لم يكن محمد عبده وهو يدخل المسرح الباذخ في قاعة سعيد 3 في مركز دبي التجاري العالمي في بداية الحفلة التي نظمتها قناة روتانا مساء الجمعة الماضية، لم يكن «فنان العرب» في حضوره المشع المعتاد، حيث كانت تعلوه غيمة حزن واضحة، - حتى وهو في كامل قيافته مرتدياً الثوب والشماغ الأبيضين والسديرية الحجازية -، تبدت هذه الغيمة الحزينة في وقفته الأولى على المسرح حتى وإن أشرق بابتسامة قليلة لم تلبث طويلاً حين تحية الجمهور له أثناء دخوله، فقد كان واضحاً أن الابتسامة تخفي خلفها قلباً متعباً حتى أن محمد عبده في تلك الليلة وعند إطلالته الأولى لم يلق التحية على الجمهور كعادته في كل حفلة أو كما فعل في سوق عكاظ في الطائف وهي حفلته الأولى في المملكة بعد غياب دام عشر سنوات حيث كان في قمة سروره وسعادته في اللحظة التي دخل فيها إلى مسرح جادة سوق عكاظ وقَبّل المقدم وحيّا الجمهور كثيراً. وعزا كثيرٌ من الجمهور هذه الحالة الحزينة التي بدا عليها فنانهم إلى إيقاف حفلتيه الفنيتين اللتين كانتا مقررتين في يومين متتاليين في الرياض وجدة الجمعة والسبت المقبلين بمناسبة اليوم الوطني السعودي قبل أن يتم إلغاؤهما فجأة، وهو الذي صادفت عودة حفلاته إلى المملكة في الطائف أغسطس الماضي ابتهاجاً كبيراً من السعوديين ومحبي الثقافة والفن والموسيقى. ولم يقتنع بعض الجمهور بمبرر الحرب لإلغاء حفلاته خاصة وأن أغانيه الوطنية كانت تقدم على جبهة الحرب في أزمة الخليج تحفيزاً للجنود المقاتلين. وغنى محمد عبده في حفلته الأخيرة في دبي وصلتين غنائيتين أدى في الأولى 8 أغنيات بدأها بأغنيته الشهيرة «الرسائل» حيث فاجأ الجمهور بــ«وليلة كانت الفرقا وقالت لي فمان الله» وتلتها ثلاث أغنيات كلها تصب في ذات الاتجاه حيث الفراق ولوم الحبيب منها أغنيته «يا راحلة، وش عاد تبغى، كلي وله، عيوني حزينة» من ألبومه الجديد التي تم توزيعه أخيراً، وصبت أغنيتاه القديمتان أيضاً «قلبك الخواف» و«إنت معاي» في ذات الاتجاه أيضا حيث الفراق واللوعة والشوق إلى لقاء المحبوب الذي عزاه كثير من الجمهور إلى أن الحبيب قد يكون في عمقه «وطناً» يتوق الفنان إلى معانقته. وتابعت «عكاظ» ردود فعل الجمهور بعد كل أغنية في الوصلة الأولى حيث استأثر الشباب بأكثر المقاعد في الجانب الخلفي في المسرح وظهرت تعليقاتهم بصوت عال عبر طلبات أغان بعينها، واعترض بعضهم على أغنياته الجديدة التي كان أداؤه فيها مركزاً نظره على ما أمامه من أوراق تحمل كلمات الأغاني حتى أنه لم يؤد أغنيات مثل «يا راحلة، سلم، كلي وله...إلخ» مثلما أدى أغنية «الرسائل» و«قلبك الخواف» و«إنت معاي» حيث الحضور الفني الكامل والألق في التنوع والتكرار على النقيض من أعماله الجديدة، وهو ما يعيد طرح السؤال، هل ينتقي محمد عبده أغانيه جيداً كما كان يفعل في الثمانينات والتسعينات وبداية الألفية الميلادية أم أن الأمر تحول إلى تجارة وربحية، وقد كان هذا واضحاً في تفاعل الفنان مع أغنياته القديمة وظهر حبه لها جيداً بشكل يفوق الوصف.
مشاركة :