثل القطاع الأول على مستوى العالم في المجال الثقافي وفرص العمل وسياحة الأعمال والتي تشكل هوية مشتركة علو مستوى العالم» مشدداً على «ضرورة استخدام السياحة لإعادة المواطن العربي الى وطنه حتى يكون واعياً لمكانته التاريخية». وقال إن «هناك حملات لتشويه الإسلام لكننا نعيش حالة من الاستعداد للانطلاق للعولمة وليس الانزلاق» لافتاً إلى أن «الانسانية سوف تخسر كثيراً إذا حوربت هذه المنطقة الغنية بمبادئها وأسسها الانسانية، فالمنطقة العربية يجب أن تكون حاضرة في بناء مستقبل الانسانية». وبدوره تناول الدكتور محمد الرميحي في ورقة بعنوان «الثقافة والهوية الوطنية تساؤلات واقتراحات» مفهوم الثقافة التي تعتبر مجموعة من الابداعات الانسانية والتقاليد والعوائد التي تصقل احساس الجماعة وسلوكها، لافتاً الى تطورات عدة لحقت بالمفاهيم الثقافية في مختلف دول العالم. وأضاف الرميحي أن «الدولة هي المناط بها رسم خارطة طريق واضحة المعالم لتعزيز الهوية الوطنية الكويتية خاصة أن الدستور يرسخ الحريات العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية». وأكد ضرورة إعادة النظر في الكثير من السياسات ومواءمتها في ظل المتغيرات في المجتمع من حيث عدد السكان ونسبة الشباب خصوصا دون الثلاثين، بالإضافة إلى تنقيتها من عناصر التمييز الموجود في بعض نصوصها. واقترح تشكيل لجنة عليا تتبع مجلس الوزراء تضم مختصين وقانونيين وخبراء اجتماع واقتصاد لتنفيذ ذلك بالاضافة إلى دراسة عوامل التعطيل البيروقراطية التي تشيع جواً من عدم الحماس للمواطنة، بالإضافة إلى وضع الخطوط القانونية الواضحة التي تفرق بين المواطنة وبين الانتماء إلى خارج الوطن وأن يبنى ذلك على قاعدة «مشاركون في الوطن ومتحدون فيه». وأكد على «أهمية إكمال خطوات السعي الجاد إلى اتمام أركان الدولة الوطنية المدنية العادلة والاهتمام بإقامة المؤسسات واحترام عملها على ألا تكون معطلة لمصلحة ناس مع ضرورة تطبيق القانون على الجميع دون تمييز، وإعادة العمــل ببرامــج تأهيــل المدرسين في كل القطاعــات وعلى كل المستويات وتنبيـه الناشئة للمخاطر الكامنة خلف التناحر الاجتماعي». واقترح الرميحي العنايــة بدراسة تأثير الإعلام الاجتماعي ووسائله، موضحاً أن «الحلول الأمنية يجب أن تكون آخر الحلول، وان الحلول الثقافيــة والمؤسسية هي المطلوبــة على وجه السرعة للحد من التأثيـر السلبي على الهويـة الوطنيـة علـى شـرائح مختلفـة مـن المجتمع بسـبب الاسـتخدام غيـر الرشـيد لوسـائل التواصل الاجتماعي». وأشار إلى «أهمية العنايـة بإيجاد إعـلام شـامل وحديـث وعلمـي لإشـاعة الهويـة الوطنيـة وتقـديم برامـج هادفـة بهـذا الاتجاه على أن تكـون مدروسـة وليسـت مدرسـية من خلال وسـائل غيـر مباشـرة تقـدم الرسـائل دون اقحـام تبشـيري متسـرع، والتوعية في المساجد والمنتديات العامة لإشاعة روح التسامح والألفة بين المواطنين ». سامي النصف: لو ضاعت السعودية ستنتهي دول الخليج خلال ربع ساعة في مداخلة له خلال الندوة دعا الكاتب سامي النصف إلى ضرورة الحفاظ على هوياتنا الوطنية قبل الحفاظ على الهوية الخليجية لأن بقاءها يسبق الهوية الخليجية، لافتاً الى ان السعودية تتعرض لحملة شرسة ولو انها ضاعت لانتهت معظم دول الخليج خلال ربع ساعة. وشدد على ضرورة ان تقوم الدول بتسويق السياحة خارجياً، متسائلاً «لماذا يأتي السائح الى دبي ويعود دون ان يذهب إلى أماكن أخرى في المنطقة؟». موضي الحمود: تحالف الحكومات مع «القوى الإسلامية» سبب الارتباك قالت رئيس الجامعة المفتوحة وزير التعليم السابقة الدكتورة موضي الحمود في مداخلة خلال الندوة إن الشباب يشعر حالياً بحالة من ارتباك حيال قضية الهوية ولايعرف ما إذا كانت هوية عالمية أم عربية أم خليجية، مشيرة إلى ان هذا الارتباك ساهمت فيه الحكومات بتحالفها مع قوى خارجية خاصة مع ما أسمته (القوى الإسلامية). وأضافت الحمود أن «هذا الارتباك مقصود من قوى معينة ساهمت بعض السلطات في وجوده، ماساهم في وجود جيل لا يعرف هويته حيث الهوية الوطنية تضاءلت وحل محلها فكر (أنا إسلامي بالدرجة الأولى)، نحن نعتز بإسلامنا لكن يجب أن يكون هناك أيضا اعتزاز بالهوية الوطنية». ورأت أن«الارتباك موجود في كتبنا ومناهجنا ويجب الاهتمام بتعديل هذه المناهج وتطويرها ودعوة المشرفين عليها لحضور مثل هذه الندوات الفكرية».
مشاركة :